أكدت الدكتورة رقية طه جابر العلواني أن التطرف اتجاه نفسي وانفعالي يجعل الفرد يؤمن بعقيدة أو حكم مسبق دون الاعتماد على سند منطقي أو معرفة كافية أو حقيقة علمية الأمر الذي يقوده إلى عدم إدراك الواقع إلا من خلال نظرته الذاتية بكل ما قد تحمله من تحيزات وذلك حسب ما تشير الدراسات في علم النفس بأن التطرف مظهر من مظاهر التعصب للرأي الذاتي والعقيدة والفكر وعدم الرغبة في الاعتراف بالنقد الموجه من قبل الآخرين وهو ينمو مع الفرد عبر سنوات عمره ومراحل حياته المختلفة ويظهر في سلوكيات مبكرة عديدة من خلال الرفض لمناقشة الرأي الذي يعتقده على أساس أنه يمتلك الحق المطلق , وقد يلجأ الشخص إلى العنف لإسكات كل صوت يغاير رأيه واعتقاده , ويؤدي عامل الزمن دوره في تكريس هذه التوجهات في نفس النشء من خلال إهمال معالجتها أو التنبه إليها مبكراً مشيرة العلواني. أن بعض الأحيان يشجع بعض الآباء أبناءهم الذكور على التصرف بعنف وغلاظة وقسوة مع الآخرين أو شقيقاتهم لإظهار التفوق في الجنس والتسلط وتبين الدراسات الاجتماعية أن بعض الثقافات لديها اتجاهات ايجابية نحو العنف وتطالب الذكور من أبنائها بأن يكونوا أكثر عدوانية وعنفا في كل مواقف الحياة لأن هذا التصرف يجلب لها القوة والتفوق لافتة أن أجواء الخانقة المشحونة بالخلافات بين الوالدين تدفع الابن بصورة طاردة للبحث عن بديل . والحرمان العاطفي وغياب الدفء الأسري والمعاملة ألوالديه الطبية التي تحتوي الأبناء بحنان وألفة , يدفع به إلى الارتماء في أحضان جماعات أخرى . والأسرة المفككة غالبا ما تدفع الأبناء إلى البحث عن الانتماء إلى جماعات تحقق لها إشباعات نفسية .إذ أن تهميش دور الطفل كفرد في الأسرة وإقصاء رأيه والتقليل من شأنه سيؤدي به إلى ممارسة تلك الأشكال من السلوكيات والتصرفات مع الآخرين. مؤكدة أن دراسات أوضحت أن فرض إرادة الوالدين دائما على أبنائهما وتسلطهما عليهم بشكل مستمر واستخدام أساليب التهديد أو الضرب والحرمان تؤدي إلى التطرف وضعف الثقة بالذات وتحاشي المواقف والآخرين والعزلة عن المجتمع وإعاقة الأولاد عن التفاعل الإيجابي مع المجتمع .لأن وجود نوع من العلاقة السلطوية بين الوالدين والأبناء يحد من درجة التواصل الضروري بين الطرفين ويئد روح الحوار والميل إلى العزلة واللجوء إلى الصمت من باب غلق منافذ أية مواجهة بين الطرفين . فيتربى الأولاد على الشعور بالتهميش والظلم مما يؤدي إلى تولد غضب مكبوت لديهم لا يستطيعون التعبير عنه إلا من خلال وسائل العنف والتطرف والتمرد والانحراف في غالب الأحيان .فطريقة الاستبداد والتسلط التي تعتمد على القمع والقسوة , بحيث يتم توجيه الطفل . وفرض الأمور عليه وقتل روح المبادرة والاستقلالية في ذاته , من شانه أن يترك آثارا سلبية على شخصية الطفل قد تستمر إلى مدى بعيد . وربما تحولت على عقد نفسية تتحكم بسلوكه وتفكيره كالانغلاق والانزواء وغيرها . كما يمكن أن ينجم عن أمثال تلك الممارسات تعلم الطفل والمراهق ممارسة القسوة والعنف التي مورست ضده ومن ثم ممارستها ضد الآخرين. وعلى ذلك أوصت العلواني من خلال بحثها باتخاذ الخطوات التالية: - ضرورة تأهيل العاملين في المؤسسات التربوية والتعليمية ليكونوا على قدر كافٍ من الفهم والوعي للمشاركة في معالجة إشكالية التطرف. - حث الأفراد على الاهتمام بالمشاركة المجتمعية وإدخال منظمات المجتمع المدني فيها وتفعيل برامج مشتركة بين تلك الجهات لتطوير مفهوم الأمن الاجتماعي وتوسيع نطاقه. - أهمية تفعيل دور مؤسسات التربية والتعليم في غرس روح الانتماء والولاء للوطن وتكريس القيم الفاضلة واستهجان ورفض السلوكيات المنحرفة بكل أشكالها والعمل على نبذها واحتوائها ومعالجتها في مراحل مبكرة. - دور المؤسسات الدينية في معالجة التطرف ومحاصرة الأفكار المنحرفة والإسهام في تكريس الوسطية والاعتدال. - دور أجهزة الإعلام في تنسيق العمل الوطني في مجال محاربة السلوكيات المنحرفة وتعزيز قيم المجتمع الأصلية. - الاهتمام بجميع أنواع مؤسسات الضبط الاجتماعي وتأكيد الدور المتوقع من هذه المؤسسات في تحقيق التنشئة الاجتماعية مثل الأسرة والمؤسسات التربوية والدينية والإعلامية وأن تتكافل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في أداء دورها بحيث تشترك في تحقيق هذا الهدف. - أهمية مراجعة المواقف بمعنى أن تقوم كل مؤسسة تربوية بدءاً من مؤسسة الأسرة بمراجعة دورها السلبي في حدوث الانحراف والتطرف والإرهاب والمبادرة بأهمية تصحيح المسار. - الاهتمام بالمعالجة القيمية التي تحرك الشباب وتدفع بهم نحو التطرف وهي تتطلب الشراكة المجتمعية والدراسات الميدانية والبحوث المتواصلة مع كل الجهات المعنية لوضع رؤية ذات بعد استراتيجي تخرج بخطوات تطبيقية لاحتواء الأفكار وتجنب وقوعها. - الاهتمام بدراسة التحديات التي باتت تواجه مؤسسات الضبط الاجتماعي في المجتمع وتعيق تأثيرها في ضبط سلوك الأفراد من الثورة المعلوماتية والانفتاح الشمولي وما نجم عن ذلك من مظاهر سلبية كالاغتراب ونحوها. - الاهتمام بتفعيل الخطوات العملية والإجرائية لتسويق مضادات التطرف لدى الشباب عن طريق الترويج والتسويق للقيم الجمالية والحضرية الأصلية في ديننا بطرق ووسائل حديثة كالمعارض والفعاليات الثقافية وما شابه وفي مختلف المؤسسات التربوية والتعليمية والأندية الاجتماعية والثقافية.