سماء غائمة تتخللها سحب رعدية ممطرة على جازان وعسير والباحة    منتدى الرياض الاقتصادي يطلق حلولاً مبتكرة    / الجامعة العربية تؤكد دعمها لإنشاء تحالف عالمي لمكافحة الفقر والجوع    دراسة: القراء يفضلون شعر «الذكاء» على قصائد شكسبير!    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية الأمريكي    التعليم: إلغاء ارتباط الرخصة المهنية بالعلاوة السنوية    «الثقافة» تحتفي بالأوركسترا اليمنية في مركز الملك فهد الثقافي    كلب يقضي عامين بجوار قبر صاحبه    وزير الدفاع ونظيره الفرنسي يبحثان آفاق التعاون العسكري    الأخضر في مهمة «نصر»    الأخضر «كعبه عالي» على الأحمر    المشعل.. في الصدارة والكل من بعده    الأخضر يختتم استعداده لمواجهة منتخب إندونيسيا ضمن تصفيات كأس العالم    الخليج يواجه الشباب البحريني في ربع نهائي "آسيوية اليد"    الأخضر السعودي تحت 19 يتغلّب على البحرين في ختام معسكر الشرقية    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع حاكم إنديانا الأميركية    اتفاقيات لشراء «الطاقة» بسعة 9200 ميجاواط    «عكاظ» تكشف تفاصيل 16 سؤالاً لوزارة التعليم حول «الرخصة»    «الشورى» يطالب التأمين الصحي بالقيام بمهماته وتحقيق أهدافه    9,300 مستفيد من صندوق النفقة في عام    انعقاد أولى الجلسات الحوارية في المؤتمر الوطني للجودة    42 متحدثًا في الملتقى البحري السعودي الثالث    العتودي الحارس الأخير لفن الزيفه بجازان    اتهامات تلاحق كاتباً باستغلال معاناة مريضة ونشرها دون موافقتها    بعد سيلين ولوبيز وكاميلا.. العالمي هوبكنز يعزف في الرياض    163 حافظا للقرآن في 14 شهرا    «الإحصاء»: السمنة بين سكان المملكة 15 سنة فأكثر 23.1 %    إصابات الربو في الطفولة تهدد الذاكرة    هل تجري الرياح كما تشتهي سفينة ترمب؟    إدانة دولية لقصف الاحتلال مدرسة تابعة للأونروا    ChatGPT يهيمن على عالم الذكاء الاصطناعي    سعادة الآخرين كرم اجتماعي    بيع ساعة أثرية مقابل 2 مليون دولار    عودة للمدارس    وزارة العدل: 9300 مستفيد من صندوق النفقة خلال 2024    التوسع في استخدام أجهزة التحكم المروري للحد من الحوادث    الثعبان في «مالبينسا»..!    الادخار والاستثمار… ثقافة غائبة    بهدف تنمية الكوادر الوطنية المتخصصة.. إطلاق برنامج تدريب المبتعثين في التخصصات الثقافية    تدشين التجمع الغذائي في جدة الأحد المقبل    لبنان نحو السلام    الاختيار الواعي    صنعة بلا منفعة    الأمير سعود بن مشعل يستقبل مندوب تركيا    رسالة عظيمة    أصول الصناديق الاستثمارية الوقفية بالمملكة ترتفع إلى مليار ريال    مرحلة الردع المتصاعد    (إندونيسيا وشعبية تايسون وكلاي)    المملكة ومكافحة مضادات الميكروبات !    الاكتناز    البرتقال مدخل لإنقاص الوزن    حسام بن سعود يستقبل رئيس جامعة الباحة    محافظ محايل يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية    سعود بن طلال يطلق كائنات فطرية في متنزه الأحساء    قائد القوات المشتركة يستقبل نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني    رئيس هيئة الأركان العامة يدشّن أعمال الملتقى الدولي الأول لضباط الصف القياديين    الكتابة على الجدران.. ظاهرة سلبية يدعو المختصون للبحث عن أسبابها وعلاجها    يا ليتني لم أقل لها أفٍ أبداً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نوستالجيا جاهلية!
همزة وصل
نشر في الرياض يوم 21 - 03 - 2013

أعود لهذا الكتاب كلما لمست انخفاضاً في مستوى مخزون الحنين في دمي وقصائدي أيضا. وأعني به كتاب "شاعرات العربي" لابراهيم ونوس.
منذ عدة سنوات وقعت عليه لأول مرة وكتبت عنه ومن خلاله مقالاً هاهو بين يدي..أستذكره معكم لأحييه في زمن الانترنت.. يومها كتبت: أعجبني ان يندرج شعر عربي تحت شعر مغرق في نوستالجيته مثل شعار "الحنين"، وأعجبني اكثر ان يكون مثل هذا الشعر بالذات كان قد قيل على ألسنة نساء عربيات ينظر إليهن في العادة على انهن رمز الخيانة والخداع والكيد الماكر وعدم الوفاء منذ ان حاولت الاسطورة ان تبرر لشهريار اقدامه على قتل ذلك العدد الهائل من زوجاته بسبب إقدام أولاهن على خيانته دون مبرر درامي ولا واقعي!
اما هذا الشعر فقد ورد في كتاب بعنوان "شاعرات العرب" لا يعيبه سوى أخطائه المطبعية الكثيرة جدا للدرجة التي نجحت معها في إفساد متعة القارئ في القراءة. وليس يعنيني – الآن على الأقل – سوى الفصل السابع من الكتاب حيث شاعرات الحكمة والحنين والأسف والمدح في العصر العربي الذي سبق الاسلام.
تحت عنوان فرعي في هذا الفصل، هو "شاعرات الحنين"، أورد مؤلف الكتاب إبراهيم ونوس خمس قطع شعرية تكاد تفيض عذوبة ورقة من فرط رهافتها، لخمس شاعرات عربيات بالكاد معروفة أسماؤهن، يجمعهن جامع الحنين الى ديارهن الاولى، فيكون الشعر، ربما وحده، خلاصهن ليس من الشوق الذي استبد بهن الى تلك الديار وحسب، وانما ايضا من العواطف الجديدة التي يبدو انه صار مفروضا عليهن تمثلها في آن واحد استجابة لمتغيرات الحياة الجديدة.
فهذه زينب الغطفانية، تزوجت بعيدا عن ديار قومها، فرأت يوما فرسا شقراء وهي تمر في حالة الولادة مع ما يصحب هذه الحالة من ألم ووجع شديدين، ولكن الفرس المسكينة اضيفت لآلامها وأوجاعها آلاما وأوجاعا جديدة عندما ولدت صغيرها ميتا، فما كان من الشاعرة المرهفة الاحاسيس الا ان وحدت مشاعرها مع مشاعر الفرس الثكلى، فكانت حالة الحزن غير المتوقعة والتي دهمت الشاعرة زادا اضافيا لكأس الحنين الذي فاض. فكان الشعر الخلاص الاخير حيث لا راد لسلطانه، تقول:
اذا حنت الشقراء هاجت لي الهوى / وذكرني للحريتين حنينها
شكوت إليها نأي قومي وهجرهم / وتشكو اليّ ان أصيب جنينها
نحن، إذاً، امام امرأة مكلومة تخلق من العلائق البعيدة بين المناسبات غير المتشابهة كثيرا علائق جديدة ربما تكون خاصة بها وحدها فقط لاقتناص فرص ربما لا تكون مهيأة اصلا لاستثارة لواعج مخبأة تحت شعارات جديدة وجدية تحمل صور وأسماء الزوج والأبناء والاسرة الجديدة والوطن المستحدث في دفاتر القلب، ولكن القلب، حيث التوق الذي لا يغيب للحرية، يحولها الى حرية مضاعفة، أو الى "حريتين"، واحدة مقابلة اسر الزمن الذي تراكمت سنواته وترك وراءه طفولة وأهلا، واخرى مقابلة اسر الزوجية والبيت الجديد‍‍!
زينب ام حسانة التميمية، شاعرة اخرى من شاعرات الحنين، تزوجت رجلا من ابناء المدن، فانتقلت من موطنها نجد الى مدينة الزوج، فلازمها الحنين الى نجد التي ظلت تتذكرها في كل مناسبة، وتقول لمن يلومها:
أقول لأدنى صاحبي أسره / وللعين دمع يحدر الكحل ساكبه
لعمري، لنهر باللوى نازح القذى / بعيد النواحي غير طرق مشاربه
احب الينا من صهاريج ملئت / للصب، ولم تملح لدي ملاعبه
فيا حبذا نجد، وطيب ترابه/ اذا هضبته بالعشي هواضبه
الى ان تقول في اوج حنينها:
واقسم لا انساه ما دمت حية / وما دام ليل من نهار يعاقبه
مرة اخرى نحن اذن امام حنين من قبل امرأة خلطت في بوتقة شعرها بين توقها لحريتها الطفولة الموروثة، وحريتها المفقودة في كنف الزوج الغريب! فالى اين المفر الا الى الشعر حيث الخلاص ولو لم يكن نهائيا؟!
اما وجيهة بنت اوس الضبية فهي الثالثة لا تختلف في اسباب استثارة حنينها عن زوج غريب وبيئة جديدة وقلب ابدا يحن رغم لوم العاذلات:
وعاذلة هبت بليل تلومني / على الشوق، لم تمح الصبابة من قلبي
فما لي ان احببت ارض عشيرتي / وأبغضت طرفاء القصيبة من ذنب
فلو أن ريحا بلغت وهي مرسل / حفي لناجيت الجنوب على النقب
فقلت لها: أدي اليهم رسالتي / ولا تخلطيها، طال سعدك بالترب
فاني اذا هبت شمالا سألتها / هل ازداد صداح النميرة من قرب
وتبقى شاعرتان أخريان
ويبقى حنين أكثر.
اما ما بين سطور الحنين، فيظل الحديث عنه مفتوحا دائما، وستكون المناسبة الآتية فتح بعض الجرح، وايقاظ بعض الحنين، وشعر جديد.
والآن جاءت المناسبة الجديدة في سياق المقال القديم لفتح بعض الجروح..فلم أجد علاجا خيرا من التفتيش في دفاتر الحنين المعتقة. افتش.. وأنا أضع يدي على قلبي خوفا من تسرب ما تبقى!نوستالجيا جاهلية!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.