رغم إغراء المشاهدة التلفزيونية لمباريات كرة القدم التي تتمثل في راحة المنزل وتعدد الخيارات وإعادة اللقطات، إلا أنني - مثل كثير من عشاق كرة القدم - استمتع بالحضور في الملعب لمعايشة أجواء المباراة. وخلال سنوات الدراسة في بريطانيا حضرت العديد من المباريات في استاد «ويمبلي» وفي جميع فئات المدرجات. وكنت في كل مرة أجلس في المقعد المخصص حسب رقم التذكرة.. بل إن هناك من يشرف على عملية الجلوس لضمان حصول الجميع على حقوقهم، وقد حضرت في منصة «ويمبلي» نصف نهائي ونهائي كأس أمم أوروبا 1996م، فكان التنظيم كالمعتاد حيث الدخول المنظم والجلوس في المقعد المخصص دون منغصات، فكيف الحال في ملاعبنا. قبل سنوات طويلة تعرض مدير استاد الملك فهد الدولي المهندس الخلوق سلمان النمشان لموقف صعب للغاية حينما أراد إعادة الكرسي المسلوب لصاحبه الذي يملك تذكرة منصة تحمل نفس الرقم، ولن أعود بكم لتلك الحادثة المؤسفة، ولكنني استعرض نصف نهائي ونهائي كأس دوري خادم الحرمين الشريفين الأخيرة.. حيث كانت المنصة تحجز قبل بدء المباراة بساعات، فتجد الكراسي فارغة ولكنها غطيت بكلمة «محجوز».. وتجد البعض يجلس في أول الصف ويمنعك من الدخول لباقي الكراسي بداعي حجزها. والأدهى والأمر في مباراة النهائي أن هناك من كان يجلس قبل صلاة المغرب (بعضهم يحمل دعوات والبعض اشترى تذاكر) ولكن قبل بدء المباراة طلب منهم اخلاء المقاعد لأنها «محجوزة» رغم عدم وجود تلك البطاقات الشهيرة «محجوز» وعدم حجزها من قبل أحد، وقد رأيت بنفسي كيف ذهب أصحاب بطاقات الدعوة لمقاعد «أولى ممتازة» وكيف اضطر من اشترى التذاكر لمتابعة المباراة عبر تلفزيون استراحة المنصة. هناك خلل واضح يحتاج إلى علاج.. ولعل البداية تكون من هنا. من المعلوم أن شركة التذاكر «العالمية» تخصص نسبة من تذاكر المنصة للاتحاد.. هنا يجب أن يحدد موقع مخصص في المنصة لهذه النسبة لا يدخله إلا من يحمل بطاقات الدعوة أو التذاكر الممنوحة من الاتحاد. الباقي من التذاكر يجب أن يحدد حسب أرقام المقاعد ويعلن للملأ أن الجلوس في المنصة سيكون حسب مقاعد التذاكر وعليك حين الشراء اختيار المقعد الذي تريد مثلما هو الحال في المسارح وجميع ملاعب العالم المتطور.. في رأيي أن الشركة قادرة على تنفيذ هذا التنظيم بكل سهولة إذا أعلنت من الآن ووفرت آلية لتنفيذ هذا المخطط فهل نرتقي في الموسم القادم؟ «الإرهاق» عذر «الإخفاق» كثر الحديث عن طول الموسم الرياضي والإرهاق الذي صاحبه، فأصبحت كلمة «إرهاق» أول عذر لكل إخفاق.. ولكن الواقع يؤكد عكس ذلك.. فأكثر الأندية مشاركة هذا الموسم هما الهلال والاتحاد وقد سيطر الزعيم والعميد على البطولات المحلية والخارجية دون الالتفات لشماعة «الإرهاب» وأملي أن نلغي هذه المفردة من قاموسنا الرياضي إذا أردنا المنافسة العالمية.. فاللاعب في أوروبا يلعب في دوري مكون من عشرين فريقاً فيلعب 38 مباراة يضاف لها مباريات الكأس وكأس الاتحاد ودوري أبطال أوروبا. والطريق لاحتراف نجومنا في الخارج يبدأ بالغاء وهم «الإرهاق». ولعل أهم قرارات الاتحاد السعودي لكرة القدم هي التأكيد على ضرورة الدوام الصباحي للمحترفين لأن ذلك سيكفل الإعداد المثالي للمحترف السعودي والقضاء على ظاهرة السهر التي تؤثر سلباً على قدرة اللاعب على التدريب وبالتالي التأقلم مع المباريات، لقد آن الأوان لتشمير سواعد الجد وتطبيق الاحتراف الحقيقي لنقضي معاً على وهم «الإرهاق» وعلى دروب الخير نلتقي.