شاهدت كما شاهد كثيرون غيري في التلفزيون السعودي(نشرة الأخبار) منذ أيام موقفاً لم تستطع ذاكرتي تجاوزه أو نسيانه كبقية المواقف العابرة التي تمر بنا في حياتنا اليومية، موقف حرك وجداني وتآزرت معه عيناي فسكبت بدورها دموعاً أكاد لا أدري أهي فرح أم حزن أم الاثنان معاً، حيث شاهدت ذلك الطفل الصغير الذي فقد القدرة على المشي كغيره من الأطفال فاستعاض بعربة صغيرة يحركها والده بينما هو قابع فيها يرمق الآخرين بنظرات ملؤها البراءة والطهر ويتحدث بكلمات تشع بعفوية الأطفال ومشاكساتهم فأخذت أتأمل كل ما يحدث أمامي بأحاسيس مفعمة بالسعادة وممتلئة بالرضا والسرور ولاحظت في ذلك الموقف عدة وقفات رائعة ومضيئة أحببت أن اسطرها بقلمي ومنها: أولاً: بدا صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود في غاية التواضع عندما حمل الطفل بين ذراعية وقبله وأخذ يتبادل معه أطراف الحديث في حوار ممزوج بالأبوة وتتخلله نفحات من العطف والرحمة والإنسانية ولا غرابة في ذلك فقد عهدنا من سموه الكثير من المواقف المشابهة لذلك الموقف فجزاه الله عن الجميع خير الجزاء وجعله في موازين أعماله. ثانياً: كم هو رائع أن ننزل إلى مستوى الاطفال عند التحدث معهم وممازحتهم هذا بالنسبة للأطفال الأسوياء فما بالك بطفل معوق. ثالثاً: ينادي جميع التربويين في آرائهم وكتاباتهم ونظرياتهم بضرورة إكساب الطفل الثقة في نفسه وزرعها فيه منذ صغره لتنشأ لديه القدرة على مجاراة أقرانه ومحاورتهم وهذا ما لاحظناه جميعاً في شخصية ذلك الطفل فقد كان يتحدث بلغة مليئة بالثقة والجرأة التي لا تخلو من الأدب وهنا أحب أن أحيي والدي الطفل على ما بذلاه ويبذلانه من مجهود ليصل إلى هذا المستوى بالرغم من إعاقته. رابعاً: ما قام به صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز مثالاً يجب علينا أن نحتذي به في حياتنا اليومية وتعاملاتنا كل بحسب استطاعته فما أحوجنا إلى التكاتف والتكافل ومد يد العون والمساعدة لمن يحتاج إليها من قريب أو بعيد. خامساً: في هذه الأيام بالذات حيث إجازة الصيف يزدحم جدول الكثير منا بالأعمال التي يجب عليه تنفيذها فيبدأ بمتابعة متطلباته اليومية وكذلك التجهيز للسفر والانشغال بكيف وأين نذهب مع أطفالنا للترفيه عنهم مروراً بالتخطيط والتنفيذ لبعض المشاريع وانتهاء سوق الأسهم وما يحمله من مفاجآت فليتنا نضيف إلى ذلك بنداً صغيراً لا يتطلب منا الكثير من الجهد فنسأل أنفسنا مثلاً كم من ضعيف يحتاج إلى مؤازرته في مرضه ولو بالزيارة وطلب الشفاء وكم من قريب أمضينا شهوراً وربما سنوات لم نسأل عنه أو نتواصل معه وكم وكم وكم.. أنا أوكد بل أجزم أنه عندما نسأل أنفسنا هذه الأسئلة ونوليها بعضاً من اهتمامنا سنصل جميعاً إلى الطمأنينة والرضا عن النفس وراحة الضمير. أعلم أننا ولله الحمد جيمعاِ في مجتمع مسلم متكافل ومترابط وأن ما أدعو إليه ليس بالجديد ويعلمه الجميع وكذلك يوافقونني عليه ولكنه من باب التذكير بالشيء ليس إلا وقد قال تعالى في محكم آياته (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين). نداء أخير: إلى كل من من الله عليه وأجزل له العطاء في هذا البلد المعطاء فأقول لهم أخوتي هناك الكثير من المحتاجين والمعوزين والرضى في أمس الحاجة إليكم فاذكروهم دائماً ليذكركم الله ويبارك لكم.