تخلصت سيدة سعودية في العقد السادس من عمرها من آلام حادة في منطقة الحوض وأعلى الفخذ أقعدتها عن الحركة لعدة أسابيع في آخر فصول معاناة استمرت على مدى 30 عاماً، وذلك إثر نجاح فريق جراحي من مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في إجراء عملية تصحيحية، عبر زراعة عظام وتركيب مفصل صناعي في أعلى الفخذ مؤخراً، بالاستفادة من بنك العظام الذي أسسه المستشفى عام 2010م. وبدأت معاناة المريضة عام 1403ه بتعرضها لكسر في عظمة الفخذ الأيمن ودخولها في غيبوبة لبضعة أشهر نتيجة حادث سير، فتنقلت بين عدة مستشفيات طلباً للعلاج حتى استقرت في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض، وخضعت إلى عملية جراحية لتركيب سيخ داعم للفخذ حتى يلتحم العظم المكسور الأمر الذي مكنها من استعادة قدرتها على المشي بشكل جيد، بينما اختارت وزوجها عدم إجراء عملية لإصلاح مفصل الحوض نظراً إلى أنه سيتوجّب عليها حينها الامتناع عن الحمل والولادة بسبب عدم إمكانية حدوثه بعد إجراء مثل هذا النوع من العمليات، وقد قامت بالسفر إلى ألمانيا لمراجعة مركز طبي متخصص بحثاً عن حلول علاجية أخرى لحالتها إلا أن المركز أكد لها التشخيص نفسه. وبعد مرور نحو 30 عاماً رُزقت خلالها بخمسة أبناء، قررت إجراء عملية لمفصل الفخذ نظراً لحدوث بعض الآلام والمضاعفات التي تتسبب في سقوطها أثناء المشي، فخضعت لعملية في أحد مستشفيات مدينة الرياض تم خلالها استقطاع جزء من عظام الحوض وتركيب مفصل صناعي بطريقة خاطئة أدى إلى خروج المفصل عن موضعه والتأثير على الأعصاب في تلك المنطقة، ونتج عن ذلك شعور المريضة بآلام شديدة وعدم تمكنها من المشي لعدة أسابيع أثناء مكوثها في المستشفى، فتم بعد ذلك تحويلها لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض، حيث قام فريق جراحي يقوده استشاري جراحة العظام الدكتور عمران إلياس بإجراء عملية جراحية تصحيحية بالاستفادة من مخزون بنك العظام في المستشفى، تم خلالها زراعة عظام للمريضة لتعويض النقص العظمي في منطقة الحوض، بالإضافة إلى تركيب مفصل صناعي جديد في أعلى الفخذ، وهو ما خلصها من عناء الألم الشديد ومكنها من الوقوف والمشي بشكل تدريجي حتى خرجت إلى منزلها مؤخراً، مع استمرارها في الخضوع لجلسات العلاج الطبيعي في المستشفى لتقوية عضلات الرجل لمساعدتها على استعادة كامل قدرتها على المشي بإذن الله، الامر الذي انعكس إيجاباً على تحسن حالتها النفسية بشكل واضح أسعد جميع أفراد أسرتها. إلى ذلك أوضح ل "الرياض" الدكتور عمران إلياس استشاري جراحة العظام والمدير الطبي لبنك العظام بالمستشفى التخصصي أن البنك نجح خلال الأعوام الثلاثة الماضية في إجراء 67 عملية زراعة عظام، مستفيداً من مخزونه البالغ 168 وحدة عظمية نتيجة تمكنه من الحصول على أجزاء من عظام 29 متبرعاً متوفى دماغياً صالحة للزراعة، وذلك منذ إنشائه في نهاية شهر مارس 2010م. وتمكن البنك خلال العام الماضي 2012م من إجراء 29 عملية زراعة رقع عظمية للمرضى من بنك العظام بنسب نجاح بلغت 100%، وبزيادة مقدارها 10% مقارنة بعدد الزراعات التي أجريت خلال عام 2011م والبالغة 26 عملية. وقد جرى معالجة وتخزين وحدات عظمية مأخوذة من 20 متبرعاً حتى الآن، تشتمل على 59 عظمة و 15 وترا، في حين سيزيد عدد الوحدات العظمية باستكمال تخزين عظام بقية المتبرعين تباعاً، نظراً إلى أن خطوات التعقيم والمعالجة الدقيقة تستغرق وقتاً طويلاً لضمان سلامتها ومأمونيتها للمرضى الخاضعين للزراعة. وتتفاوت أعمار المرضى الذين استفادوا من بنك العظام ما بين 20 إلى 70 عاماً من كلا الجنسين، خضعوا لعمليات تشمل تعديل العمود الفقري، وتثبيت المفاصل الصناعية، وجراحات أورام العظام، بالإضافة إلى الجراحات الرياضية كالرباط الصليبي. وأشار إلى أن جميع المرضى يتمتعون بصحة جيدة ويستعيد المريض خلال 3 أشهر من الجراحة قدرته الحركية بشكل كبير. كما يغطي بنك العظام كامل احتياجات المستشفى التخصصي، إلى جانب المؤسسات الصحية المحلية الأخرى، حيث يعد البنك الوطني الوحيد في هذا المجال. ويعتزم البنك رفع طاقته الاستيعابية مستقبلاً وزيادة عمليات الزراعة تدريجياً لتلبية حاجة المرضى. وشدد على أن عظام المتبرعين المخزنة في بنك محلي تتفوق من ناحية الجودة وقلة الكلفة المادية مقارنة مع عظام المتبرعين المجففة المستوردة من الخارج والعظام الصناعية والمفاصل المعدنية، كما أن زراعة العظام تعتبر عملية آمنة جداً ولا يحتاج فيها المريض إلى أدوية مثبطة للمناعة لتجنب رفض الجسم للعضو المزروع مثل حالات زراعة الأعضاء الحيوية كالقلب والكبد والكلى نظراً إلى أن العظام عبارة عن نسيج صلب يخلو من الشعيرات الدموية، ونتيجة للعملية يتمكن المريض من مزاولة حياته الطبيعية بشكل كبير ليكون فرداً مؤثراً في أسرته ومجتمعه.