سيكون أمراً غريباً لو اتخذت هيئة سوق المال شعاراً لها «لا أدري.. لا اسمع.. لا اتكلم.. لا يعنيني ما يحدث» ثم أضافت هذه الكلمات إلى رسم يبين حدة الذبذبات وقوتها في السوق السعودي كأحد أهم ملامح السوق.. سيكون غريباً لو أعلنت الهيئة عن هذا الشعار واعلنته رسمياً.. غير أن ما يحدث الآن في السوق ووقوف الهيئة موقف المتفرج مما يحدث شيءٌ يبعث على عدم فهم ما يجري بالضبط.. غير أنه يوحي أن الهيئة فعلاً تمارس هذا الشعار ولكن بدون إعلان. ما حدث من شركة النقل الجماعي مؤخراً دليلٌ صارخ على استهتار الشركات بالمساهمين وبهيئة سوق المال وهو تضليل واضح لمساهميها وهي أي النقل الجماعي تفوقت على جميع الشركات (غير الشفافة) واختطت لها خطاً أكثر حضوراً وأكثر جرءة وأعلنت إعلانين كل واحد منهما ينسف الآخر.. يحدث هذا أمام الجميع وفي الصفوف الأولى هيئة سوق المال وهذه النتيجة «الكل ينعم بالخير وبعدم المحاسبة» وهاهم مجلس السادة أعضاء مجلس إدارة الشركة وجهازها التنفيذي لم يسائلهم أحد ولم يقل لهم علام هذا التناقض؟ ولم تقولون ما لا تفعلون؟ ولماذا تعلنون عن زيادة رأس المال ثم تذكرون لا نعرف عن الأثر المالي.. وهيئة سوق المال لا يوجد لديها رصد لإعلانات الشركات وتصاريح منسوبيها فتنتشر الإعلانات كما تريد الشركات حتى وإن تناقضت!! حسناً فعل مساهمو الشركة والمتضررون حين قدموا رسمياً شكواهم لهيئة سوق المال وانهم سيلجئون إلى ديوان المظالم إذا لم تنصفهم الهيئة كما جاء في جريدة الوطن الغراء يوم الثلاثاء الماضي. هذا دور مهم يقوم به مساهمو الشركات لإنصاف أنفسهم من تعسف بعض الشركات وهو إنذار لكثير من الشركات التي تمارس مع مساهيمها غشاً عبر إعلانات مزدوجة. لا أريد أن أتقصد شركة النقل الجماعي بسوء لا والله ولكن وددت القول الآلاف من المستثمرين تضرروا من إعلانات الشركة المتناقضة. في دولة الإمارات العربية المتحدة حدث تماماً ما حدث من النقل الجماعي حين أعلنت شركة رأس الخيمة للاسمنت الأسود انها لن تزيد رأسمالها غير انها صرحت بعد ذلك انها تنوي زيادة رأس المال فيما كان من سوق أبوظبي وهو السوق المدرجة فيه أسهم الشركة إلى أن أوقف التداول في السهم ثم أعاده سريعاً وفتح تحقيق في ذلك تم بموجبه تعويض جميع المستثمرين الذين باعوا أسهمهم بعد نفي زيادة رأس المال ومن ثمَّ معاقبة الشركة عبر تداولها في السوق الثانوي وإنذار رسمي للشركة أن عادت لهذا.. وقد تم فعلاً حصر جميع من باع من المساهمين وتم تعويضهم بمقدار ما فقدوه ولا زال أسمنت رأس الخيمة مدرجاً في السوق الثانوية في أبوظبي طيلة الستة أشهر الماضية. والملاحظ أن المستثمر وهو وقود أي سوق لم يتضرر بل عوّض ولم يوقف السهم بل من خالف أخذ عقابه. لدينا حالات كثيرة.. إذا لتعذرنا هيئة سوق المال أن لدينا قسوة أكثر مما يجب أحياناً ربما لأن العشم فيها أكبر.