أدى انتشار الأمراض التي لحقت بالدواجن إلى وقوع خسائر اقتصادية جمَّة.. ولعل أبلغ دليل على ذلك انتشار مرض انفلونزا الطيور.. كذلك ظهرت بعض المشكلات بالمنطقة العربية نتيجة التوسع في قطاعات الثروة الحيوانية والداجنية وازدياد استيراد السلالات الأجنبية وظهور بعض الأمراض المعدية وقد عكس ظهور تلك الأمراض أهمية استعمال اللقاحات والأدوية البيطرية للتحكم فيها والسيطرة عليها. ومن المعلوم أن اللقاح هو مادة حيوية معدة لاستحداث مناعة معينة لدى الجسم حيث يعطي كميات نظامية منه، وله أنواع عديدة يختص كل منها بمرض معين. وتشهد صناعة اللقاحات تقدماً مستمراً في البلدان الأوروبية مع تطور البحوث العلمية حيث إنها تنتج بطريقة فنية في معامل مختصة بذلك، وتكون معبأة بطريقة يتوفر معها التعقيم التام. وقال الدكتور عبدالله بن ثنيان الثنيان الخبير السعودي في مجال الدواجن بأنه رغم التقدم في مشروعات الإنتاج الحيواني والداجني بالبلدان العربية، وخاصة الخليجية منها، ورغم التطور في إدارة هذه المشروعات، وإدخال سلالات جديدة، وتطور نظم الإعاشة والإسكان، وتطوير تركيبات الأعلاف، إلا أن هذا التقدم لم يواكبه تقدم ملموس في صناعة اللقاحات، ومازالت معظم دول الخليج تستورد اللقاحات من الخارج عن طريق الشركات العالمية المصنعة لها، ولم يحدث أي تقدم نحو تصنيع هذه اللقاحات محلياً. واستطرد الدكتور الثنيان حديثه بأنه رغم تواجد إمكانات لصناعة اللقاحات في دول الخليج، إلا أنه لا توجد فعاليات لإنتاج هذه اللقاحات إلا في دول محدودة، وبكميات قليلة لا تفي بالطلب المحلي عليها. وعليه فقد اعتمدت دول المنطقة على الاستيراد لتوفير احتياجاتها في اللقاحات البيطرية التي تشهد تقلبات في أسعارها. وأضاف: إن مشاكل الاعتماد على الاستيراد لا تقتصر على ضخامة الكميات المستوردة منها وتكاليف استيرادها المتزايدة، بل تتعداها لتشمل فعالية هذه المواد حيث تختلف اللقاحات المستوردة في كفاءتها وفقاً للبلد المنتج، كذلك تختلف اللقاحات في مقدار ما تحققه من المناعة المطلوبة، كما أن التباين في العترات المسببة للمرض الواحد قد تختلف من بلد لآخر، إضافة إلى ما قد يحدث من تغير في ضراوة بعض هذه العترات داخل البلد الواحد مما يستوجب قيام صناعة وطنية للقاحات الأمراض الحيوانية والداجنية يتحقق معها الجودة العالية والتطور. ولا بد من التركيز على التعاون العربي في استكمال حلقات صناعة الثروة الحيوانية الداجنية إذ ان إنتاج أقل مشروع من مشروعات اللقاحات يفوق احتياج البلد الواحد، بجانب أن اقتصاديات إنتاجه تتحقق عن تسويق إنتاجه في عدد من الدول العربية. ولقد عكست دراسة حديثة أجرتها الوحدة الاستشارية بشركة «أكوليد» بالرياض زيادة الطلب على اللقاحات بدول مجلس التعاون الخليجي نتيجة لزيادة حجم وتطور مشروعات الثروة الحيوانية والداجنية في المنطقة. لقد عكست هذه الدراسة أن أعداد الحيوانات بالمنطقة العربية قد حققت زيادة في الفترة من عام 1994م إلى عام 2000م بنسبة 26٪ في الأبقار، و21٪ في الماعز، 12,8٪ في الجمال، 3,5٪ في الأغنام. وتقدر أعداد الحيوانات في منطقة الخليج بنحو 464,5 ألف رأس من الأبقار المحلية والأجنبية، وزادت هذه الكمية خلال نفس الفترة بنسبة 13,8٪ ويلاحظ أن معدلات الزيادة في إنتاج منطقة الخليج من الألبان كانت كبيرة نسبياً حيث بلغت 40,1٪ مما يؤكد اهتمام منطقة الخليج بمشروعات تربية الأبقار. وتعكس هذه الأرقام مدى حاجة منطقة الخليج العربي والمنطقة العربية لمستلزمات إنتاج الثروة الحيوانية بما فيها اللقاحات والأدوية البيطرية، نتيجة لاهتمامها بمجالات الإنتاج الحيواني. وتناول في سياق حديثه دول مجلس التعاون الخليجي حيث تستورد اللقاحات من الخارج عدا المملكة العربية السعودية حيث تنتج مختبراتها اللقاحات والأمصال البيطرية، ولكن بكميات محدودة لا تكفي حتى احتياجات المملكة. وخلال الفترة من 1989 وحتى عام 2001م انتجت المملكة 7,1 (العدد بالألف جرعة) من داء الكلب، و1008 (ألف جرعة) من طاعون المجترات الصغيرة، و21330,6 من الطاعون البقري، و101585 من جدري الضأن، و29722 (ألف جرعة) من التهاب الشعب الهوائية المعدي، و994600 من نيوكاسل لاسوتا، و2735109 من نيوكاسل ه. ب. أ. وتبين نفس الدراسة أن دول الخليج العربي تحتاج إلى حوالي 115,3 مليون رجعة من اللقاحات الحيوانية، و815 مليون جرعة لقاح مستضعف، وحوالي 11,2 مليار جرعة لقاح حي تستخدم في الوقاية من الأمراض المختلفة. واعتبر أن هذه الأرقام تعكس المنطقة العربية في حاجة إلى إنشاء صناعة للقاحات البيطرية تحقق سياسة الإحلال محل الواردات بالنسبة لهذا المنتج الهام وتلبي الاحتياجات الملحة من تلك المنتجات. كما أن إنتاج اللقاحات محلياً يعمل على توفير جزء هام من العملة الصعبة التي تنفقها دول المنطقة في استيرادها بجانب أنه يحقق المزايا الآتية: - إمكانية تحفيز اللقاحات من العترات المحلية التي تسبب الأمراض في المنطقة، حيث تعتبر هذه العترات لدى الدول الأخرى عترات خارجية المنشأ وتمنع مختبراتها من استيرادها، أو استخدامها في تحفيز اللقاحات، وتعتبر اللقاحات منتجات استراتيجية لدعم السياسة التنموية وتطوير الثروة الحيوانية نظراً لدورها في مقاومة الأمراض المعدية، تكوين مخزون احتياطي من اللقاحات على الصعيد المحلي والعربي، وحتى الدولي لتمكين الأطباء البيطريين من مقاومة الأمراض والسيطرة عليها في وقت مبكر، تقديم العون والمساعدة للدول ذات الإمكانات المحدودة من خلال برامج المساعدات الفنية لتكوين كوادر فنية وتكيف العترات الفيروسية والبكتيرية المعزولة أثناء ظهور الأوبئة بغرض إنتاج اللقاحات، وفحص الجودة في اللقاحات المستوردة. واختتم الدكتور الثنيان حديثه أن دول منطقة الخليج العربي تحتاج إلى 13733 طناً من الأدوية البيطرية المختلفة في أشكالها الصيدلانية النهائية. وأوضح بأن طبيعة الإنتاج في مشروعات الأدوية تختلف كلياً عن طبيعة الإنتاج في مختبرات اللقاحات والأمصال. وعليه فإن المشروع المقترح لهذا الغرض يحتاج إلى موقع منفصل لإنشاء مصنع للأدوية البيطرية تتوفر فيه الشروط الفنية الضرورية.