أصبح السائح السعودي والضيف المقيم والزائر القادم يعانون من المشقة والمتاعب أثناء سياحتهم في بعض المدن السعودية لما يواجهونه من استغلال وسوء معاملة عكس ما يجده في الدول الخارجية من احترام واهتمام لذا نعتقد أن العمل المنهجي المتخصص يفرض علينا بداية استقصاء متاعب السياح وشكواهم ومن ثم دراسة الأسباب ووضع وسائل العلاج المناسب بالتعاون مع كافة الأطراف. انني في هذا الصدد لا أريد أن أمارس تجربة (جلد الذات) أو النظر لنصف الكوب الخالي و لكن المصلحة والمسؤولية تفرضان علينا التصدي لظاهرة سلبية تهدد مستقبل صناعة السياحة السعودية وتحد من قدرتها على المنافسة، ألا وهي ظاهرة "غياب الوعي السياحي لدى المجتمع والمقصود بالوعي السياحي هنا كيفية تعامل المواطن مع السائح الزائر لمدينته: وكيف يكون أحد أدوات الجذب السياحي وليس الطرد والتنفير!! الواقع يقول: سياحتنا الداخلية تشهد العديد من مشروعات التطوير وقرارات التنظيم الجديدة ولكن بالطبع لم تصل بعد الى المستوى اللائق و المأمول وتحديدا من حيث جودة الخدمات ومعدل الاسعار ولذلك، فهي لازالت تفتقد إلى أهم عناصر الجذب السياحي وهو "المجتمع" القادر على فهم أهمية السائح ودور المواطن تجاهه. ومن أشكال غياب الوعي السياحي الذي يتعرض له السياح هي الشكوى المتكررة مما يلقاه عشرات آلاف من السائحين كل عام وبشكل يومي من "استنزاف" في المناطق السياحية. إن كلمة "استنزاف" قد تكون هي التعبير الأكثر واقعية لما يتعرض له السياح في تلك المناطق والمدن: فالسائح بالنسبة لهم هو (صفقة لمرة واحدة) يجيب استغلاله بكل ما هو متاح من حيل أو التفاف لدرجة أنه أصبح من المعتاد لدى الكثيرين من السياح دفع "الاكرامية للعمالة والموظفين" في كل الأحوال و في أي مكان و ذلك لحصولهم على مستوى الخدمة المطلوب والمؤسف أن حالة العطاء التي يعيشها السياح أحياناً تحولت إلى اجبار. السؤال الذي يجب أن يوجه المعنيون بصناعة السياحة الداخلية لأنفسهم هو كيف يمكن أن نحد من نزيف الهدر على السياحة الخارجية.. ونستثمر الاحداث الراهنة لصالحة السياحة الداخلية و نصمد مستقبلاً في سوق السياحة العالمية في ظل غياب الوعي السياحي ؟!وعند المقارنة البسيطة بين ما يحدث في بلادنا و الدول السياحية الأخرى نجد انها تشير إلى أننا بحاجة إلى كثير من العمل المنظم حتى تكون لدينا القدرة على نيل " شريحة " من كعكة السياحة العالمية و ما يهمنا هنا هو غياب الوعي السياحي لدى كثير من العاملين من تجار وعاملين وعلينا البحث عن كيفية صياغة مواقف ايجابية ورأي عام وواعٍ بدوره تجاه صناعة السياحة في بلاده حتى ولو كان بعيداً عن ميدان العمل فيها. وقفة: لعل وصف صناعة السياحة بأنها أم الصناعات يعكس مدى عنقودية المصالح المؤثرة فيها وبأنها منظومة متعددة الادوار فالعاملون في المطار قد يكونون بوابة السياحة إلى مدينتهم وبلادهم مروراً بسائق سيارة الأجرة وموظف الاستقبال وعامل غرفة الفندق او الشقة ووصولاً إلى المطعم والملاهي وحتى "المواطن العادي" في الشارع وقبل هؤلاء اصحاب المشاريع السياحية والترفيهية. أخيرا: دور الإعلام هنا لا يمكن تجاهله، بل قد يكون "رأس الحربة" في تشكيل الوعي السياحي لدى المواطن، بترسيخ مفاهيم حول دوره تجاه السائح على اعتبار أنه جزء من المواطنة والانتماء.