ضعف القراءة ظاهرة عامة نتكلم فيها كثيرا، ونشكو دائما من قلة الانجذاب إلى الكتب.. والسؤال كيف يمكن رفع معدلات القراءة إذا كنا لا نعطي أهمية للمكتبات، ولانشجع على انتشارالكتاب؟ هل يعقل أن تدخل مراكز تسوق كبيرة ولا تجد فيها مكتبة واحدة ؟ كيف يمكن أن نرى عشرات المطاعم والمقاهي منتشرة في معظم الشوارع ومن النادر أن يكون بينها مكتبة؟ وإذا وجدت فالغالب أن تشكل القرطاسية النصيب الأكبر منها!! قلة المكتبات تعني أن الغالبية لا تعطي أهمية للقراءة، وأن الأذهان لا تميل إلى التفكير والتحليق في عوالم الكتب لأن تركيزها موجه للشراء والاستهلاك وكل ما هو مادي فهو الأسهل والأمتع، أما البعض فمشغول بقراءة الرسائل التي تصل جوالاته والرد عليها، والبعض الآخر يقرأ ما تيسر من مواقع الانترنت ، لذلك يتوجه الاهتمام إلى المشاريع والسلع المربحة. وتحرص الدول المتقدمة على وجود المكتبات في كل مكان، وكل بلدة ولو كانت صغيرة، ويعتبر بعضها مراكز اجتماعية وأماكن للتصفح والاكتشاف ومعالم تستحق الزيارة، ورغم سهولة حصول الشخص هناك على أي كتاب وبضغطة زر وهو في منزله ،إلا أن لتلك المكتبات زبائنها الذين يترددون عليها للشراء والقراءة والاسترخاء والاستمتاع بأجوائها الحميمية، والقصص كثيرة عن مكتبات تعلق بها زبائنها لسنين طويلة، وجيلا بعد جيل لأنها أصبحت جزءا من تاريخهم وحياتهم، إلى الحد الذي جعلهم يسارعون لتقديم الدعم لها لتبقى مفتوحة عندما اضطر أصحابها لأسباب مالية إلى إغلاقها. ومع أن الإقبال بشكل عام ضعيف على القراءة إلا أنه يظل للكتب محبوها، ومن الضروري تهيئة الظروف التي تشجع على اقتنائها وتوفير وسائل للوصول إليها، وقد أجمع الكثير من المهتمين بالثقافة على أن عملية تسويق الكتاب والدعاية له عامل مؤثر في ارتفاع نسبة القراءة بجانب العوامل الأخرى المتعلقة بالتربية البيتية والمدرسية، فلماذالا تستغل المراكز التجارية التي يرتادها الكثيرون على مدار اليوم بحيث تفتتح فيها مكتبات واسعة، بديكورات جميلة وتصاميم جذابة، وخيارات واسعة من الكتب والمجلات، بأسعار مخفضة، وبائعين مؤهلين، تقدم فيها المشروبات وبعض الأطعمة؛ بحيث تخصص فيها أماكن للجلوس والقراءة والالتقاء بالآخرين، ويمكن عقد أنشطة ثقافية ومحاضرات تستميل الناس من كل الأعمار، لعل الشباب يجد فيها مكانا مسلياً ومفيدا بدل التسكع في الشوارع والأسواق، والجلوس في المطاعم، ويجد الأطفال فيها المرح والتسلية بدل الملل والصراخ في جنبات وممرات الأسواق.. إحدى الصديقات ذكرت لي معاناتها وتعبها عندما تذهب إلى المكتبة لشراء كتاب أو رواية، بسبب اضطرارها للوقوف فترة طويلة وهي تتصفح وتبحث بين رفوف الكتب، فلماذا لا تتلطف المكتبات الكبرى مع زبائنها وتوفر لهم مقاعد مريحة للجلوس عليها بدل الوقوف أو افتراش الأرض؟ إن التجول في مكتبة وشراء كتاب وتصفحه في جو تفاعلي مريح مع فنجان قهوة تجربة ممتعة لامثيل لها..