يبدو أن قلب المواطن الأمريكي دافيد رانتا الذي أمضى في سجن بولاية نيويورك، الخاضع لأقصى درجات الحراسة المشددة ، أكثر من عقدين عن جريمة قتل لم يرتكبها، لم يتحمل الفرحة ببراءته من التهمة المنسوبة إليه. فقد أطلق قبل أيام سراح الرجل / 58 عاما/ ، الذي كان ضحية على ما يبدو لاتهام ملفق من قبل عناصر من الشرطة ينكرون ارتكاب أي خطأ. ولم تدم فرحته طويلا ففي ثاني أيامه خارج السجن أصيب رانتا بأزمة قلبية نقل على اثرها إلى مستشفى في نيويورك، وفقا لما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية. وخرج رانتا من قاعة محكمة في بروكلين يوم الخميس الماضي واضعا كل ممتلكاته في الحياة داخل كيس أرجواني اللون على كتفه. ورفضت قاضية المحكمة العليا في الولاية ميريام سيرولنيك لائحة الاتهام الأصلية وأخلت سبيل المدان، ليصبح رانتا حرا. وأدين رانتا عام 1991 بقتل الحاخام، شاسكل فيرزبرجر، أحد الناجين من معسكر الاعتقال"أوشفيتز" الذي أصبح الزعيم الروحي لجماعة "الساتمار" التي تضم 25 ألف عضو في بروكلين. وقتل المسلح فيرزبرجر في سيارته بعد أن أحبط محاولة سرقة شخص كان يحمل ماسا بمكان قريب منه. وأصر رانتا على براءته طوال السنوات الماضية. واستأنف مرتين، وفي كل مرة كان الادعاء العام يتمكن من إقناع المحكمة بالحكم ضده، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز". وفي عام 1996، شهدت امرأة أثناء جلسة نظر استئناف بأن زوجها، جوزيف آستن، الذي يعرف من قبل الشرطة باسم "جو الجوهرجي" لتخصصه في هذه النوعية من السرقات، قتل الحاخام. وبعد أسابيع فقط من مقتل فيرزبرجر، توفي آستن في حادث سيارة أثناء محاولة للهرب. حتى الشخص الذي كان يحمل المجوهرات الذي كان أكثر من تمكن من رؤية المسلح عن قرب شهد لصالح رانتا، قائلا انه ليس القاتل بنسبة "100 في المئة". لكن إطلاق سراح رانتا لم يتم حتى تقدم الشاهد مناحم ليبرمان، الذي كان يبلغ من العمر 13 عاما وقت ارتكاب الجريمة، للإدلاء بشهادته في عام 2011 ليعاد فتح التحقيق في القضية. وأقسم في شهادته أن مخبرا من الشرطة انتحى به جانبا قبل طابور العرض للمشتبه فيهم أجرته الشرطة وقال له "اختر الرجل ذا الأنف الكبيرة." وقال ليبرمان لشبكة "سي.ان.ان" الإخبارية يوم الخميس إن ما دفعه إلى التقدم للإدلاء بشهادته يعود إلى ما رآه في الأخبار من إمكانية "حصول أشخاص أبرياء على حريتهم بطرق مختلفة. وقال:" بدأت في التفكير مرة أخرى في المحاكمة التي كنت متورطا فيها، وتذكرت أنه قيل لي من أختار من طابور العرض". وبعد تقدم ليبرمان للشهادة ، أمضت وحدة نزاهة الإدانة التابعة لمكتب المدعي العام في نيويورك عاما كاملا من إعادة التحقيق في القضية وخلصت إلى الاستنتاج بأن هناك شكوكا كبيرة تتعلق بالأدلة والشهادة وما إذا كان قد تم تلقين الشهود على نحو غير ملائم. وقوبل قرار المحكمة بترحيب حار من عائلة رانتا، ومن بينهم زوجته وابنته، التي كانت تبلغ من العمر عامين فقط عندما دخل السجن. اما ابنه /38 عاما/ فقد قدم بسيارته من ولاية فرجينيا. وقالت شقيقته إنها تأمل أن يأتي رانتا ويعيش معها، حسبما ذكرت شبكة "سي.ان.ان". ولم يقتصر خطأ السلطات على محاكمة رانتا في عام 1990 باستخدام أدلة مشكوك فيها، بل إن الشرطة زورت الأدلة في الواقع ، وفقا لتقرير نشر في صحيفة "نيويورك تايمز"، متعهدة بمزايا مادية لصالح اثنين من المجرمين الخطرين إذا شهدا ضد رانتا. ووفقا لشبكة "سي.ان.ان" ، يعتزم محامي رانتا، بيير سوسمان، رفع دعوى قضائية للحقوق المدنية في المحكمة الاتحادية ضد مدينة نيويورك وإدارة الشرطة. وقال سوسمان إن موكله فقد 23 عاما من حياته "إنه عمر. انه جيل."