تُرى ما هي أفغانستان؟ ضع قائمة بكل ما تعرفه عن هذا البلد الآسيوي المنكوب. حاول أن تتذكر أي شيء إنساني أو له علاقة بالحياة: طريقة الزواج، أكلاتهم المفضلة، صورا لشوارع كابول أو لحقول في الأرياف أو لأطفال أفغانيين يخرجون من المدرسة. متى سمعت قصيدة أفغانية أو قرأت رواية أفغانية او استمتعت بأغنية أفغانية؟ حاول ان تتذكر اسم جريدة تصدر في كابول أو جامعة أو مطرب او فريق كورة. ما الذي يفعله الأفغان في حياتهم اليومية وكيف يعيشون. ما الذي يوجد في ذهنك عن هذا البلد الذي طالما سمعت اسمه يتردد في الأخبار وفي خطب المساجد وفي مقالات الجرائد وفي مجالسك الشخصية أيضا. ما الذي تعرفه عن مالي وعن الشيشان وعن الصومال؟ إذا تحدثتُ عن نفسي وعن محيطي وعن ما قرأته في الجرائد وما سمعته في خطب المساجد. لا أعرف أي شيء. لكني اعرف مخالفي الإقامة من صوماليين وأفغان وافارقه الذين تطالب الجرائد ومنابر المساجد والدعاة بمطاردتهم والقاء القبض عليهم وتسفيرهم من البلاد. لم اسمع ان بادر داعية واحد او خطيب مسجد واحد إلى المطالبة بإعفاء (إخواننا) الصوماليين أو الأفغان من هذه المطاردة واعطائهم صفة إنسانية خاصة. لا تظهر أخوة المنابر إلا قرينة بالحلف الأطلسي والعدوان الفرنسي والغرب وبوش. ينادي الخطباء والدعاة ليلا نهارا بمساعدة إخواننا الأفغان واخواننا الصوماليين، واخواننا الماليين، لكن في إطار أخوة حربية قاتلة لا يقابلها اخوة حقيقية على أرض الواقع. عندما يحل الغرب تظهر الأخوة وعندما يختفي يظهر الاحتقار. حاولت في معرض الكتاب ان احصل على أي كتاب باللغة العربية عن حياة الصوماليين، عن حياة الافغان. كتاب بعيد عن القتال والجهاد والحرب. كتاب عن الوضع الصحي أو التعليمي أو عن الأطفال في أفغانستان او الصومال أو مالي. ببساطة لم أجد. ضع كلمة صومال او أفغانستان أو مالي باللغة الانجليزية في المتجر الأمريكي امازون. ستظهر امامك مئات الكتب عن التاريخ عن القبائل عن المرأة عن الجغرافيا عن الصحة عن الطفولة لمؤلفيها الرحالة أو المتعاطفين أو الباحثين (الغربيين)، ولكي تعرف الحقيقة اكثر ادخل على المواقع الإسلامية بكل أنواعها. اكتب الصومال أو أفغانستان في مربع البحث. ستنهال عليك طبول الحرب والشتائم للغرب وبين كل سطر وآخر تقفز كلمة إخواننا.. فالأفغانيون والصوماليون والماليون ليسوا بشرا في وجداننا. لا تتكون هذه الامم من مجموعة من رجال ونساء وأطفال وعائلات وآلام وأغان وأصدقاء وكتب ورقصات ومستشفيات وشوارع. مهما زفرنا من تأوهات وصرخات فأفغانستان مجرد وقود لصراع يخصنا.. يستيقظ اسم هذا البلد إذا تصاعدت الحرب فيه، ويخفت إذا خفتت. لا نعرفهم ولا نريد ان نعرفهم أبعد من ذلك. اقصى اقتراب إنساني بيننا وبينهم يتجلى في مجموعة من العمال البسطاء المتناثرين في شوارعنا الخلفية. لا نرى انه من الضروري ان نعرف عن حياتهم الخاصة وآلامهم الشخصية ومدارسهم ومطاعمهم شيئا. كلمة إخواننا التي يلصقها الدعاة أو الخطباء بالأفغان او الصوماليين أو الماليين لا علاقة لها بمضمون الأخوة الإنسانية.. ليست سوى أداة لشحن الناس البسطاء ضد الغرب فقط.