بالنسبة للمحققين الايطاليين كان حسن مصطفى اسامة ناصر اكثر من مجرد ارهابي خطير مشتبه به. وبدا من خلال اجهزة مراقبة الهواتف وأجهزة تنصت اخرى انه كان همزة وصل متحدثة ومتحركة بتهديد اكبر في اوروبا وخارجها وقد اختفى فجأة في 17 فبراير عام 2003. وكان ذلك عندما قال مدعون ان عملاء وكالة المخابرات المركزية الامريكية اختطفوا ناصر ونقلوه الى مصر. ويقول رجل الدين المعروف أيضا ب « أبو عمر» انه تعرض للتعذيب في مصر اثناء التحقيق معه ورفض ان يكون مصدرا للمعلومات. وقال قاضي ميلانو جيدو سالفيني الذي اصدر امر اعتقال حسن «اختطاف ابو عمر لم يكن مجرد اجراء غير قانوني حيث انتهك بشكل خطير السيادة الايطالية لكنه ايضا أضر وقلص من فاعلية الحرب على الارهاب برمتها». ولم تتضح المعلومات التي قد تكون السلطات المصرية حصلت عليها من المشتبه به ناصر. وابلغ محاميه في مصر رويترز بأنه قدم طلبا لاطلاق سراحه. وعقب التفجيرات التي اصابت وسائل النقل في لندن هذا الشهر تهدد جماعات اسلامية متشددة بان ايطاليا قد تكون الهدف التالي وأخذت هذه التهديدات بجدية في روما. ويقول مدعون ان ادلة ظهرت خلال تحقيقات مع ناصر وأخرى غيرها مشابهة تثبت استمرار نشاط التشدد الاسلامي في ايطاليا. ويشمل ذلك جمع تبرعات وتجنيد مفجرين انتحاريين لارسالهم الى الخارج الى جانب الاعداد لهجمات محتملة داخل البلاد. ويقول مدعون ان تسجيلات المكالمات الهاتفية توحي بان ناصر ايد تفجيرات مثل تلك التي وقعت في لندن وان لديه معلومات وفيرة عن الجماعات المتشددة في اوروبا. ولا يسع المحققون سوى ابداء الدهشة حول ما كان يمكن أن يعرفوه في حال خضوع ناصر لتحقيقات كاملة في ايطاليا. ويعتقد مسؤولو المخابرات ان ناصر (42 عاما) حارب في افغانستان قبل ذهابه الى ايطاليا في عام 1997 وحصوله على وضع لاجىء سياسي. ويتهمه المحققون بان له علاقات بتنظيم القاعدة وبتجنيد مقاتلين للذهاب الى العراق. واحجمت الولاياتالمتحدة عن ابداء اي تعليق علني بخصوص قضية ناصر حتى بعد اصدار قاض بميلانو في يونيو حزيران امرا باعتقال 13 امريكيا يقول المدعون انهم على علاقة بالمخابرات المركزية الامريكية. وتنفي روما ان تكون صرحت بعملية الخطف واستدعى رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني السفير الامريكي لدى روما ميل سيمبلر في الاول من يوليو الجاري وطلب منه احترام السيادة الايطالية. وشكك سياسيون معارضون في الموقف الرسمي وتساءلوا عما اذا كانت المخابرات المركزية الامريكية قامت بتلك العملية الجريئة دون أن تخطر على الاقل نظراءها الايطاليين. والولاياتالمتحدة وايطاليا حليفان مقربان واكد برلسكوني الذي ارسل قوات ايطالية الى العراق وافغانستان على ان الكفاح المشترك ضد الارهاب لا يزال قويا. لكن مسؤولين ايطاليين يشكون من انه عندما يأتي الامر الى مسألة المشاركة في المعلومات فان واشنطن دائما لا ترد الجميل. وقضية ناصر احد الامثلة على ذلك. ويقول مدعون ان المسؤولين الامريكيين مرروا معلومات مغلوطة الى الشرطة الايطالية عقب الخطف تقول بان ناصر ربما سافر ليقاتل خارج ايطاليا. وقال رئيس الوزراء الايطالي السابق جوليانو اماتو لوسائل اعلام محلية «المشكلة الحقيقية مع الولاياتالمتحدة. هناك صعوبة مؤكدة في الحصول على معلومات (منها)». واضاف «الامريكيون يتخذون موقفا خاصا دون احترام معيار التعاون الى اقصى حد مع الدول الغربية». وتواجه الولاياتالمتحدة تساؤلات من جانب الدول الاوروبية الاخرى بما فيها المانيا حول قيامها بنقل متشددين مشتبه بهم الى الخارج. وقال رئيس الوزراء المصري احمد نظيف في مايو ايار ان الولاياتالمتحدة ارسلت الى مصر نحو 70 مشتبها بهم. واستناداً لمستندات القضاء يبدو أن المدعين الايطاليين كانوا قادرين على التعرف بسهولة على عملاء المخابرات المركزية الامريكية المزعوم تورطهم في اختطاف ناصر الذي تم في وضح النهار. والسؤال الأكبر في ايطاليا هو لماذا اعتقدت واشنطن ان من الضروري خطف ناصر. هل تباطأت ايطاليا كثيراً في اعتقاله أو كانت مترددة للغاية في التحرك بناء على المكالمات التي تم التنصت عليها. ماهي المعلومات التي حصلت عليها واشنطن. ووفقاً لإحدى الروايات كان ناصر مهماً للغاية لدرجة ان وزير الداخلية المصري عرض عليه صفقة ان يكون مصدراً للمعلومات مقابل ان يعود الى ايطاليا. ورفض ناصر ذلك وقال انه عذب بالتعرض لصدمات كهربائية وضوضاء ودرجات حرارة عالية. ويقر المسؤولون الايطاليون بأنهم ربما لا يعرفون الحقيقة الكاملة على الاطلاق رغم ان القاضي سالفيني بدأ عملية قضائية تهدف إلى ترحيل أو على الأقل استجواب ناصر في النهاية. وقال مصدر قضائي ايطالي «حقيقة انه اختطف قوضت بوضوح تحقيقاتنا. هذا لا يمكن انكاره.. من يدري ما كان يمكن ان نحصل عليه من معلومات».