في ظل الضغوط الاجتماعية والنفسية على المجتمع وظهور مشاكل جديدة، ومع ثورة التقنية وانتشار الفضائيات وتنوع وسائل التربية ومصادر الثقافة واكتساب المعلومة ومطالعة الجديد، ايجابياً أو سلبياً، نتجت فجوة في التركيبة الاجتماعية لبعض الأسر. تولدت منها مشاكل أسرية بين الأب وابنه والفتاة وأهلها والزوجة وزوجها، وخصوصاً حديثي الزواج. والكل يدعي ضعف فهمه بالآخر، وأنه المصيب. المشاكل نتاج طبيعي في المجتمعات. والاختلاف في الجزئيات ملح الحياة. لكن الواجب احتواء الاختلافات بالحوار والتنازل في الوقت المناسب بكل هدوء وأدب كي لا يصل الخلاف للأساسيات وبانعدام حل مقنع ورغبه أحد الأطراف تجاوز المشاكل يبحث عن مساعده برأي أو مشورة. وهذا تصرف حكيم سليم . عندها ينشط دخلاء على مهمة إنسانية بتصنيف أنفسهم (مستشار أسري). ولعشوائية وفوضى الاستشارات الأسرية في مجتمعنا أقدم ثلاث رسائل جوهرية: الأولى: للمستشير. وخاصة (النساء). أقول: حاولي قدر المستطاع احتواء المشكلة بين جدران منزلك. فبالتفاهم والحوار وبعض تنازلات الطرفين تُحل المشكلة. وإذا كان لا بد من رأي أو مشورة فاحرصي أن يكون المستشار الأسري موثوقاً في دينه وسلوكه وخبرته. والأفضل أن يكون مستشار مشاكل المرأة امرأة مثلها. فهي أقرب لإدراك مشاكل بنات جنسها وعواطفها. وأن تكون المستشارة متخصصة في الإرشاد الأسري أو أخصائية اجتماعية، ذات خبرة و دراية. فتقديم بعض الاستشارات بحماس شخصي دون تخصص وخبرة قد يهدم بيوتاً ويشتت أسراً. ولتحذر كل أخت من استشارة مجهول. فليس كل ملتحٍ موثوقاً في سلوكه ودينه، إذْ تُتداول أسماء (الشيخ أبو فلان) وتكون المرأة في حالة ضعف باحثةً عمّن تشتكي له. وهنا قد يستغل ذلك بعض ضعاف نفوس إما بطلب مبلغ مادي أو أمور غير أخلاقية. وربما أدى توسع حديثه معها لمعاودة الاتصال بها غداً إظهاراً لاهتمامه، ثم يتطور الأمر لصداقة محرمة تنتهي بالابتزاز. الثانية: للمستشار. أقول لكل مستشار أسري: إتق الله في عملك. لا تعلق المستشيرة بشخصك كأنك تمتلك عصا سحرية لكل مشاكلها. يجب عليك معاونتها بالرأي وطلب الصبر والعون والدعاء من رب العالمين، وتذكيرها بنماذج السلف والصالحين في ذلك. واجعل طلبك المادي معقولاً لا مستغلاً. الثالثة: الى وزارة الشؤون الاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني ذات الاهتمام بالمجال الأسري فأقول :ينبغي العمل على سن قوانين وتنظيم للاستشارات الأسرية ومنح رخص لمزاولة عملها وحصرها بمن تتوفر فيه شروط الاستقامة والسلوك الحسن ومؤهلات وموثوق في دينه وحكمته، والعمل على رقابة تلك المراكز للتاكد من كل شيء. فالبيوت أسرار ومشاكل مجتمعنا ليس أداة تربح. وحسب علمي فمراكز الاستشارات الأهلية تعمل تحت مظلة وزارة التجارة. ويجب تفعيل دور مراكز الأحياء بأن تتولى الإشراف فيها أخواتنا خريجات علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية. ويجب ضمان سرية الاستشارات النسائية وتسجيل آلي للمكالمات بإشراف وزارة الشؤون الاجتماعية. ففي ذلك إغلاق الباب على الدخلاء والمستغلين لهذا الجانب, وتحياتي للجميع. * كاتب صحفي