للناقد الدكتور حافظ المغربي ذائقة نقدية فذة وبصيرة عالية بالشعر وعالمه، فقد أصدر طائفة من المؤلفات النقدية التي عالج بها التيارات الشعرية تراثية كانت أم معاصرة، وقد خص التجربة الشعرية في المملكة ثلاثة كتب أنضجها وعيه بحركة الشعر السعودي وكذلك سيرة لأغوار النصوص والبحث بين أبياته وقوافيه ليخرج للمتلقي رؤيته النقدية مع كل قصيدة. واليوم يوقف كتاباً كاملاً عن ديوان "ذكريات شباب" للناقد الشهير الدكتور عبدالقادر القط الذي عرفه المتلقى العربي من خلال درسه النقدي على مدى نصف قرن ولا سيما كتابه الهام "الاتجاه الوجداني في الشعر العربي المعاصر" حيث بدأ القط حياته الأدبية بهذا الديوان الذي يجهله كثير من القراء حيث طغت شهرته النقدية في الساحة الثقافية ومثله كمثل كوكبة من النقاد العرب المعاصرين كعز الدين إسماعيل ويوسف عز الدين وعبدالعزيز عتيق وعبدالمنعم خفاجي ومحمد رجب البيومي ومنصور الحازمي. وحقيقة الكتاب كان في أصله بحث شارك به الدكتور المغربي في الندوة التي أقامها المجلس الأعلى للثقافة تكريماً للناقد عبدالقادر القط قبل أكثر من عقد من الزمن، إلا أن الباحث المغربي استطاع أن يطور هذا البحث ليخرج في كتاب بعنوان "التشكيل بالصورة في الخطاب الرومانسي.. شعر عبدالقادر القط (نموذجاً)".. الصادر مؤخراً عن نادي الباحة الأدبي. ومن خلال صفحات الكتاب يؤكد الناقد المغربي أن تجربة القط في هذا الديوان يغلب عليه الاتجاه الرومانسي الجديد وكونه من دعاتها والتي تحاول أن تستنبت في أرض الواقع - آنئذ - بذوراً تستشرف آفاق واقع يمزج بين رقة المشاعر وفهم الواقع بمتناقضاته، كما يؤكد المؤلف أن مقولة(أن الناقد شاعر فاشل ) لا تتلاءم مع المنجز الشعر للدكتور القط، فهو صاحب خطاب شعري صادق ومكرس لدور الصورة في القصيدة الجديدة تشكيلاً ورؤية لاستقراء خطاب الشعر الرومانسي. الكتاب الذي أهداه مؤلفه إلى كوكبة من النقاد والشعراء الذين ارتبطت صداقات بينهم، قد حوى اهتماماً بالتشكيل من خلال تراسل الحواس وبالمفارقات التصويرية وبالتناص بين الرؤية والأداة وكذلك مع الموروث الشعبي والشعري الحديث وأيضاً الأساطير، وكذلك التشكيل بالايقاع، كما سلط الضوء على قصيدة (مثَّال) والتناص مع أسطورة بيجماليون وقصيدة (انطلاق) ورمزية المضمون.