قال الخبير العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، رون بن يشاي، ان تصريح إيتي برون رئيس شعبة المخابرات العسكرية الإسرائيلية حول وجود أدلة تثبت استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية، لم يكن صدفة وغير محسوب، بل كان مخططاً له من قبل وبالتنسيق مع رئيس هيئة اركان الجيش ووزير (الدفاع) أيضاً، والذي أراد إثارة أصداء دولية للحدث وبشكل خاص لمواجهة الإدارة الأميركية بحقائق تجاهلها يشاي. وأضاف أن برون لم يحدد التاريخ الذي استخدم فيه السلاح الكيماوي بدقة، وهو 19 مارس/آذار، اليوم الذي ألقيت فيه قنبلة غاز "سارين" على مدنيين قرب دمشق ومدينة حلب وأدى إلى مقتل 20-30 شخصاً، وإنما كرر ذلك وبتفاصيل أكثر، رداً على سؤال، مشيرا إلى أن استخدام "الغاز القاتل يعتبر حقيقة مقلقة من وجهة نظر إسرائيل". ويعتقد بن يشاي أن اطلاق هذا التصريح من جانب رئيس شعبة المخابرات كان منسقاً أيضاً مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وأن الأخير كان مطلعا على ذلك، رغم أنه لم يكن مستعدا لتأكيد استخدام الأسلحة الكيماوية لوزير الخارجية الأميركية جون كيري الذي هاتفه قبل يومين للسؤال عن صحة المعلومات. وبحسب الكاتب فإن نتنياهو تجنب الإحراج المباشر للرئيس الأميركي وإدارته بعد زيارة الأخير لفلسطين المحتلة، وحاجة إسرائيل لدعم الولاياتالمتحدة في الشأن الإيراني. ويضيف أن هناك سببين دفعا إسرائيل للإدلاء بتصريحات بشأن "الأسلحة الكيماوية السورية". الأول هو أن التجربة العالمية تشير إلى أن استخدام أسلحة غير تقليدية مرة واحدة يسهل استخدامها مرة أخرى، والثاني هو أن هناك مخاوف إسرائيلية من إمكانية لجوء الرئيس السوري بشار الأسد إلى استخدام هذه الأسلحة ضد إسرائيل، في حال عدم تحرك الولاياتالمتحدة وحلف الناتو للرد بشكل حاسم ازاء هذه الحادثة، لافتا إلى تصريح الرئيس الأميركي بأن استخدام السلاح الكيماوي يعتبر خطا أحمر بالنسبة للولايات المتحدة. وأشار الى أن الولاياتالمتحدة لا تريد العمل على وقف استخدام السلاح الكيماوي في سورية لعدة أسباب، من بينها أن الولاياتالمتحدة خرجت للتو من حروب مكلفة في العراق وأفغانستان، ولا تريد الإدارة الأميركية التورط في حرب أخرى في الشرق الأوسط. أما السبب الثاني، بحسب الكاتب، فهو أن الإدارة الأميركية تخشى في حال قصف المنشآت الكيماوية السورية من رد روسي وآخر إيراني، وبالتالي نشوء "موجة إرهاب" في الشرق الأوسط والعالم كله. مضيفاً أن الولاياتالمتحدة لا تريد حالياً التورط مع روسيا أو الصين، ولا تريد توريط دول حلف شمال الأطلسي. ويضيف أن السبب الثالث هو أن الهجوم على سورية من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط وعرقلة حالة الانتعاش الاقتصادي في العالم من الأزمة الحالية. ويقول يشاي إن إسرائيل لم تكن وحدها التي أكدت أن النظام السوري قد استخدم السلاح الكيماوي. وأشار إلى أن فرنسا وبريطانيا فعلتا ذلك في رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الذي قام بإرسال بعثة خاصة لفحص الحقائق على الأرض، ولكنها لا تزال في قبرص ولم يسمح لها بالدخول إلى سورية. وتابع الكاتب أن الإدارة الأميركية خففت لهجتها بشأن الأسلحة الكيماوية، وأوضحت ان الرد الأميركي يكون في أعقاب "استخدام واسع النطاق للسلاح الكيماوي". وأشار أخيرا إلى أنه لا يوجد لدى إسرائيل أدلة قاطعة بشأن استخدام أسلحة كيماوية، وإنما يوجد صور تشير إلى استخدام الغاز الحربي، و"شهادات ظرفية أخرى غير كافية بنظر الإدارة الأميركية، وليس لأنها غير جيدة، وإنما كما يبدو فإن الإدارة الأميركية تفضل تجاهلها" -على حد قوله-.