كان أبرز إيقونة نجاح في مؤتمر المبتعثين السعوديين في أميركا، الذي أقيم قبل أيام في شيكاغو، مع أن ذاك المؤتمر الموسوم ب (متجاوز)، كان مليئاً بالمحفزين، من المتحدثين والحضور، من أبنائنا وبناتنا الذين يرفعون الرؤوس، ويستحقون أن نفتخر بهم، وأن يزاهي بهم الوطن. صعد على خشبة المسرح، وقال: إن حياتنا كلها أرقام، وهو تقدم إلى 25 فتاة لخطبتها، لكنهن رددنه! تعجب الحضور، وأخفوا بضحكاتهم غرابة الموضوع، فقال لهم منذ 8 سنوات لم أعد إلى السعودية! صدق الحضور، ما نقله لهم عن أصدقائهم من أن قلبه ميت! بعد أيام يبلغ شاكر علي 26 عاماً، وهو مؤسس موقع "سعوديون في أميركا"، الذي يقدم أكثر من 30 خدمة للطلاب المبتعثين. ذلك الموقع الذي بدأ بحلم، صار يخدم عشرات آلاف السعوديين الدارسين في أميركا! بعد دقائق من صعود شاكر، الذي سخّر نفسه لخدمة إخوانه وأخواته من السعوديين، فأصبح يرد على اتصالاتهم، وإيميلاتهم التي يصله منها المئات كل يوم، وبعد أن صفق له من استفاد من خدماته من الحضور، أطلق شاكر قنبلة مدوية، فأكد للحضور، أنه ولد بدون أب أو أم، أو عائلة، وزاد: أنا مقطوع من شجرة، أنا لقيط بتصنيف المجتمع! لذلك لم أعد للسعودية، لأن أحداً لا يعبأ بي! مرضت في الغربة، فما اتصل بي مخلوق، ولو متُ لما علم بموتي أحد! التقط شاكر أنفاسه، ودارى دمعته، فوقف الحضور له واستمر التصفيق لدقائق، فقال بشجاعة: كنت وحيداً، منعزلاً، غير اجتماعي، حتى اهرب من اسئلة المجتمع التي كانت تسوطني: من أنت؟ من بيت مين؟ ما أصلك؟ ما قبيلتك؟! تبنت الفاضلة ناجية عبداللطيف جميل، شاكر، فكانت له مثل أمه، يقول شاكر: "لولا فضلها، لما وقفت أمامكم على هذا المسرح"، وأدخلته إحدى أرقى المدارس بجدة، لكن المجتمع الاروستقراطي، زاد ضغوطه على الشاب الصغير، وراحت الأسئلة، والمفاخرة بالأنساب والأحساب، تطارده كوحش من جديد! تعرف على صديق له، فأحبه لشخصه، ونصحه والده ووالدته، بعد تخرجه في الثانوية العامة، بأن يسافر في بعثة لأميركا، ليواجه قدره، ويستقل بنفسه، فلا أحد سينفعه، إلا التسلح بالعلم، ومواجهة القدر. بعد أشهر، لم يستطع الحصول على قبول في جامعة، فانقطعت عنه البعثة، وواجه أول الصعوبات، فاتصل بالسيدة ناجية، وقال لها: سأعود للسعودية، فقد قُطع راتبي، فقالت له بحزم: ليس لدي أبناء يعودون من أميركا بدون شهادة. أدرك أن خياره أن لا ينسحب من معركته. وأقسم أن يساعد الطلبة السعوديين إن وجد قبولاً، فقبل في جامعة، وأبر قسمه بتأسيس موقع سعوديون في أميركا، ذاك الذي قدم خدماته لمئات الآلاف من الطلبة السعوديين دون مقابل. لا يزال في قصة شاكر بقية، نكملها غداً!