في الوقت الذي فوجئ الجميع بإعلان شركة الاتصالات السعودية بانخفاض أرباحها بنسبة 79% للربع الرابع لعام 2012 والذي تم الكشف فيه بأن السبب يعود لتسجيل خسائر في قيم الاستثمارات الدولية والضرائب المؤجلة بمبلغ 1.2 مليار ريال، كان هناك من يعلم بحقيقة الأرباح والقوائم المالية السابقة وأن الإدارة الجديدة للشركة حاولت بحكمه وعقلانية معالجة مشكلة لن تنتهي بنتائج هذا الربع، وهو ما شاهدناه بإعلان الربع الأول للعام 2013م انخفاض أرباحها بنسبة 39% وبنفس السبب للخسائر في قيم الاستثمارات الدولية بمبلغ 500 مليون ريال واستبعاد أصول ثابتة ب 277 مليون ريال. فالمؤكد أن الإدارة الجديدة كانت تعلم فور تسلمها للشركة بحجم الخسائر الكبيرة التي كان يجب تسجيلها منذ سنوات بحساباتها وقوائمها المالية لكي تعكس القوائم المالية حقيقة الوضع المالي، ومع شجاعة الإدارة لتصحيح الوضع غير المسؤولة عنه، فإنها قد قدرت حجم الصدمة التي سيواجهها مساهمو الشركة ولجأت للتدرج في تسجيل الخسائر وإعلانها، وربما هناك خسائر سابقة لم تُسجل وتُعلن ولكن من الواضح أن الشركة مازالت تحقق نمواً جيداً في الإيرادات وإجمالي الربح وهو ما يطمئن مساهمي الشركة على مستقبلها حتى في ظل مقارنتها بنمو الشركة المنافسة، ومايجب تفهمه حالياً هو أن تصحيح الوضع لأي شركة صغيرة أو كبيرة يتطلب جهوداً وتضحية من المساهمين، وبعيداً عن حقيقة فشل الكثير من الاستثمارات الدولية لبعض شركاتنا فإنه أصبح من المؤكد أن أرباح شركاتنا تتحقق من السوق المحلي ونتذكر أن المواطن تحمل خسارة الشركة خارجيا برفع التكلفة عليه أو إجباره على دفع تكاليف وفواتير وهمية! وهو مايجب على أي شركة وجهة رقابية أخذه في الاعتبار بعدم تحميل المستهلك والمساهم بنتيجة فشل إدارة الشركة وبحجة مواجهة مشاكل مالية لم تمنعها من صرف الرواتب العالية و"البونص" للإدارة المتسببة في ذلك! إننا ومنذ سنوات نرى تلاعبا متواصلا لبعض إدارات شركاتنا المتوسطة والصغيرة في تعاملات الشركة والأخطر في القوائم المالية عبر تجاهل مخصصات الخسائر والالتزام بالمعايير وتصنيف الاستثمارات لتضخيم الأرباح ولم يكن متوقعاً أن يشمل ذلك شركات كبرى والمؤسف أن تلك الحقيقة لاتنكشف إلا بعد تغير الإدارة التي تستمر لسنوات طويلة بشركاتنا بسبب سلبية المؤسسين وكبار الملاك ومن يمثلهم، وقد أشرت في مقال "كبار المستثمرين يفقدون الثقة بالقوائم المالية 28/2/2009م" عن تلاعب الإدارات وتواطؤ مكاتب المراجعة المعينة من المساهمين صورياً، وقد ساهم التجاهل لذلك التلاعب وعدم محاسبة الإدارة والمراجع الخارجي في انتشارها لشركات كبرى تمتلك الدولة وصناديق شبه حكومية معظم رأس المال لإخفاء الفشل في إدارة الشركة واستثماراتها وفساد ينتهي بكل أسف بإبراء ذمة وعفا الله عما سلف! والحقيقة التي يجب أن نعلمها أن انكشاف التلاعب في القوائم المالية لشركة أو بنك سيدفع ثمنه جميع المستثمرين بالسوق حتى بالشركات الملتزمة بقواعد ومعايير إعداد القوائم المالية ولا يجب أن نستغرب تدني القيمة السوقية لسهم شركة تربح المليارات وعزوف كبار المستثمرين لكونهم يعلمون بحقيقة المركز المالي للشركة وإدارتها وعقودها والأسوأ تضخيم الأصول التي تم شراؤها بمبالغ خيالية! وكل ذلك يجهله جميع المتداولين بالسوق وخدعوا بأرباح وأخبار محفزة اتضح لاحقاً زيفها، ولكون الرقابة غير فاعلة في الرقابة على استثمارات الدولة بالشركات التي تملك بها وتشتت ملكية الشركات بين آلاف المساهمين فإن على هيئة السوق المالية التنبه لحالات التلاعب بالقوائم المالية وإعلانات جميع الشركات بمختلف أحجامها باعتبار أنها الأساس الذي يعتمد عليه في حقيقة إيضاح الموقف المالي للمساهم والبنوك وصلاحية استمرارها بالتداول والأهم انطلاقاً من حمايتها للمستثمرين بعدم تضليلهم حتى وإن جُملت صفحات القوائم المالية بالأختام المدفوعة.