تحدثنا في المقال الماضي عن التغيير الحقيقي؛ وانه يعتمد على تطبيق خطوات عملية تجعل منه واقعاً ملموساً وليس مجرد نظريات وأن تلك الخطوات أو التطبيقات حسب رأي الاختصاصيين هي 30 تطبيقاً عملياً، تبدأ بالتأمل والذي يتطلب تركيزاً عالياً يهدف إلى تقليل تدفق وزحمة الأفكار التي تجعلنا في حالة استنفار وتشويش دائم وتحدثنا عن طريقة تطبيقه ؛ وأنا على ثقة أن الكثيرين عمل بالتطبيقات ليكتشف بنفسه بعد مالا يقل عن 5 جلسات؛ عظيم الأثر في النفس والهدوء الداخلي الممتع. اليوم نواصل نحو التطبيق الثاني وهو بالمناسبة يُعتبر أحد أهم نظريات الوعي بل إنه النظرية الأولى.. ألا وهو فلسفة التواجد في اللحظة.. ما معنى التواجد في اللحظة..؟ هل نحن غائبون؟ نعم أيها السادة فالبعض يعيش اليوم؛ ولكن بمشاعر وأحداث الأمس؛ أو ربما الغد. البعض يتناول وجبته وذهنه مشغول بأحداث أو مواقف أو أصوات حدثت أمس أو منذ سنة أو ربما منذ عشر سنوات. البعض يجلس مع أطفاله وهو يفكر بزملاء العمل ماذا قال "س" أو ماذا سيفعل "ص " بالغد.. البعض ُيصلي وهو التمرين الأروع في التأمل بينما أفكاره تدور حول عمل سيقوم به بعد ساعات أو حدث حصل معه منذ سنين...! أليس هذا ما يحصل مع بعض الأشخاص بشكل أو بآخر؟ هذا يعني أن هؤلاء لا يعيشون " الآن" ولا يستمتعون باللحظة إن الوجبة التي تنتظرها منذ ساعات.. هاهي أمامك الآن بينما ذهنك شارد بأمر آخر مما يعني أنك لا تستمتع! إن الكتاب الذي كنت تنتظر اقتناءه؛ هو الآن بين يديك ولكن ذهنك شارد في موضوع آخر.. إذن أنت لا تستمتع بالقراءة. إن الطفل الذي انتظرت خلقه في حياتك هو في حضنك الآن ولكنك لا تراه لانشغال وقتك وبالك في أمور أخرى.. كأننا نتعايش مع الانتظار ونتجاهل الحدث!! كأننا نستمتع بمعاناة الشيء المقبل ونجحد متعة حدوثه!! وهذا منافس لشروط التغيير الداخلي.. هذا يعني أن التطبيق الثاني من تطبيقات التغيير أن تتخلص مما ذكرناه وتعيش اللحظة.. تحيا هذه الدقيقة بل اللحظة.. استمتع بكل شيء تفعله الآن في هذه الثانية، أنت تقرأ المقال الآن فافعل الأمر نفسه وحاول أن تشعر بكل كلمة مكتوبة وتأخذ ما تستطيع من الفائدة وخاصة في التطبيق تمعّن بالمعنى والفعل والحروف ورائحة التجربة.. العطر القادم سيكون عن التطبيق الثالث للتغيير وهو التنفس.. نعم التنفس.