عملية تشكيل لجنة وزارية عربية وفقاً لنتائج القمة العربية في قطر لتذهب لأمريكا والشرح لها عن مشروع السلام العربي - الإسرائيلي لن تكون لها جدوى لا من الناحية العملية ولا السياسية لأن المشروع الذي مضى عليه سنوات طويلة ليس غائباً عن دوائر القرار ولا مراكز البحث والتحليل في أمريكا، وطالما الرفض، في الأساس، جاء من إسرائيل فأمريكا تسير على نفس الخط بقناعة الحليف الأهم في المنطقة.. لقد جرب العرب عقد المؤتمرات في عواصم غربية مثل مدريد ودولية أخرى، وتحرك مندوبون من عصر إيزنهاور الرئيس الأمريكي ما بعد الحرب العالمية الثانية، وآخر زيارة لأوباما لإسرائيل والضفة الغربية والأردن، ولم يصدر عنه ما يشير أن هذه المسألة التي ظلت كأولوية في الاهتمامات العربية حتى بتغير المناصب وتسارع الأحداث، بل إن ما كانت تقنع به إسرائيل ما بعد حرب 1973م عندما عقد السلام بينها وبين مصر، ثم الأردن، أصبح جزءاً من الماضي إذ أصبحت الضفة مجزأة تضاعف فيها الاستيطان، وقد يستحيل أن تكون مشروع دولة مع غزة ولا تزال تستمر بالتوسع والتقطيع، وباتفاق لم يعلن بينها وبين أمريكا.. السلام لا يتحقق بين طرفين أحدهما قوي يفرض إرادته ويجد تأييداً من المجتمع الدولي، وآخر ضعيف يستجدي مطالبه، بل إن تساوي القوة في هذه العمليات هو الذي يفرض انتزاع الحقوق، والعرب في مسارهم الراهن أضعف من أن يحركوا أمريكا لتقوم بدور الوسيط المقبول والنزيه، وعِبر التاريخ كبيرة وكثيرة حيث المهزوم يبقى مستسلماً راضياً بشروط خصمه حتى لو كانت مجحفة، وأشهرها هزيمة ألمانيا واليابان وفرض الاحتلال عليهما ومحاكمة بقايا نظاميهما النازي والفاشي ولا تزالان بدون قرار مستقل حتى اليوم.. مأساة العرب ليست في ميزان القوة العسكرية فقط، بل إن الجغرافيا والسكان والموقع الحساس إستراتيجياً لكل العالم، لم تلعب الدور الذي يمكننا المناورة بها وإذا ما أضيفت الثروات والعلاقات الدولية فإن اشتراطات الضغط موجودة لكن من يديرها منقسمون على أنفسهم وبدون خطة عمل واضحة سواء بين الفلسطينيين الذين تقاطعت بينهم الطرق، أو العرب الذين كما وصفهم «سعد زغلول» بأنهم صفر على الشمال، وقال عنهم دايان: «إذا عرفوا كيف يصطفون ب «طابور» لركوب الحافلة، فسيهزمون إسرائيل» وهذا ليس يأساً، لأن عوامل الزمن متقلبة وقد يصل العرب إلى قناعة بجدوى تسلسل المراحل بداية من التضامن، ثم الاتحاد، فالوحدة، ولو على القضايا الأمنية والاقتصادية كبدايات لعمل عربي ينقلنا من حالة الهزيمة إلى معادلة إسرائيل بكل القوى، وهذا لا أعتقد أننا سنراه مع هذا الجيل، لأنه لا وجود للمعجزات، ولكن مسار الواقع الذي يتجه إلى العلاقات الشكلية بين كل الأنظمة وتوالي الشكوك حول النوايا، والتحالفات مع بلدان إقليمية ضد دول عربية، وجعل قضية فلسطين مجرد شعار، يرينا أننا نمشي في الاتجاه المضاد لصنع قرارنا وحمايته..