لا يشغل تفكير القيادة أكثر من نجاح أبنائها وبناتها المواطنين، وهاجسها الدائم والمستمر إعدادهم عقولا فاعلة منتجة مستشرفة مساهمة في تحقيق الأهداف الاستشرافية للدولة لأنهم الاستثمار الحقيقي والناجح لصناعة تنمية الوطن وحداثته وإحلال التنمية الشاملة على امتداد الجغرافيا والمجتمع، والآن نلمس بعض نجاحاتها على أرض الواقع من خلال تخرج الدفعة الثالثة من مبتعثي برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي. فرؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - الذي يعمل من أجل بناء الإنسان وصياغة عقله ووعيه عبر تكوين ثقافة الإنسان وتأصيل مفاهيمه وإعداده ليمهد الطريق للمواطن السعودي لمستقبل واعد مضيء.. هذه الرؤية أنتجت برنامج الابتعاث الذي تم تأسيسه وفق خطط مدروسة هدفها الإنسان السعودي. وهذه الجهود، والنجاحات، والثمرات لم تعد بالعمل الجديد علينا بل تعودنا عليها وننتظرها كل عام بتطلع لترفع مستوى حياة مواطن المملكة من علو إلى علو، ومن إنجاز إلى إنجاز، ومن تطور إلى أروع وأفضل. فتأتي هذه المناسبة لتجسد أماني وفرحة القيادة بتفوق أبنائها، وحصولهم على تميز معرفي وثقافي، وانخراطهم قريبا في عملية البناء والتحديث، والمساهمة في التنمية الشاملة للوطن. الأمير محمد بن نواف مخاطباً الخريجين: أنتم ثمار الوحدة والأمن ورغد العيش.. وتميزكم فخر للوطن والقيادة والمواطنين وامتداداً لهذه الرؤية المتفوقة أقيم تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نواف بن عبدالعزيز آل سعود، سفير خادم الحرمين الشريفين في المملكة المتحدة، يوم الأحد الماضي في قاعة "رويال فيستيفل" في لندن حفل تخريج الدفعة الثالثة من طلاب وطالبات برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للابتعاث الخارجي في المملكة المتحدة وايرلندا للعام الدراسي 2012-2013م. د. فيصل المهنا أبا الخيل يلقي كلمته افتتح الحفل بمسيرة الخريجين والخريجات بحضور صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نواف، والملحق الثقافي د. فيصل بن محمد المهنا أبا الخيل، والدكتور محمد الحيزان المستشار والمشرف العام على العلاقات العامة والإعلام بوزارة التعليم العالي، وعدد كبير من منسوبي السفارة، ومديري المكاتب السعودية في بريطانيا، وحشد كبير من الأهالي الذين أتوا من المملكة خصيصاً للاحتفال بنجاح أبنائهم، ومشاركتهم فرحتهم. وألقى الطالب علي بن سعيد الشمراني والطالبة عائشة بنت نزار الصالح كلمة بالنيابة عن الخريجين والخريجات أكدا خلالها أن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي جاء ليحقق أحلام الشباب والشابات السعوديين ويجعلها واقعا ملموسا الى ان اصبح هذا البرنامج الطموح محطة من اغنى محطات الحياة ونقطة تحول لكل واحد. كما تقدما الأوطان تبنى على أكتاف أبنائها وبناتها المخلصين.. وواجبكم اليوم العمل على حماية الوطن والرقي به بأسمى آيات الشكر والعرفان لخادم الحرمين الشريفين لما لقوه من دعم ومساندة، بدءاً من إتاحة الفرصة لابتعاثهم، ومروراً بالدعم والمؤازرة طيلة دراستهم قائلين "شكراً يا سيدي لكرمك غير المحدود، وشكراً أن مكنتنا من جعل أحلامنا واقعاً، وأن جعلت ثقتك في ابنائك وبناتك، واعطيتنا الفرصة للتعلم في افضل دور العلم، والتفاعل الايجابي مع الثقافات المختلفة، فكان نتاج هذا العطاء انك اليوم تحتفي بكوكبة من ابنائك الخريجين وبناتك الخريجات". فرحة القيادة وبدئ الحفل بمسيرة للطلبة والطالبات الخريجين، البالغ عددهم 3500 من حملة الدكتوراه والماجستير والبكالوريوس، بعدها ألقى سمو السفير كلمة قال فيها: "إنها لسعادة كبيرة أن أكون معكم، اليوم، ونحن نحتفل بتخريج الدفعة الثالثة من مبتعثي برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - للابتعاث الخارجي، الذين أنهوا دراستهم، وتخرجوا في جامعات المملكة المتحدة وآيرلندا ومعاهدهما البحثية، بنجاح وتميّز. كما لا أنسى أن أعبّر عن شكري وتقديري الشخصي لكم، جميعاً، لتفضلكم بتلبية دعوتنا ومشاركتنا هذه المناسبة المباركة. متوجهاً الى أبنائه وبناته الخريجين أبنائي وبناتي الخريجين والخريجات.. د. المهنا: نبارك للوطن المعطاء رياحين العلم ودرر المعرفة ونفائس التجربة والدربة والمران امتنّ الله - عز وجل - على المسلمين بنعمتين عظيمتين، هما الأمن ورغد العيش فقال تعالى: "واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطّفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون". وإننا جميعاً نعلم أنّ أهل الجزيرة العربية كانوا في حالة من التفرق وشظف العيش وانعدام الأمن؛ إلى أن أنعم الله عليهم بتوحيد الجزيرة العربية على يدي المغفور له الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - ومعه أبناء هذه البلاد المخلصون، من آبائكم وأجدادكم، الذين آمنوا بمشروعه وساندوه. ثمار الوحدة والمستقبل إنني عندما أنظر إليكم اليوم أرى ثمار هذه الوحدة والأمن ورغد العيش، فهنا اجتمعنا من كل مناطق المملكة، من شمالها وجنوبها وشرقها وغربها ووسطها، ومن جميع قبائلها وأسرها، تجمعنا راية التوحيد تحت اسم المملكة العربية السعودية. أبنائي وبناتي.. لقد بذل الملك عبدالعزيز ومعه المخلصون من أبناء هذه البلاد الغالي والنفيس في سبيل جمع الكلمة وتوحيد الشمل، فكانت النتيجة وحدة العقيدة والمشروع والمصير المشترك في هذا الكيان العظيم. لم تكن وحدة مفروضة على طرف أو جماعة، كما لم تكن لمصلحة طرف أو جماعة على حساب الآخرين، بل كانت وحدة شاملة صادقة منبثقة من داخل قلوب وعقول أبناء هذا البلد، ولذا فقد صمدت أمام تحديات عظمى عصفت بكثير من الدول ومزّقتها شرّ ممزق. فكما لا يخفى عليكم أن المملكة واجهت في الخمسينيات والستينيات من القرن المنصرم هجمة شيوعية وقومية شرسة كانت تهدف إلى إسقاط نظام الحكم، وفي التسعينيات تعرضت المملكة لتهديد وعدوان عسكري خارجي، كما واجهت في أوائل هذا القرن هجمة إرهابية متطرفة قامت بالتفجير وقتل الأبرياء، وفي السنوات الأخيرة تعرّض العالم لأزمة اقتصادية خانقة عصفت ببعض الاقتصادات الكبرى وتركت آثاراً عميقة في الاقتصادات المهمة الأخرى، وتلتها اضطرابات سياسية في بعض الدول العربية أدّت إلى انهيار بعض الحكومات وتقسيم بعض الدول الأخرى. وللأسف ففي كل أزمة يكون هناك من يراهن على سقوط الدولة وتقسيم الوطن، إلا أنه وبحمد الله وتوفيقه ثم بفضل السياسة السديدة لقيادتنا الرشيدة تخرج المملكة من كل أزمة وهي أشدّ قوة وشعبها أكثر تلاحماً. لقد واجهت المملكة بحزم وإيمان وثقة الهجمات التي استهدفتها مؤكدة حزمها في ضبط الأمن، وصدقها في التزامها بالعقيدة الإسلامية النقية وانتمائها العربي الأصيل ومصالحها الوطنية المستقلة، لا تقبل مزايدة ولا ترضى ابتزازاً. عائشة الصالح تشكر خادم الحرمين نيابة عن الخريجين: أعطيتنا الفرصة للتعلم في أفضل دور العلم والتفاعل الإيجابي مع الثقافات المختلفة المزيد من النجاح والفخر أبنائي وبناتي الخريجين، إنكم تمثلون الدفعة الثالثة من خريجي برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث، وأريد أن استغل هذه الفرصة لتهنئتكم وأسركم بهذا الإنجاز العلمي الكبير، متمنياً لكم المزيد من التوفيق والنجاح، داعياً إياكم إلى العمل الجاد والدؤوب في سبيل خدمة الوطن والمليك. وللأوطان في دم كل حرّ يدٌ سلفت ودينٌ مستحقّ. فالله الله في الجد والاجتهاد والعمل الصادق المستمر، فإن الأوطان إنما تبنى على أكتاف أبنائها وبناتها الواعين المخلصين. لقد قام أجدادكم بجهد جبّار في سبيل توحيد هذه البلاد، وواجبكم اليوم هو العمل على حماية هذا الوطن والرقي به في شتى المجالات، وأنتم ولله الحمد خير من يقوم بهذا الواجب. الطالبة عائشة الصالح تلقي كلمة الطالبات ولم يكن لأجدادكم أن يحققوا هذه الوحدة إلا بالاستعانة بالله تعالى أولاً، ثم بالتعاضد والتعاون والتكاتف. وأنتم لن تكونوا قادرين على حماية الوطن والرقي به إلا بالتعاضد والتعاون والتكاتف وتوحيد الصف والكلمة بعد الاستعانة بالله. واحذروا من التنازع وتمزيق الوحدة وتفريق الصف فإنها بداية الفشل والانهيار، كما قال تعالى: "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم". إن سعادتي وفخري، اليوم، لا يقلان عما شعرت به وأنا أشارك في الاحتفال بتخريج الدفعتين الأولى والثانية من هذا البرنامج المستقبلي الطموح. خاصة وأنا أرى عدد الخريجين والخريجات في هذه الدفعة قد بلغ الآلاف من أبناء وبنات بلادي الذين حازوا الدرجات العلمية الجامعية، في تخصصات ومجالات تزيد عما يمكنني حصره في كلمتي هذه. كما أنني أود أن أقرن، مع تهنئتي الصادقة للخريجين والخريجات بتخرجهم، تهنئة إضافية خاصة لتميّز العديد منهم تميّزاً باهراً تمثل في درجات الشرف والامتياز وبراءات الاختراع التي أحرزوها في مجالات عديدة. فلا شك أن ما حققوه من إنجازات وتميّز ليس محل الابتهاج فحسب، وإنما هو سبب يضاف إلى أسباب فخر وطنهم وقيادتهم وذويهم بهم. الشكر لجميع من ساهم وأود، في هذا المقام، أن أدعو أبنائي وبناتي، الخريجين والخريجات، إلى الاستفادة من النشاطات التي ينطوي عليها برنامج يوم المهنة، والمعرض المصاحب له، والتي تجري على هامش احتفالنا المبارك هذا. وفي هذا، فإنني أشكر الإخوة في الملحقية الثقافية السعودية، وجميع الجهات المشاركة في تنظيم وتنفيذ يوم ومعرض المهنة، لأنهم بجهودهم، في هذا المجال، أتاحوا الفرصة للجمع بين الخريجين وبين مجالات العمل الأكثر ملاءمة لهم ولمجالات تخصصهم العلمية. أيها الحضور الكرام.. لا بدّ لي، قبل أن أختم كلمتي هذه، أن أقدم صادق شكري وتقديري للمسؤولين والأكاديميين في جامعات المملكة المتحدة وآيرلندا ومعاهدهما العلمية، على ما قدموه لأبنائنا وبناتنا من دعم ومساندة، وما زودوهم به من علم ومعرفة، مؤكداً لهم أن ثمار جهودهم، التي ستتجلى فيما سينجزه أبناؤنا وبناتنا، مستفيدين مما اكتسبوه من علوم ومعارف، لن تقتصر على المملكة العربية السعودية وشعبها فحسب، بل سيعم خيرها، بإذن الله، كل الإنسانية في أصقاع الأرض. وأختم كلمتي هذه بسؤال الله، جل وعلا، أن يحفظ لنا بلادنا الغالية، أعزها الله، وقيادتنا الرشيدة، أيدها الله، وأن يديم علينا الأمن والأمان، ويجمعنا دائماً على الخير والحب والوئام. أكرر تهاني لأبنائي وبناتي الخريجين والخريجات ولذويهم، وأكرر، كذلك شكري لمن أسعدنا بحضور حفلنا هذا، وأشكر لكم حسن إنصاتكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مباركة للوطن كما ألقى الملحق الثقافي الدكتور فيصل بن محمد المهنا أبا الخيل كلمة بارك فيها للوطن هذه الثلة الطيبة من أبنائه وبناته البررة. وقال: "نبارك للوطن المعطاء رياحين العلم ودرر المعرفة ونفائس التجربة والدربة والمران، نفائس صاغها حسن الولاء لأرض عز تحنو على أبنائها كرما وطيبا، نفائس نعلو بها سنام المجد وقمم الريادة والتميز". حق الطلاب بالفخر واضاف د. أبا الخيل "حق لكم ان تفخروا بما أنجزتم اذ تتأملون تفاصيل الحكاية. بداية مفعمة بالآمال مغلفة بالتواجس من المجهول، فالأرض ليست تلك والقوم غير القوم واللسان آخر وبين هذا وذاك أم مشتاقة ومرافق ضحى وامل بالنجاح كان يبدو بعيد المنال. واجهتم المصاعب واحسنتم في تجاوزها، مع الأستاذ والجامعة والمعهد، في المكتبة والمعمل والمسكن، وبالطبع لدى الملحقية، ولسان الحال يقول واصفاً إياها: بيت تحت سقفه اختلفنا لنتفق وتناقشنا لنتفاهم وعشنا حياة الأسرة الواحدة بكل ما لها وعليها لا يخالجنا أدنى شك في اخوتنا في حبنا لبعضنا البعض وفي سيرنا يداً بيد نصب أعيننا ذات الغاية والهدف". اشتقت إليك يا وطني كما قال د. أبا الخيل: "حقاً قد أفلحتم بالرغم مما تحملون من حنين وشوق للوطن. نعم، أرددها وإياكم: اشتقت إليك يا وطني. اشتقت إليك يا مهوى الأفئدة يا موئل الصلاح والتقى. اشتقت الى "حيا على الفلاح" تجلي الفؤاد وتسوق النفس خشية ورجاء، اشتقت إليك يا وطني بكل ما فيك، اشتقت الى رمالك الذهبية وسهولك الممتدة وجبالك الشامخة وشطآنك الزرقاء الدافئة، اشتقت الى عزة القوم وكرمهم واقدامهم في القول والعمل، اشتقت الى دفء القلوب وصفاء السريرة، واشتقت الى أم حانية وأب رحيم". ورفع الشكر والعرفان باسم كل من يفتخر بمواطنته لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني - حفظهم الله - والحكومة الرشيدة لقاء ما بذل في خدمة الوطن والمواطن. كما عبر الدكتور أبا الخيل عن وافر الود وصادق الإخلاص لسمو السفير محمد بن نواف لرعايته الكريمة، مشيرًا إلى أن هذه الرعاية امتداد لإسهامات سموه الجليلة والحانية خدمة للطلاب المبتعثين وذويهم. وعبر كذلك عن شكره لوزارة التعليم العالي وفي مقدمتها معالي الوزير على جهودها المباركة في ميادين التعليم والابتعاث، مشيداً بجهود الجامعات في بريطانيا وأيرلندا لما وفرته للطلاب السعوديين من بيئة دراسية متميزة. وفي ختام الحفل، تلقى سمو السفير هدية تذكارية من الطلاب الخريجين، ثم توجه الى وسط القاعة ليشارك أبناءه وبناته الخريجين فرحتهم ويهنئهم بهذا النجاح. فأضفت هذه اللفتة الأبوية البهجة الكبيرة عند الطلاب الذين أتاحت لهم الفرصة في هذا اليوم السعيد من حياتهم أن يعبروا لسموه عن مدى سعادتهم وامتنانهم لحرص سموه الشديد والمتواصل على راحتهم وأمنهم وتيسير مهمتهم والوقوف بجانبهم لتحقيق طموحاتهم في مسيرتهم العلمية. كما جرى التقاط الصور التذكارية للخريجين والخريجات مع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نواف والملحق الثقافي د. فيصل المهنا أبا الخيل. الطالبات المتخرجات في الحفل فرحة إحدى الطالبات طالبالت البكلوريوس الحضور خلال النشيد الوطني