بات واضحاً الآن أن الدكتور حافظ المدلج قد أناخ براحلته في دبي، إذ صار يتواجد فيها أكثر مما يتواجد في العاصمة الرياض، أو حيث ما ينبغي أن يكون كمرشح لرئاسة الاتحاد الآسيوي يفترض فيه أن ييمم وجهه ذات المشرق والمغرب بامتداد رقعة القارة الصفراء؛ خصوصاً وأنه لم يعد يفصله عن استحقاق الثاني من مايو المرتقب سوى شهر واحد. اختيار المدلج لدبي كمحطة ينيخ فيها راحلته لا يأتي للسياحة فقط هذه المرة. صحيح أنها الإمارة التي ما انفك يتغزل بها علانية كما يفعل دائماً عبر حساباته في مواقع التصفح الاجتماعي، كما أنها الوجهة التي يتلذذ فيها بأكل الهامبورغر من نوع "شيك شاك" كما أخبرنا في غير مناسبة؛ لكن هذه المرة له في "دار الحي" مآرب أخرى. من مآرب مرشحنا وهو الذي تعلقنا بتلابيب الآمال معه بأن يكون أول سعودي يترأس الاتحاد الآسيوي أنه صار قريباً من المرشح الإماراتي يوسف السركال حتى لا يكاد يفارقه وكأنه أحد أعضاء حملته الانتخابية لا منافساً له وإن بالتوافق؛ وهو بهذا التقارب يسعى للفوز بمنصب "النائب" في حال سحب أوراق ترشيحه من منصب الرئيس، وهو ما سيكون قريباً. ومن مآرب مرشحنا الذي وجد باب مملكة كرة القدم الآسيوية موصدا في وجهه للجلوس على الكرسي الأكبر فيها أنه وجد في دبي منصة إعلامية يمكن من خلالها أن يقوم بحملة علاقات خاصة، باعتبارها تحتضن عديد الفضائيات العربية والعالمية؛ إذ يسهل فيها التواجد في أكبر عدد منها في غضون فترة زمنية وجيزة، وهذا ما حدث تماماً، حيث لا يكاد يغادر قناة حتى يطل برأسه علينا من أخرى، ليتحدث فيها ناقداً ومحللاً على طريقة الإعلامي لا على طريقة المرشح المسؤول، وشتان بينهما. ومن مآرب مرشحنا الغارق في طموحاته – وحقّ له ذلك – أيضاً أنه وجد في معشوقته الإماراتية الفاتنة حضناً دافئاً؛ فراح يرمي فيه همومه ويبث أحزانه؛ بلا أدنى اعتبارات، وهذا ما كان لافتاً في حواره الأخير؛ إذ وجه سهام نقده إلى غير جهة بطريقة تفتقد للحدود الدنيا لدبلوماسية المسؤول؛ خصوصاً وأن الجهات التي انتقدها من دبي جهات أعلى من مؤسسة الرياضة كما سماها بنفسه. المدلج في حواره الذي تحدث فيه بلهجة غارقة في الحزن قال إنه افتقد للميزانية، وللدعم اللوجستي من خارج مؤسسة الرياضة، واصفاً نفسه بصاحب "الجناحين المكسورين"، ومن بين من انتقد وزارة الخارجية حين كشف بأن أصدقاء له في سفارات المملكة قد صارحوه بأنهم لم يتلقوا أي توجيه بدعمه، عاقداً في ذات الوقت مقارنة بين ما يلقاه مرشح البحرين الشيخ سلمان بن إبراهيم، وما يلقاه مرشح الإمارات يوسف السركال من دعم من بلديهما، مبدياً خيبة أمل واضحة باعتباره "مرشح وطن" كما وصف نفسه. في الأثناء ورغم قناعته بضعف موقفه لا زال المدلج يراهن على الوقت بل أراه يستجديه من باب لعل وعسى؛ وكأنه ينتظر فقط نافذة القدر أن تُفتح له، إذ يصر على الاستمرار أكثر دون حراك حقيقي على الأرض كمرشح للرئاسة، وهو ما يؤكد أن الرجل لا يبحث الآن إلا عن مكاسبه الإعلامية، وإن كان في ذلك مزيد من تشويه الموقف السعودي الذي بدا ضعيفاً للغاية في المشهد الدولي، باعتراف المدلج نفسه، لذلك وحفاظاً على ما بقي من سمعة، فالانسحاب الذي بات مطلباً بالأمس أصبح واجباً اليوم.