كنت - وما زلتُ - أقول على الدوام إن في داخل كل سعودي سندباد صغير! السندباد شخصية خيالية من شخصيات ألف ليلة وليلة وهو بحار من البصرة عاش في فترة الخلافة العباسية، وحكايته من أشهر حكايات ألف ليلة وليلة، تقوم على سفره للكثير من الأماكن السحرية عبر رحلات بحرية، سافر من خلالها 7 سفرات واجه فيها الأهوال والمصاعب وتخطاها رغم صعوبتها. وأحسب أن السعودي سافر أكثر من السندباد، لدرجة أن يوم إجازة واحدا كفيل بإخراج الملايين من بلادنا إلى دول بعيدة وقريبة. السعودية من أكثر البلدان إنفاقاً على السياحة الخارجية، إذ نشرت جريدة "الرياض" قبل أيام أن إنفاق السعوديين السياحي نحو 6,6 الاف دولار للرحلة الواحدة بحسب دراسة متخصصة لشركة فيزا حول توجّهات السفر في 2013، وتفوق السعوديون على الأستراليين الذين جاءوا بالمرتبة الثانية بمعدّل 4,118 دولارا، والصينيين بمعدل 3,824 دولارا. وشملت الدراسة نحو 12 ألفاً وست مئة مسافر من 25 بلداً، وبيّنت أن متوسط ميزانية السفر العالمية البالغ 2,390 دولارا للرحلة الواحدة مؤهل للارتفاع إلى 2,501 دولارا! لستُ ضد السفر، بل أنا مؤمن بأنه يفتح الآفاق، وفيه عشرات الفوائد وليس خمس فوائد فقط كما قال الإمام الشافعي، رحمه الله، في أبياته الشهيرة، لكن ارتفاع حجم الإنفاق على السفر للخارج، يجعلنا أمام قلق اقتصادي حقيقي، لبُه السؤال المنطقي البسيط، الذي يقول: ألم يكن ممكناً أن يكون بعض هذا الإنفاق المهول، في داخل البلاد؟! ما المانع أن يكون جزء من هذه الأموال يدور داخل البلاد ليستفيد منه أخي وابن عمي وصديقي وجاري، وكل سعودي أو مقيم، فدورة المال هذه، هي التي تنعش الاقتصاد، وتزيد البركة، وتنشر الخير. لو سألت أي قارئ: ما الذي يجعلك تسافر في أي يوم عطلة إلى دولةٍ قريبة أو بعيدة سنعثر على إجابات سهلة، وطلبات ليست صعبة، أولها البنية السياحية التحتية، بحيث تكون هناك أماكن للترفيه العائلي والترفيه الفردي، يكون للإنسان حريته في التجوال والاستمتاع بالوقت، فللحياة ضغوطاتها والإنسان يحتاج بين الفينة والأخرى للاستجمام والراحة. ما أتمناه أن تساهم الخطط المقبلة في النظر لهذا الموضوع بتكامل تساهم فيه جميع الجهات، لا أن تتحول كل جهة إلى يد تحاول التصفيق وحدها! الملفت بموضوع السياحة أن السفر لا يقتصر على الأغنياء أو الموسرين، بل حتى الطبقة المتوسطة تسافر بسياراتها إلى الإمارات، والبحرين، وتركيا وإلى مصر والمغرب وإلى الدول الأوروبية والشرق آسيوية، وهو حق مكفول للجميع، لكننا نتمنى أن تتاح الفرصة لشيء من سياحة داخلية تستند لبنية خدماتية تليق بالسندباد السعودي، وربما بالسائح الأجنبي... لم لا؟!