حتى أكثر الناس تعاسةً عبرت بهم الحياة إلى مواقف وتجارب استمتعوا خلالها بالهدوء والسعادة والفرح .. هذه حقيقة قد لا يعترف بها البعض ، لاسيما حين يسيطر على تفكيرهم شبح الهمّ ، ولو قال لي أحدهم إن حياته كلها " كلها "عبارة عن سلسلة من الآلام والإحباطات والفشل والقلق ؛ فلن أصدقه أبداً ؛ وسأقول له حسناً .. أعطِ نفسك الآن بضع دقائق واستعد ذاكرتك لاسترجاع بعض الأوقات الماضية والمبهجة .. حاول .. هل تذكرتَ بعضها ؟ نعم بالتأكيد هناك أوقات سعيدة حاصرتها غيوم سوداء فحجبتها عن الذاكرة حتى إنها بالكاد تُذكر... وبالبحث الآن سوف تجدها حتماً ! عليك الاحتفاظ جيداً بتلك المباهج الوقتية لاستخدامها كلما خنقتك الحياة بهمومها ؛ عليك التمسك كثيراً بجمال تفاصيلها.. ادخلْ إلى التفاصيل ؛ استنشق رائحة المكان ؛ استشعر كيف كان الطقس والحال ؛ استرجع ماذا كنت ترتدي وأي طعم كان في حلقك؟ تذكر الأصوات والملمس والحركة والوقت وشدة الإضاءة ... قالت لي إحداهن إن ذلك يجلب لها الحزن والألم لأن ذكرياتها الجميلة كانت مع أشخاص رحلوا .. غادروها إلى الأبد..! قلت لها : هذا يعني أنك لم تنظري إلى تفاصيل الأحداث والذكريات السعيدة التي كانت لك معهم ! أنتِ لازلت تحدقين في المسافة التي بينكم ! التفكير في المسافات الفاصلة ؛ يجلب التعاسة بلا شك . إن النظر في نقطة البداية .. ثم التأمل في سور النهاية ؛ دون المرور بجماليات الطريق ؛ يذهب حتماً بمتعة الرحلة كلها .. لذا علينا أن نهبط على الحدث السعيد بطريقة حربية مباغتة "بالبرشوت" !! مارأيكم ؟ أن نستحضر معاً مواقف أضحكتنا، وأخرى أسعدتنا وأبهجتنا وأشعرتنا كم نحن مميزون .. محظوظون .. مواقف ارتقت بنا نحو الثقة بالنفس والإحساس العميق باحتواء خالق تلك النفس ..! أرجوكم حاولوا الآن أن تتذكّروا تلك اللحظات .. دعونا نستحضر ثلاثة مواقف رائعة في حياتنا ... يكفي ثلاثة مواقف ثم دعونا نعشْ متعتها ونتنفس جمالها، ونتلمّس مشاعرنا ومظهرنا الداخلي والخارجي، ونحتضن داخل أرواحنا استعادة تلك اللحظات .. ثم نجعلها في عبوات خاصة لا يعرف مكانها غيرنا ؛ ونستنشقها كلما أصابتنا الأيام بعثرة "همّ " أو وحشة " فراق " أو مغص "إحباط " أو حموضة " إفلاس "..!! المسألة تحتاج إلى تحضير، وإعداد انفرادي يحتاج إلى تركيز .. قد تعتقدون أن الطريقة ضرب من مبالغات المتفائلين أو وساوس المكتئبين ... !! فقط جربوا الطريقة لتدركوا سر التحفيز الذاتي ، جربوا طريقة تحضير الأفراح وأخبروني بالنتائج..