خمسينية النهضة عندما يكون الهدف المؤسسي هو ان تكون المرأة السعودية شريكا فعالا في التنمية فإن ذلك يعني وضع من يسعى لتحقيق ذلك تحت مجهر التوقع والترقب المجتمعي. وبالتالي اصبحت اخبار جمعية النهضة النسائية الخيرية محط اهتمام اتصالي واعلامي منذ ان عرفناها عام 1962م. وبالتالي تجبرك اخبار بعض المؤسسات على الوقوف عندها او بالحد الادنى تثير فضولك. ومن هذه الأخبار الخبر الذي يبشر باستمرار عطاء تلك الجمعية باحتفال بمرور خمسين عاما على تأسيسها. فمنذ ان تأسست هذه الجمعية وغيرها من الجمعيات التطوعية نجد أن هناك من يراهن على توقف العطاء ولكن خاب ظن من آمن بهذا الظن. فالعمل الخيري والانساني اقتداء بسيد الخلق عليه افضل الصلاة والتسليم، فهو اصل ثابت في الارض لعطاء شامخ يشق عنان السماء بدعوات المحتاجين. وهو تأصيل لأخلاق الاسلام وتعاليمه. فجمعية النهضة منذ ان تأسست على يد سيدات فاضلات من المجتمع السعودي وعلى رأسهن حرم الملك فيصل الأميرة عفت الثنيان يرحمهما الله قد وضعت لبنة تلو الاخرى في بنيان ثابت نحو تكاتف بنات الوطن في العمل الخيري. ومنذ لحظات الانطلاق والأميرة سارة الفيصل رئيسة للجمعية وعضو حالي في مجلس الشورى وهي لم تتخلَ يوما عن القيام بواجبها التطوعي الخيري. وبالتالي استحقت بجدارة حب المساكين والمستفيدين من خدمات الجمعية، وتوج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز هذا الحب الشعبي بوسام تقديري من الدولة ويحمل اسم المؤسس. فحازت الأميرة بجدارة على وسام الملك عبدالعزيز، وقبل هذا حازت وسام قلوب الناس. فهي سعت منذ البداية مع شقيقتها لطيفة ومع السيدة سميرة خاشقجي والسيدة مظفر ادهم على بلورة افكار الجمعية لتصبح الجمعية الابرز في خدمة المرأة السعودية. والآن تعمل الأميرة سارة مع الكثير من اهل الجاه والعلم والعمل التطوعي في تعزيز مكانة الجمعية وذلك بعمل دؤوب من امينة الجمعية الاميرة موضي بنت خالد بن عبدالعزيز. أكتب هذه السطور لمعرفتي عن قرب بعطاء هذه الجمعية وعن عطاء سيدات الجمعية. فهو عطاء فكري مؤسسي وليس تلبية لحاجات وقتية تسد رمق فقير. وانما لتأسيس منظومة عمل تنموي وتدريبي لتمكين المرأة من العطاء والانتاج. وبالتالي تدخل شريكا في دفع عجلة التنمية. ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل عملت الجمعية على توثيق علمي بصري لجوانب كادت ان تغيب عن مشهدنا الثقافي وبالتالي جمعت تلك الجوانب من التراث النسائي السعودي من جميع ارجاء المملكة ليصبح لدينا ذاكرة وطنية للأزياء النسائية التي كدنا ان ننساها مع ما نستورده من روما وباريس. يضاف الى ذلك تأهيل الفتيات السعوديات على التفكير والمساهمة في الانتاج التراثي الذي يحقق العوائد لهن والنفع لمجتمعهن. وبالتالي يحق للجمعية ان تقول ان رسالتها هي تمكين المرأة اقتصادياً واجتماعياً من خلال الدعم المادي والتدريب وخدمات التوظيف. فكانت البداية اطلاق برامج محو الامية ثم الانتقال الى برامج التمكين وتنتهي بالإنتاج اوالتوظيف. منظومة عمل تكفل للمرأة حاجات اسرتها وتقيها ذل الحاجة وضعف الحيلة دون تمكين. خمسون عاما احتفلت بها الجمعية ليست للمحتاجات من نسائنا فقط، بل هو احتفال لنا جميعا بما قامت به الجمعية الخيرية لخدمة الوطن وتمكين بناته. انها عنوان النبل الذي تقول العرب انه يتمثل في الإحسان الى الناس. وهو عمل لوجه الله تعالى الذي هو غاية تدرك، وأما رضى الناس فغاية قل أن تدرك. والحمد لله ان الجمعية تحتفل بخمسين عاما من العطاء لتكمل مسيرتها بعزم ودراية وبحث وزيارات ميدانية. ولعلها تكون بداية مرحلة في تاريخ وعطاء الجمعية لتمكين المرأة السعودية من الدخول الى عالم الاقتصاد المعرفي وتحقيق منتجاته.