الحمدُ لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين، أما بعد: فقد تابع الجميع ما أعلنت عنه وزارة الداخلية وبتعاون مع رئاسة الاستخبارات من القبض على شبكة تجسس تستهدف مواقع ومنشآت حيوية بالمملكة العربية السعودية، إلى آخر ما جاء في البيان. وكذلك ما تم إلحاقه عن ارتباطات مباشرة لعناصر هذه الخلية بأجهزة الاستخبارات الإيرانية. وأمام هذا الحدث المهم يتبين ما يجب على كل فرد يعيش على ثرى هذه الأرض الطيبة أن يحمل من مشاعر المسؤولية ما يفرض عليه التنبه لما يحاك ضد الوطن العزيز من الشرور والمكائد، فكلنا في الوطن العزيز رجال أمن ضد المفسدين والخائنين مهما تستروا وخادعوا. ومما يزيد من الطمأنينة ومضاعفة الجهد إدراكنا بأنَّ أمنَ المملكة العربية السعودية محل اهتمام مليار ونصف المليار من المسلمين، بالنظر إلى المكانة الروحية للمملكة، لاحتضانها الحرمين والشريفين والتشرف بخدمتهما، علاوة على المنزلة العظيمة للمملكة في خدمتها للقرآن الكريم وسنة النبي الأمين محمد عليه الصلاة والسلام في أرجاء العالم، وكذلك المواقف المشرفة للمملكة بالدفاع عن قضايا المسلمين في المحافل الدولية، وهبَّتها لخدمة الإنسانية في الشدائد والملمات. وإذا كانت هذه المشاعر الصادقة للمسلمين في أصقاع الأرض نحو المملكة، والتي توالت من حين الإعلان عن كشف تلك الشبكة الخائنة ومن يقف وراءها، فإن المواطنين والمقيمين في المملكة عليهم من المسؤولية ما يجب أن يدركوه ويقوموا به حق القيام. وفي الحين نفسه فإن الجهات الاستخباراتية الإيرانية بهذه الأعمال الماكرة ضد المملكة فهي في الحقيقة إنما تسدد طعنةٌ خائنة ضد المسلمين وضد مقدساتهم، لأن التجسس الذي يصنعونه ليس للخير والرشد، ولكنه بالشرِّ والإثم الذي يريدون من ورائه الإفساد وخلخلة الأمن بأقدس والبقاع، والله تعالى من ورائهم محيط بما هيأ سبحانه من الحفظ والسلامة لبلاد الحرمين وقاطنيها وساكنيها، قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) [يونس/81]. وإذا كانت الجهود المخلصة التي قام بها رجال الاستخبارات والجهات المختصة بوزارة الداخلية قد جنَّبت البلاد بفضل الله مثل هذا الأعمال التجسسية الخائنة، فإنَّ ذلك لا يعفي الأفراد من القيام بواجبهم، كلٌّ في ميدانه وتخصصه، ومما يعين على استشعار هذا المطلب أن يستحضر الشخص المصالح العليا لهذا الوطن العزيز، بما تتضمنه من الحرص على التعاون والتكاتف، واليقظة لما يراد تمريره من مكائد تتلبس بلبوس البراءة والسلامة، ولكن في غضونها الشر والإفساد. ولا ريب أن الكشف عن هذه الشبكة التجسسية قد كشف جهات وأشخاصاً يبطنون خلاف ما يظهرون، واستبان بشكل صريح ولاؤهم وميلهم، حيث ظهر ذلك منهم حين أرادوا تبرئة المقبوض عليهم دون علم ولا بينة ، وكان الواجب عليهم ما داموا منتمين للوطن، أو قائمين بالعدل أن يصرحوا بإدانة هذا العمل كائناً من كان الشخص الذي قام به. وإننا في هذه البلاد التي أفاء الله عليها من الخيرات والبركات ما لا يُعدٌّ ولا يُحصى، وأعظم ذلك: تحكيم الشريعة الإسلامية، حتى باتت مظهراً بارزاً يمارسه الجميع، دولةً وأفراداً، ثم بما لها من آثار الخير والبِرِّ في العالم، لنرجو الله أن يدفع عن بلادنا الشرور والفتن، وبخاصةٍ كيد الكائدين وخيانة الخائنين، وقد قال الله جل شأنه: (وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ) [ سورة يوسف: 52] فإنَّ كل خائن لا بد أن تعود خيانتُه ومكرُه على نفسه، ولا بد أن يتبين أمرُه ولله الحمد والفضل. ولا يفوت في هذا المقام الثناء والاغتباط بجهود رجال الأمن في وزارة الداخلية وفي رئاسة الاستخبارات وجهود قياداتهم، فهاهم مرةً بعد أخرى يثبتون يقظتهم وجاهزيتهم، فقد أثلجوا صدور المحبين للمملكة في الداخل والخارج، فجزاهم الله خير الجزاء، وزادهم سداداً وتوفيقاً ، وحفظ بلادنا من كيد الأعداء والأشرار (فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ). * الأمين العام المساعد للهيئة العالمية للتعريف بالرسول صلى الله عليه وسلم ونصرته