توجه العراقيون امس السبت الى مراكز الاقتراع في عموم البلاد للتصويت في انتخابات مجالس المحافظات، في اول اقتراع منذ الانسحاب الاميركي، ينظم في ظل تصاعد اعمال العنف اليومية مؤخرا. وفتحت مراكز الاقتراع الخاصة بأول عملية انتخابية منذ الانتخابات التشريعية في اذار/مارس 2010، عند الساعة 07,00 (04,00 تغ) على ان تستمر حتى الساعة 17,00 (14,00 تغ). وقال رئيس الوزراء نوري المالكي عقب الادلاء بصوته في فندق الرشيد في المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد «كل مواطن ومواطنة، رجل كبير او صغير، شاب وشابة، يظهرون امام الصندوق ويلونون اصبعهم، يقولون لاعداء العملية السياسية اننا لن نتراجع». واضاف «اقول لكل الخائفين من مستقبل العراق والخائفين من عودة العنف والديكتاتورية اننا سنحارب في صناديق الاقتراع»، موضحا ان «هذه رسالة طمانة للمواطن بان العراق بخير ورسالة الى اعداء العملية السياسية». وتابع المالكي الذي يحكم البلاد منذ 2006 «هذه اول انتخابات منذ الانسحاب الاميركي وهي دليل على قدرة وصلابة العملية السياسية وقدرة الحكومة على ان تجري مثل هذه الانتخابات (...) لقد اصبحت لدينا خبرة في اجراء الانتخابات». ودعا المالكي السياسيين العراقيين الى اثبات «انكم اهل لان تقودوا بلدا كالعراق في هذه المنطقة المعقدة». من جهته اعتبر رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي ان «هذا اليوم مهم في تاريخ العراق للانتقال الى مرحلة جديدة». ويتنافس اكثر من 8100 مرشح ينتمون الى اكثر من 260 كيان سياسي على اصوات 13 مليونا و800 الف ناخب للفوز ب378 مقعدا في مجالس 12 محافظة، بعدما قررت الحكومة تأجيل الانتخابات في الانبار ونينوى لفترة لا تزيد على ستة اشهر بسبب الظروف الامنية في هاتين المحافظتين. وتستثنى من هذه الانتخابات محافظات اقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي اي اربيل والسليمانية ودهوك، وكذلك محافظة كركوك المتنازع عليها، علما ان نحو 37 ألف ناخب مهجر من مناطق اخرى يقترعون في 30 مركزا في هذه المحافظات الاربع. ويشارك في الاشراف على هذه الانتخابات 245 مراقبا دوليا ونحو ستين الف مراقب محلي، وفقا لتلفزيون «العراقية» الحكومي. ويعتمد المرشحون على احزابهم وطائفتهم للفوز بمقاعدهم، وهو امر ينسحب على الناخبين ايضا الذين غالبا ما يختارون المرشحين استنادا الى الاحزاب التي ينتمون اليها والى الطائفة ايضا. وتترافق العملية الانتخابية هذه مع اجراءات امنية مشددة، تشمل فرض حظر على السيارات التي لا تحمل ترخيصا خاصا باليوم الانتخابي، الى جانب زيادة حواجز التفتيش على الطرقات، وخصوصا في العاصمة. ومن المتوقع ان يؤثر حظر التجول المقنع هذا على اعداد الناخبين الذين خلت منهم معظم محطات الانتخاب في بغداد. وقال ممثل الامين العام للامم المتحدة مارتن كوبلر خلال تفقده مركزا انتخابيا في منطقة الصالحية في بغداد «اتمنى ان تزداد اعداد النخابين العراقيين اكثر مما هي عليه الآن». وسبق وان اكد دبلوماسيون غربيون لفرانس برس ان مصداقية هذه الانتخابات تتوقف على نسبة المشاركة فيها. وتجري الانتخابات في ظل تصاعد ملحوظ لاعمال العنف اليومية مؤخرا والمستمرة منذ غزو البلاد عام 2003 حيث قتل نحو مئة شخص على مدار الاسبوع الماضي، علما ان اكثر من 200 شخص قتلوا في العراق منذ بداية نيسان/ابريل وفقا لحصيلة تعدها وكالة فرانس برس استنادا الى مصادر امنية وطبية. وبدت بغداد صباح امس مدينة اشباح اذ اغلقت المحال التجارية والمؤسسات كافة وخلت وشوارعها من الازدحام اليومي، حيث تجولها السيارات المرخصة فقط الى جانب سيارات واليات الشرطة والجيش. وقال الطالب علي (22 عاما) لوكالة فرانس برس بعدما ادلى بصوته في مركز انتخابي في الكرادة وسط بغداد «جئت باكرا جدا لانني كنت متحمسا جدا للاقتراع». واضاف «الامن هو المشكلة الرئيسية التي يتوجب عليهم جميعا العمل على حلها. من دون ذلك، ستبقى الحياة صعبة هنا، اتمنى ان تكون هذه اولى مهماتهم». وفي الناصرية (305 كلم جنوب بغداد)، قال محمد سعيد (42 عاما) الذي يعمل باجر يومي «جئت لامارس حقي الشرعي لاختيار الشخص المناسب، واملي ان يهتم المرشحون الفائزون بقضايا الناس». ويخضع الناخبون للتفتيش مرتين قبل دخول مراكز الاقتراع، وفقا لصحافيي فرانس برس. ومع انطلاق العملية الانتخابية صباحا، تعرضت ثلاث مراكز انتخابية في محافظتي بابل وصلاح الدين الى هجمات متفرقة بقذائف الهاون فيما استهدفت ثلاث مراكز متفرقة بالعبوات الصوتية، دون ان تؤدي هذه الهجمات الى وقوع ضحايا. عراقية ترفع أصبعها بعد الإدلاء بصوتها في الانتخابات .(أ ف ب)