لا شك أن أهم وأعظم الموارد في مختلف المجالات والتخصصات هو الكادر البشري، وتتعاظم أهمية هذا المورد في القطاع الصحي، على اختلاف تخصصات هذا الكادر (فنيين وأخصائيين وأطباء) نظراً لارتباط عملهم بحياة المرضى، لاسيما حين يتعلق الأمر بمرحلة الإسعاف الأولي فهي التي تنقذ – بعد مشيئة الله – حياة المصاب من موت مؤكد أو إصابة بليغة تحدث ضرراً يستمر مدى الحياة وهي عملية قد لا تأخذ سوى دقائق معدودة وأحياناً جزءا من الدقيقة. ونظراً لأهمية (الإسعاف الأولي) في المجال الصحي فقد عمدت الهيئة السعودية للتخصصات الصحية إلى جعل الحصول على شهادات تدريبية في مبادئ الإسعافات الأولية شرطاً لحصولهم على التصنيف الصحي، لذلك تسعى الكوادر الصحية الممارسة في المملكة للحصول على هذه الشهادات التدريبية، والهيئة تسهم بذلك وبشكل مباشر في إنقاذ عشرات الأرواح سنوياً. وقد لفت انتباهي عند قراءتي لبعض المعلومات الصادرة عن جمعية القلب الأمريكية مفادها أن مساهمة تدريبات الإسعافات الأولية – التي لا تستغرق سوى ساعات – وتحت إشراف طاقم تدريبي محترف، قد ينقذ من حالات توقف القلب المفاجئ والتي تحدث عندما يتوقف وصول الدم إلى جزء من عضلة القلب. خاصة وأن العديد من مرضى حالات توقف القلب المفاجئ ليس لديهم تاريخ مرضي لأمراض القلب ولا أصيبوا بأية أعراض تشير إلى أمراض القلب المختلفة. إن مثل هذه الحالات تحدث في المنازل بمعدل أربع من كل خمس حالات تقريباً حسب دراسات الجمعية. وقد أثبتت الدراسات التي أجرتها الجمعية أهمية التدريب على الاسعافات الاولية والانعاش القلبي المبتدئ التي تساهم وبفاعلية في إنقاذ المريض قبل الوصول إلى طوارئ المستشفى أو وصول فرق الإسعاف المتقدم. ومن ذلك يتضح جلياً أهمية إلمام الكوادر البشرية في القطاعات الصحية وغيرها من القطاعات بل وعامة الناس بمبادئ الاسعافات الاولية والإنعاش القلبي المبتدئ بما يسهم وبشكل فاعل في إنقاذ المصابين في البيئة المحيطة كالمنزل والعمل وحتى في الأماكن العامة. ومؤخراً تشترط الكثير من المؤسسات وجهات العمل غير المتخصصة في المجال الصحي وعلى اختلاف نشاطاتها أصبحت لا تمنح شهاداتها أو تراخيصها إلا بحصول منسوبيها على تدريب مرخص على الإسعافات الاولية والانعاش القلبي المبتدئ، بل إن بعض الدول المتقدمة ربطت حصول مواطنيها على الوثائق الثبوتية الشخصية وقيادة المركبات بتلقيهم لدورات إسعافية في المجالات التي ذكرتها آنفاً. إنها دعوة أوجهها للجهات المختصة للنظر وبجدية في ضرورة البدء بتنفيذ دورات تدريبية على الإسعافات الأولية وإسعاف حالات الأمراض القلبية التي انتشرت مع نمط الحياة الذي تعيشه المجتمعات المعاصرة وهي دعوة لجميع مؤسسات المجتمع الرسمية والأهلية على حد سواء وأخص منهم منسوبي الأمن والحماية والسلامة، ومنسوبي التعليم وغيرها، ما ينعكس إيجاباً على المجتمع، وأن تكون هذه التدريبات لدى جهات معتمدة دولياً كجمعية القلب الأمريكية. إنها دعوة أطلقها وكلي أمل في أن تكون مملكة الإنسانية صاحبة المبادرة الأولى والسبق في الاهتمام بالحالات الطارئة والإسعافية على الصعيد العربي والإقليمي. حفظ الله الجميع من كل مكروه وأسبغ عليهم نعمة الصحة والعافية. * مشرف إداري - كلية الامير سلطان للخدمات الطبية الطارئة