العنف اللفظي أو الانفعالي من أشد أنواع العنف التي قد توجه للإنسان خاصة المرأة والطفل، وحتى للرجل. هذا النوع من العنف رغم أثره المؤلم من الصعب إدراك أثره حتى من قبل الضحية نفسها! ورغم أننا نقول في ثقافتنا بما معناه أن التعنيف أكثر ألماً من الضرب وتوجد نفس الفكرة باللغة الإنجليزية، إلا أن الوعي بهذا النوع من الإساءة ما زال ضعيفاً، فعلى سبيل المثال كثير من الزوجات تصاب بأمراض جسدية وبالاكتئاب نتيجة لما تتعرض له من عنف لفظي ونفسي من زوجها وتراجع المستشفيات ومن طبيب لآخر ومن عيادة نفسية لأخرى، دون أن تدرك أن كل أعراضها الجسدية هي تعبير لذلك الحمل الانفعالي الضاغط على قلبها وروحها! هناك يا سادة من الكلمات ما يقتل القلب ويدمي الروح ويترك أثراً أكثر قوة من الضرب!ولعل الوصف الذي قدمه الكاتب الروسي الشهير (نيقولاى جوجول) في قصته المعطف يفي بالغرض حيث يقول بحال لسان بطل الرواية: لم يذكر "اكاكي اكاكيفتش" مطلقاً كيف نزل على الدرج وخرج إلى الشارع، ولم يكن يحس لا بيديه ولا بساقيه. لم يحدث له في حياته أن نهره جنرال بهذا العنف، وعلاوة على ذلك جنرال ليس رئيسه!. فسار في العاصفة الثلجية التي كانت تعربد في الشوارع فاغراً فاه، وهو يتخبط بين الأرصفة، وهبت عليه الريح كما العادة في بطرسبورغ، من الجهات الأربع كلها ومن جميع الحواري. وعلى الفور أصيب من البرد بورم في حلقه، وعندما وصل إلى البيت لم يكن في وسعه حتى أن يتفوه بكلمة وتورم بدنه كله، فرقد في الفراش، إلى هذه الدرجة يكون التعنيف قوياً أحيانا!. وفي اليوم التالي أصيب بحمى شديدة. وعندما جاء الطبيب، فجس نبضه، لم يجد ما يشير به سوى الكمادات، وذلك فقط حتى لا يبقى المريض بدون عناية الطب الخيرة، وعلى العموم فقد أعلن الطبيب ساعتها أن نهايته المؤكدة ستحل بعد يوم ونصف!. وفعلاً مات بطل الرواية متأثراً بجراحه العاطفية. يقول جبران خليل جبران في هذا الشأن: وقاتل الجسم مقتول بفعلته وقاتل الروح لا تدري به البشر!