طبيبة سعودية في إحدى المرات وأثناء عملها وتحديداً الفترة الصباحية إذا بمريضة شابة تدخل إليها فسألتها الدكتورة عن حالتها ومن ماذا تشتكي، فقالت لها إنها تشتكي من ألم في الصدر فكشفت عليها الطبيبة التي بدورها طلبت عمل تحاليل وأشعة على الفور ودار حوار بينهما والطبيبة تنصت للأعراض التي تصيبها ، وتم عمل التحاليل اللازمة وكذلك الأشعة، وكان والد الفتاة خارجاً في صالة الانتظار وهو يدعو ربه بأن يشفي ابنته التي تعاني من آلام حادة في تلك المنطقة طلبت الطبيبة مقابلة والدها على انفراد وأوصت بتنويم الفتاة فوراً تحدثت إلى والد الفتاة قائلة له: ألم تذهبوا بها إلى طبيب من قبل؟ فأجاب الأب نعم ذهبت إلى عدد من الأطباء وكلهم يصفون الأدوية ولكن دون نتيجة إيجابية، فهمت الطبيبة أن سبب تفاقم حالة الفتاة هو الخجل حيث إنها صرحت لها بأشياء كانت الفتاة تخجل أن تذكرها للطبيب وهذا مما لا شك فيه من أبرز العوائد الإيجابية لكون المرأة تعمل طبيبة، أضف إلى ذلك بأن الخجل يجب أن يلغى في الحالات المرضية وهذا الأمر يجب أن يقوم به الإعلام والتعليم عبر التوعية والتثقيف وإيضاح بان لا خجل في المرض والتداوي، ذكرت الطبيبة لوالد الفتاة بأن حالة ابنته حرجة لا سيما في ظل وجود ورم يزداد حجمه يوماً بعد يوم، وكل ذلك نتيجة للخجل من عدم ذكر الأعراض الدقيقة والتي تجعل الطبيب يشتبه على أن هناك ورماً يجب إزالته، ذهل الأب وذكر بأنه اصطحب ابنته إلى الأطباء ولكن الطبيبة قالت إن المريض يقع على عاتقه جزء كبير من التشخيص والدقة في الوصف لأن الأعراض ترتبط بالحالة والأطباء يصفون الدواء من واقع الربط بين الأعراض وصورة الأشعة ونتيجة التحليل التي قد لا تعطي مؤشراً بوجود ورم نظراً لأن الورم ينشأ صغيراً جداً، على كل حال نحن أدخلنا ابنتك إلى إحدى الغرف وسأتابع حالتها وسأجري لها العملية بنفسي، وأرجو المولى تبارك وتعالى أن يوفقني في إزالة هذا الورم بدون مضاعفات حيث إن استئصاله حتمياً ولو انتظرت مدة ثلاثة أيام على أقل تقدير فلن يستطيع أمهر الأطباء في علاج هذه الحالة، حدد للفتاة إجراء العملية في صباح اليوم الثاني ووالدتها ترقد معها في الغرفة، والدموع تسيل على خديها وتدعو خالقها ان يفرج عن كربة ابنتها. في صباح اليوم الثاني استيقظ الجميع، أوصل زوج الطبيبة ابنه الصغير إلى أهل زوجته وأوصل زوجته الى المستشفى داعياً المولى أن يوفقها في هذه العملية الحرجة، وطلب منها أن تتصل عليه بمجرد الانتهاء من العلمية. دخلت الطبيبة إلى المستشفى وعلى الفور اتجهت إلى غرفة الفتاة ووجدت والدة الفتاة وهي تدعو لها بالصحة والسعادة وطول العمر، فقالت لها الطبيبة: هوني عليك يا والدتي هذي إن شاء الله عملية بسيطة وبإذن الله سنتمكن من إزالة هذا الورم الذي كان يؤلمها، تم إجراء التجهيزات اللازمة ودخلت الفتاة إلى غرفة العمليات وكان الفريق الطبي بقيادة الدكتورة على أهبة الاستعداد، فأجريت العملية الجراحية للفتاة الساعة التاسعة صباحاً ولم يخرج الفريق الطبي من غرفة العمليات إلا الساعة الرابعة عصرا أي سبع ساعات نظراً لحساسية هذه العملية وخطورتها وخوفاً من حدوث مضاعفات ونحو ذلك، وانفرجت أسارير الطاقم الطبي والممرضات وهم يحمدون الله ويشكرونه بعد أن كان مبضع الدكتورة دقيقاً وتمت إزالة الورم بدون حدوث أية مضاعفات فحمدت الله وشكرته والدموع تنساب من عينيها وبعض زميلاتها من الفريق، وخرجت من غرفة العمليات، وإذا هي وجهاً لوجه أمام والد ووالدة الفتاة فلما رأوا الدموع على خدود الطبيبة اعتقدوا أن أمراً سيئاً قد حصل، إلا أنها بادرت بالصياح نجحت العملية نجحت العملية يا خالة، فطلبت الأم رؤية ابنتها إلا أنها قالت لها إنها في حالة تخدير كامل وسيتم نقلها إلى الغرفة لاحقاً وبإمكانكم رؤيتها. أقبلت الأم تقبل الطبيبة والدموع تنهمر من عينيها ووالدها كذلك لا يلبث مكررا الدعاء للحكومة الرشيدة التي هيأت كل السبل ويسرت كل الوسائل والتفت الى الطبيبة الماهرة وهو يمسح دموعه بطرف الشماغ وابتهل الى المولى بأن يحفظها ويجزيها وفريقها الطبي خير الجزاء، أفاقت الفتاة من المخدر الساعة الثامنة مساءً وكانت تريد أن تشرب ماء إلا أن الطبيبة أوصت الجميع بأن لا تأكل ولا تشرب شيئاً حتى الساعة التاسعة كانت أسرة الفتاة بجانبها ووالدتها تربت على كتفها وتقبل رأسها، وهي تقول الحمدلله يا بنيتي العملية نجحت، فانهمرت دموع الفتاة وهي التي صارعت اياما يتغشاها الأسى والألم وحركت يديها ببطء وهي تدعو خالق السموات والأرض بأن يحفظ الوطن واهله. عادت الدكتورة عند الساعة التاسعة مساء ووجدت كل شيء على ما يرام قياساً إلى درجة الحرارة وضغط الدم وخلاف ذلك بعد العمليات الجراحية، وسمحت لها الطبيبة بشرب قليل من الماء، ومنعتها من الأكل حيث إن المغذي بدوره كان يضخ بالجسم المواد التي يحتاجها، وقالت لوالدتها بإمكانها أن تأكل غداً صباحاً وأوصت بنوع معين من الغذاء للمريضة. أمضت الفتاة قرابة أسبوعين في المستشفى وتحت المراقبة، وخرجت سليمة معافاة بفضل الله ثم بفضل الفريق الطبي بقيادة الدكتورة، عادت الطبيبة إلى منزل والدها لتصطحب ابنها الذي تتركه في الصباح عند أهلها سلمت على والدها وطلبوا منها البقاء لأنهم عزموا زوجها على العشاء، فجلست تحدثهم عن الحالة التي جاءتها هذا اليوم وكيف أنها اجرت عملية حساسة ودقيقة، وذكرت كيف أن خجل البنت من ذكر الأعراض للطبيب أوصلها إلى هذه الحالة وقس على ذلك المهن المختلفة والمرتبطة باحتياجات المرأة ، حمد الأب الله وشكره بأن رزقه بهذه البنت المباركة، وكان يلوم نفسه كيف طاوع احد اخوانها بإخراجها من كلية الطب آنذاك بحجج واهية واقرب الى التشكيك وزعزعة الثقة واستباق الافتراضات السلبية السيئة إلا ان الأب وبعد سنة من انقطاعها عن الكلية سمح لها بإكمال تعليمها وعادت مرة اخرى للكلية بعدما اقنع الأخ الأكبر والده بأهمية تعليم المرأة وحاجة البلاد لطبيبات يخدمون بنات جنسهم، وشد الأخ الأكبر من ازر اخته وشجعها ، جاء زوج الطبيبة وتناولوا طعام العشاء وانضم اليهم الأخ الذي كان معارضاً لدخول اخته كلية الطب وسمع قصة الفتاة التي في المستشفى، واتضح كيف أن تشدده في تلك الفترة كاد أن يقضي على امل إنقاذ العشرات بل المئات من المريضات. اضاءة : من شعر الأمير بدر بن عبدالمحسن في حفل تخريج دفعة من بنات الوطن: مين يهني السنابل في ليالي عرسها كل شعب الجزيرة اللي تعب في غرسها يا جزيرتنا بناتك ما تناسوا وصاتك كافحوا وتخرجوا وتحت ظلك انتجوا كل يوم في حياتك يا جزيرتنا أمل