"لا يوجد حجز مؤكد".. "حجزك انتظار".. عبارات تتردد على مسامعنا حين نبحث عن رحلة عبر الخطوط السعودية، حيث ترسخت قناعة "امتصاص الغضب" و"عدم إضاعة الوقت" أثناء سماع عدم وجود رحلة!. ومع قرار هيئة الطيران المدني الأخير بمنح "الخطوط القطرية" و"طيران الخليج" تسيير رحلات داخلية، عادت الآمال لتحيا في نفوس المتعبين، إلاّ أن هذه الآمال يشوبها آلام تجارب "ناس" و"سما" التي كانت محط آمال وترقب لحلول جذرية، حيث أعلنت إحداها إفلاسها وخروجها من السوق، واتجهت الأخرى إلى الرحلات الدولية بحثاً عن المكاسب. ويعاني كثير من المواطنين من مشكلة عدم إيجاد حجوزات السفر، الأمر الذي يجعلهم يضطرون إلى التنقل بين مدن المملكة المترامية الأطراف عن طريق البر، بعد أن أعيتهم الحيلة في البحث عن رحلة عبر الطائرة. ويترقب المواطن والمقيم حزمة من المزايا بدخول الشركات الجديدة، من خلال توفر المقاعد وخيارات الوجهات، عبر إجراءات عمل احترافية تنظم العلاقة بين الراكب والناقلة، عكس ما هو موجود حالياً، كما أن تلك الناقلات الجوية ستوظف كوادر وطنية مؤهلة لخدمة النقل الجوي، إلاّ أنه يجب ألا يقف الأمر على شركتين فقط، بل لابد من التعدد لضمان تنوع الخيارات أمام المسافر. إيجابياً: زيادة عدد الرحلات، توفير مقاعد، إيجاد فرص عمل للشباب، التنافسية في تقديم الخدمة لا أعول كثيراً وقال المواطن "حكم معافا": إنه بدأ يعرف طريق الساحل الذي يربط "جازان" ب"جدة"، من خلال تكرار سفره براً، بعد أن يأس من حجز الرحلات عبر السعودية، مضيفاً أنه لا يعول كثيراً على الشركات الخارجية، حيث أتت لهدف محدد وهو البحث عن الربح، لذلك لن يذهبوا إلى مناطق الأطراف، بل سيركزون على المحطات التي تشهد ضغطاً كبيراً مثل "جدة" "الرياض" "الدمام". وأوضحت "جميلة محمد" أنها تنتظر من "الخطوط القطرية" و"طيران الخليج" أن يكثفوا الرحلات إلى المنطقة الشمالية وتحديداً "القريات"؛ لأن حجم المسافرين سيكون كافياً لجلب تلك الشركات، مضيفةً أنها تسافر كل شهر من "القريات" إلى "جدة؛ كونها تتعالج في أحد المستشفيات، مؤكدةً على أن البحث عن رحلات للسفر يضطرها أحياناً إلى عدم الحضور للموعد الطبي؛ بسبب عدم توفر حجز، مناشدةً هيئة الطيران وغيرهم بأن يلتفتوا للمناطق التي لا يتوفر بها رحلات يومية. تأمين رحلات وحذّر "د.إبراهيم باداود" -رجل أعمال ومسؤول في مجموعة عبداللطيف جميل- من تكرار تجربة "ناس" و"سما"، حين بدأت بقوة وشملت رحلاتها مناطق الأطراف، واستبشرنا خيراً بتحسن خدمة النقل الجوي وكانت النهاية كما نرى، مضيفاً: "كنا نضطر أحياناً إلى إلغاء اجتماعات مهمة لعدم توفر حجوزات للسفر إلى أماكن تلك الاجتماعات، وأحياناً نضطر للسفر قبل مواعيد الاجتماعات بيوم ويومين حتى نضمن الحضور"، كاشفاً عن لجوء بعض المسؤولين ورجال الأعمال إلى نقل اجتماعاتهم إلى دول مجاورة لضمان توفر رحلات، مشيراً إلى أن هيئة الطيران معنية بتأمين عدد كاف من الرحلات يتناسب والكثافة السكانية وحجم الاقتصاد الذي تعيشه المملكة، مع ضرورة تفهم طبيعة المرحلة التي تشهد طفرة كبيرة في شتى المجالات. عدة مزايا وذكر "د. سعد الأحمد" - أستاذ الطيران في كلية الملك فيصل الجوية وكاتب اقتصادي متخصص - عدة مزايا ينتظر أن تتحقق، سواء ما يتعلق بالعملاء وهم المسافرون جواً للرحلات الداخلية والدولية، وكذلك للناقلات الجوية مقدمة الخدمة، مضيفاً أنه في جانب العملاء ستزيد الخطوط الجديدة من الطاقة الاستيعابية المتوفرة للسوق على هيئة رحلات إضافية جديدة بين مطارات المملكة، وكذلك بين مطارات المملكة والمطارات الدولية، مبيناً أن الزيادة المرتفعة للطلب على السفر جواً في العقدين الماضيين نتج عنه الحالة السلبية التي نعيشها اليوم، حيث الفجوة بين الطلب والعرض، في ظل فشل الخطوط السعودية في تطوير أعمالها وشراء المزيد من الطائرات، وذلك على الرغم من الدعم الحكومي الهائل لها ممثلاً بالوقود الممنوح بسعر رمزي، وإعفائها من بعض الرسوم. سلبياً: التركيز على وجهات المدن الكبرى وتناسي مناطق الشمال والجنوب واستغلال «المواسم» توفر المقاعد وكشف "د.الأحمد" عن ترقب المواطن لحزمة من المزايا التي ينتظر تحققها من الشركات الجديدة، مضيفاً أن العميل سينعم بتوفر المقاعد وخيارات الوجهات على منتجات ذات جودة أعلى، وذلك بسبب إجراءات عمل احترافية تنظم العلاقة بين الراكب والناقلة، عكس ما هو موجود حالياً في الخطوط السعودية، كونها ذات موروث حكومي غير مؤهل لإدارة الناقلات الجوية الحديثة، مبيناً أنه من الجوانب الإيجابية أن الناقلات الجوية الجديدة ستوجد فرصاً وظيفية لشباب المملكة من الجنسين، وهذا يعتمد على سياسة الهيئة العامة للطيران المدني المسؤولة عن اللائحة المنظمة لأعمال تلك الناقلات، إذ ليس من الوطنية أن يسمح لتلك الناقلات من توظيف كوادر أجنبية خاصةً وأن مخرجات التعليم والتدريب تفيض بكوادر وطنية مؤهلة لخدمة صناعة النقل الجوي، إضافةً إلى الرقي ببيئة الأعمال الخاصة بالناقلات، التي تُعد متأخرة لدينا. عامل المنافسة وأكد "د.الأحمد" على أن سلوك الأسعار لا يمكن التنبؤ به؛ لأنه يعتمد على عوامل كثيرة مثل سعر وقود الطائرات المختلف على تنظيمه حالياً بين الجهات المعنية و"أرامكو"، كونها الشركة المنتجة، مبيناً أن الجهات المعنية غير معروفة للمهتمين بصناعة النقل الجوي في المملكة، أهي وزارة المالية، أم وزارة التخطيط، أم الهيئة العامة للطيران المدني، أم جهة أخرى، أم أرامكو نفسها؟، مضيفاً أن سعر وقود الطائرات العالمي اليوم يمثل تقريباً (35%) من تكلفة تشغيل الطائرات وهي نسبة كبيرة، وفي حال انخفض سعر الوقود فإن ذلك ينعكس بقوة على سعر التذاكر. وطالب بتحقيق عامل المنافسة لا الاحتكار بين وجهتين، حيث يُعد ذلك من العوامل التي ستؤثر على سعر التذاكر، بحيث يكون لكل مسار جوي بين مدينتين أكثر من ناقل جوي كي لا يستفرد ناقل واحد بمسار وتعود سياسة الاحتكار القديمة، لافتاً إلى قرار مجلس الوزراء الأخير الذي يقضي بتشكيل لجنة من المجلس الاقتصادي الأعلى ومن الهيئة العامة للطيران المدني يعنى بالتوصل إلى تعرفة وسقف أعلى وأدنى لأجور النقل الجوي كما هو معمول به في قطاع الاتصالات المتنقلة. مسارات ثرية وأشار "د.الأحمد" إلى العلاقة الطردية بين عدد سكان مدينة ما وعدد الركاب في المملكة، فمثلاً هناك مدن بعيدة قليلة السكان مثل "رفحا" عانت كثيراً من عدم توفر رحلات جوية لها، وهناك مدن بعيدة كثيفة السكان مثل "جازان" ذات المليون مسافر كل سنة، محملاً الهيئة العامة للطيران المدني مسؤولية المشاركة في تنظيم جدول الرحلات الداخلية، بحيث يتحقق لكل مطار نسبة من الرحلات والسعة المقعدية لتتناسب مع واقع حجم الطلب. وأخذ على الهيئة العامة للطيران المدني عدم نشر الآلية التي على ضوئها تم اختيار الناقلين الاثنين، على الرغم من مرور أشهر على إعلان أسماء الفائزين بالرخصتين الجديدتين، مطالباً بتحديد الآلية التي ستعمل عليها هاتان الناقلتان، وهل سيمكن لهما النقل الدولي من المطارات الثلاث الدولية الرياضوجدةوالدمام أم لا؟، معرباً عن خشيته بأن تُترك مطلقة الحرية، لتتجه إلى مسارات ثرية مثل (جدة- دبي) وإهمال بقية المسارات ذات العلاقة بالمواطنين. التشغيل نهاية 2013 ورداً على تساؤلات بدء التشغيل والمسارات وسقف الأسعار، أوضح الأستاذ "خالد الخيبري" -المتحدث الرسمي للطيران المدني-: إن البدء التشغيلي المتوقع سيكون في نهاية العام الحالي 2013م، أما عن المسارات فلم تحدد حتى الآن، ذاكراً أن سقف الأسعار سيكون وفق القرار الصادر عن مجلس الوزراء. دخول شركات أجنبية في السوق يزيد عدد الرحلات وتوظيف المواطنين الإفادة من تجارب الآخرين يزيد من المنافسة على خدمة الركاب د.سعد الأحمد د.إبراهيم باداود حكم معافا