نكون واهمين إذا عشنا حاضرنا بصيغة الماضي، فالحياة لم تعد هي الحياة قبل 10 اعوام.. وأسعار الأمس باتت كما الحلم الذي تلاشى مع سويعات اليقظة، فعصف الغلاء بالناس.. حتى أن 92% من الموظفين السعوديين أسرى القروض البنكية مشلولون أمام الموازنة بين الدخل والاستهلاك! كماشة الاقتراض تضغط على كل عناصر العيش في حياتنا الحديثة فأنت تقترض لتحصل على سيارة تمكنك من للذهاب والعودة إلى العمل وتقترض لتتزوج وتقترض لشراء مسكن بأقساط تمتد إلى 20 عاما وأكثر. الأرقام هي لغة الحقيقة فخلال ال 34 عاما الأخيرة.. زادت اسعار أهم السلع بنحو 700 في المائة، فيما سجل نمو دخل الفرد 66 في المائة حسب دراسة نشرتها صحيفة الاقتصادية.. ما يعني أن رواتبنا الحالية لن تلبي الاحتياجات الأساسية وبالتالي ينتج خلل اجتماعي. هناك فجوة دون شك، ولسدها قد يتبادر للذهن الحل السهل وهو زيادة الرواتب بنسبة كبيرة جداً..لكن هذه الخطوة لن تردم تلك الفجوة الكبيرة ولن تحسن مستوى المعيشة بالشكل المأمول فالرواتب تعتمد علي الدخل القومي الذي يتطلب قاعدة متنوعة في مصادر الدخل، لكننا نفتقد هذا التنوع، طالما أن عائدات البترول تشكل 93% من مصادر الدخل.. فماذا لو انخفضت أسعار البترول أو تم اكتشاف بديل للطاقة النفطية؟! وحتى لو زادت الرواتب.. فإن النتيجة الحتمية هي زيادة موازية في اسعار المواد الاستهلاكية ما سيدحرجنا مجددا صوب المربع الأول.. مع انخفاض لا نريده في القوة الشرائية للريال! أعتقد أن الدولة عليها مواجهة اسباب التضخم الحقيقية من خلال عنصرين اساسيين : الأول (ارتفاع اسعار الأراضي ) والذي يتطلب فرض رسوم عالية تتناسب مع مستوى الأسعار الخيالية الحالية.. يتم فرضها على كل ارض لم يتم بناؤها صغرت مساحتها او كبرت مما يكسر احتكارها. والثاني علاج ( ارتفاع اسعار السلع) من خلال منح بطاقات تموينية للسلع الرئيسية تزيد قيمتها كلما قلت نسبة الراتب و زاد عدد المعولين.. حتى يستفيد منها اصحاب الدخل المتدني بشكل أكبر. انهما خطوتان صغيرتان في القرار والتنفيذ.. لكنهما كبيرتان في محاربة الغلاء وتحجيم التضخم.