مع بواكير تطبيق الاحتراف في النصف الأول من تسعينات القرن الماضي برزت أسماء للاعبين كانوا يومها يملؤون الأسماع، ويخطفون الأبصار، ويسرقون الأفئدة، ولذلك ظلت عدسات المصورين لا ترمش لها عين بوجودهم، وأقلام الصحفيين لا تفتأ تسجل سكناتهم قبل حركاتهم، حتى إذا ما أعلنوا مغادرة المستطيل الأخضر راغبين أو مرغمين، أغمضت الكاميرات عيونها، وجففت الأقلام حبرها، فباتوا نسياً منسياً، حتى لكأنهم ما ركضوا في ملعب، ولا زّخت أجسادهم بقطرة عرق، وما سجل لهم التاريخ لحظة أنهم كانوا هنا، وهو الجحود بعينه، والنكران بكل معانيه. و»دنيا الرياضة» إذ تستشعر المسؤولية تجاه هؤلاء اللاعبين تأخذ على عاتقها إعادتهم إلى دائرة الضوء في هذه الزاوية، لتعبر من خلالها عن الوفاء لما قدموه، وضيفها اليوم: * البطاقة الشخصية وأين أنت بعد الاعتزال ؟ - إبراهيم عبدالرحمن الجوير موظف بجامعة سلمان بن عبدالعزيز وأب لأربعة ابناء عبدالرحمن وعبدالله وفارس ومازن وانا متواجد أتابع المشهد الرياضي بجميع إحداثه . * بدايتك الكروية كانت في السلمية ثم انتقلت للشعلة الذي كان محطة عبور للهلال كيف حدث ذلك ؟ - على العكس لم يكن الشعلة محطة عبور مع أني أمضيت فيه ثمانية أشهر فقط ثم انتقلت للهلال ولكن بعد ما شاهدني المدرب عمر الذيب أوصى بانتقالي للفريق والاستفادة من خدماتي بالاضافة الى اهتمام خالد الدويس وفهد الطفيل اللذين حرصا على انضمامي للفريق والهلال هو المرحلة الأهم في حياتي فقد أبدى المدرب الروماني بلاتشي إعجابه بي بعد مباراتنا معهم في الدور الأول من الدوري وطلبني بالاسم وتمت المفاوضات بعد نهاية الموسم رغم تقديم الشباب لعرض أفضل لكن كانت الرغبة بالهلال أكثر . * ولكنك سبق وان تدربت في الهلال قبل انتقالك للشعلة وكانت هناك رغبة وقناعة من الجهاز الفني في ذلك الوقت ولكن لم تكتمل الإجراءات لماذا؟ - نعم تدربت مع الهلال في فترة سابقة وقتها كنت ألعب مع السلمية وكنت مع مجموعة كبيرة من اللاعبين ولم يحصل لي شرف الاستمرار لظروف خاصة لا استطيع التواجد وقتها في النادي. * دائماً مايقال ان من ينتقلون من الأندية الريفية أو الصغيرة للأندية الكبيرة كالهلال يواجهون صعوبات كثيرة وربما لا يمكن نجاحهم .. لماذا ؟ - صحيح انا واجهت هذه المشكلة فالأندية الصغيرة لايوجد فيها الإعداد الصحيح للاعب من البداية فلا يوجد مدرب تأسيس يبني جسمه على كرة القدم بتدريبات خاصة بالاضافة للمكملات وهي صالة حديد وغيرها وتفاجأ بعد الانتقال بالتحول الكبير في التدريب والتقنية وهو لم يتعود عليها فيواجه صعوبة كثير لا ينجحون فيها. * بداية حياتك الرياضية كنت مهاجماً ثم تحولت الى مدافع وتحديداً في خانة الظهير كيف ترى هذا التحول ومن المدرب الذي ترك بصمة في تاريخك؟ - بداياتي كانت مع المدرب المصري نبيل متولي والذي اشتهر باسم (كلاكل) وهو من اشرف على بدايتي الكروية وكنت العب مهاجماً على الإطراف ووقتها كانت لدينا مباراة أمام السد وشهدت غياب احد زملائي المدافعين واضطر المدرب لوضعي في خانة الظهير الأيسر والتي تألقت فيها وزاد إعجاب المدرب كثيراً بما أقدمه ومن بعدها وانا العب في خانة الظهير. * وكيف ترى التحول في مسيرتك الرياضية من الشعلة الى الهلال ؟ - في البداية واجهت صعوبة خصوصاً وانا ألعب في نادي درجة ثالثة ثم انتقل الى الدوري الممتاز تلقائياً مع الشعلة ثم مع الهلال الذي وضعت جميع الاعتبارات أمامي من ناحية الجمهور والإعلام واللعب مع لاعبين على درجة عالية من المهارة ولكن كان حرصي على تقديم صورة جيدة وكان لحماسي للعب للهلال دور في إزالة الرهبة التي قد أواجهها بالاضافة الى أنني أتعامل مع الإدارة والجهاز الفني واللاعبين بقمة الاحترام لأنهم كانوا يبادلونني التعامل بالمثل ويساعدون أي لاعب على النجاح ومن يشرب من ماء الزعيم سيتألق بتوفيق الله. * ولكن المدرب بلاتشي رحل نهاية الموسم ولم يكن لك حظ بالتواجد معه هل هذا اثر على مستواك بعد حضور مدرب آخر ؟ - لكل مدرب طريقة تناسبه وقد لا تناسب مدرباً آخر ولكن في نهاية الأمر انا لاعب محترف وأقدم ماهو مطلوب مني سواء بحضور بلاتشي أو غيره صحيح انه قال لي انك تناسب التكتيك الذي أطبقه وارغب في استمرارك ولكن هذا حال الكرة. * في نهائي كأس ولي العهد أمام الشباب كان المدرب في ذلك الوقت خليل الزياني يعتمد عليك اعتماداً كلياً وفجأة شاهد المتابعون بديلك محمد النزهان بينما بقيت أنت خارج التشكيل . لماذا؟ - بصراحة ليس المسؤول بأعلم من السائل ولازلت لا اعلم مالذي حصل فقد كانت مسابقة الكأس في ذلك الموسم من أفضل المستويات التي قدمتها مع الهلال حتى في المعسكر الذي أقيم تلك الفترة كنت احد من يعتمد عليهم الزياني ولكن لازال هذا الموضوع يشغلني دائماً وقد تكون هي نقطة التحول في تلك المباراة. * بعد انتقالك للهلال هل تعتقد انك أخذت فرصتك كاملة ؟ - عندما تلعب مع لاعبين كبار ونجوم دوليين يلزم ان تكون في مستواهم وهذا لن يحدث إلا بعد ان تلعب ثلاث الى أربع مباريات متواصلة بينما أنا لم ألعب سوى مباريات متقطعة وللأسف انتقلت بعد ذهاب بلاتشي ولم أحظَ بالتدرب معه وأمضيت بعدها سنتين مع الهلال أنا مقتنع بما قدمته مع الفريق وان لم يكن الطموح ولكن الحمد لله. * بعد تنسيقك من الهلال وعودتك للشعلة قدمت مستويات مميزة هل كان ذلك رداً على كل من انتقدك ؟ - قبل كل ذلك وبعد عودة بلاتشي مرة أخرى لتدريب الهلال بعد أربع سنوات طلب انضمامي للفريق ولكن كانت تجربتي في ذلك الوقت كافية صحيح أتشرف باللعب للهلال ولكن كان لاستقراري مع الشعلة دور في رفض الطلب مرة أخرى ومستواي كان ولله الحمد جيد خصوصا أنني وبعد عودتي من الهلال وفي نهاية الموسم طلبني نادي الوكرة القطري للعب معهم بنظام الإعارة أنا زميلي نواف الدعجاني وقد أكون انا وقتها أول هاوٍ يحترف خارجيا. * وماذا يعني لك مشاركة الهلال في حفل اعتزالك ؟ - يكفيني من سيرتي الرياضية حضور صاحب اكبر الانجازات وزعيم آسيا في الخرج للمشاركة في حفل اعتزالي فتشرفت بالانضمام له في فترة سابقة وتمثيله في بطولات كبيرة وهذا شرف كبير لن أنساه ماحييت وبما ان شعبية الهلال طاغية في المحافظة حرصت اشد الحرص على حضوره، وكلمة شكراً لا تكفي فقد عود كل من يخدمه ان يرد له الجميل في كثير من المناسبات وكذلك لإدارة الأمير عبدالرحمن بن مساعد الموافقة للحضور. سعيد لبقاء الشعلة وصعود الكوكب وانتظروني مدرباً * بعد الاعتزال ابتعدت عن العمل الرياضي الفني والإداري لماذا لم تستمر وأين تجد نفسك ؟ - انا لم ابتعد كلياً فقد دربت منتخب جامعة سلمان بن عبدالعزيز عامين ولكن ظروف العمل أبعدتني عن التواجد الدائم وارى ان دخولي في مجال التدريب أفضل وأسعى في الفترة المقبلة للعودة من جديد بعد تطوير مهارات التدريب لدي. * سؤال دائما ما يطرح على أي شعلاوي وهو أنه وبعد خروجه من الشعلة لايعود مرة أخرى لماذا ؟ - لا يوجد سبب معين ولكن الوقت الحالي تغير عن السابق وهناك من ابناء النادي من خدموا ولازالوا يخدمون على مدار السنوات الماضية وبالنسبة لي يشرفني العمل في النادي فقد قدمت لي الدعوة من الإدارة الحالية بالعمل الإداري ومن عدد من زملائي منهم سليمان وماجد الطفيل للعمل معهم، ولكن الظروف لم تسمح لي، وبإذن الله سأكون متواجداً في القريب العاجل لخدمة النادي. * قدمت للشعلة لاعباً الشيء الكثير، فما الذي قدمه الشعلة لك ؟ - على العكس النادي قدم لي الكثير فهو من أدخلني عالم الشهرة والاحتراف إبان انتقالي للهلال ولديه رجالات قدموا الكثير والكثير لرياضة الخرج ولازالوا ومنهم الرئيس السابق عبدالمحسن الميمان والدكتور عبدالله البرقان الذي له أفضال كثيرة علي وكذلك إدارة الأستاذ خالد الجمعة الرئيس السابق. * ولكن حسب مانشاهد انك أنت من تكفلت بحفل اعتزالك ؟ - نعم ولكن جاء ذلك بسبب أن الأوضاع المادية في الأندية الصغيرة صعبة جداً ويكفي وقوفهم معي في تلك الفترة بتجهيز الملعب ومخاطبة الجهات الرسمية، وصحيح أنني تكفلت بالحفل ومعي أشخاص لازلت أدين لهم بالفضل الكبير بعد الله وهم الدكتور عبدالله البرقان وفهد السميح وتركي الهديب وصالح السهلي وصالح القرني لكونهم وقفوا معي في جلب الرعاة والتنظيم لحفل الاعتزال. * وهل استفدت من المجال الرياضي بعد خروجك منه؟ - الحمد لله قد يكون دخولي المجال الرياضي عرفني على أمور كثيرة منها العمل بإخلاص واحترام الآخرين مهما وصلت الإساءة من أي شخص بالاضافة الى معرفتي بنجوم الوسط الرياضي وبعض الشخصيات المهمة رياضياً ومنهم الأمير بندر بن محمد والكثير من اللاعبين في الأندية السعودية والخليجية. * كثيرون ينتقدون الوسط الرياضي بعد الدخول فيه أنت ماذا تقول ؟ - كوني لاعباً فتجربتي تختلف عن البقية فلم ادخل المجال الفني أو الإداري ولكن أي شخص لا ينجح ستكون ردة فعله عكسية لعدم الاستفادة، وبالنسبة لي اعتبر المجال الرياضي وبالأخص كرة القدم ممتعاً جداً واحرص على اللعب في أوقات أخرى. * الرياضة في محافظة الخرج عادت للاضواء بعد صعود الشعلة لدوري زين وصعود الكوكب لدوري ركاء كيف ترى تطورها هذا الموسم؟ - انا سعيد جداً لما يقدمه الشعلة في الدوري وأيضا لعودة الكوكب لدوري ركاء وأتمنى صعوده الموسم المقبل لدوري المحترفين وهذا يعود لاهتمام أهالي المحافظة بالرياضة ولكن لن يستمر هذا التطور بدون مال، فالفكر وحده لا يكفي، ويبقى الدور المهم لرجال الأعمال وتجار الخرج لتنمية هذا التطور وخدمة الرياضيين بالاستثمار في الملاعب والأندية واستغلال الطفرة الرياضية فمستقبل الرياضة والاستثمار فيها كبير وناجح. * وهل ترى أن أرقام العقود الاحترافية الفلكية تسببت في غياب المنجز السعودي؟ - قد يكون ذلك بغياب التخطيط السليم والتأسيس الصحيح للرياضة في السعودية فالرياضة يوم بعد يوم تتطور الى الأفضل وتحتاج الى تأسيس صحيح للاعبين بالاضافة الى المنشآت الرياضية التي تدخل ضمن هذه المنظومة فاللاعب وبمجرد الحصول على مبالغ طائلة من عقده الأول يختفي الطموح لديه، فالوضع أصبح تأمين مستقبل فقط دون التفكير في النجاح، وما سيقدمه اللاعب للفريق أو المنتخب، ونحن لدينا مواهب قد تصل برياضتنا الى ابعد مما وصلت له في تاريخنا الرياضي ولكن تحتاج الى تثقيف وتجهيز بحيث يقدم على قدر ما يعطى وهذا هو المطلوب كما في الدول المتقدمة. * وماهي الرسالة التي كنت تحملها عندما كنت لاعباً، وهل ترى بأنك أوصلتها؟ - رسالتي كانت الإخلاص فيما اقدمه من عمل تجاه الرياضة، ونشر ثقافة الاحترام بين اللاعبين بالاضافة الى أنني أقدم شيئاً لبلدي وأهلي بأن أساهم في نجاح العمل المقدم والحمد لله قدمت للسلمية والشعلة والهلال ما يرضي الله عز وجل ثم يرضيني. الضيف يتحدث للزميل محمد الحطيم