واقع المملكة غريب جداً داخل المجموع العربي، حيث إذا كان معظم الدول العربية تعيش قسوة «ربيعها» العجيب الذي هو صيف بالغ السخونة يفجّر الصراعات المحلية بين وقت وآخر، فإن المملكة ليست بهذا الواقع.. وإذا كان أن الشواهد واضحة، بل وصارخة في أن المملكة لا تواجه عجز قدرات اقتصادية في الحياة الاجتماعية فإن الفقر في بعض الدول العربية هو الذي يوجّه نشاط الاعتداءات على ما في أدراج المطاعم أو جيوب الناس.. ولا نحتاج إلى شواهد تأكيد بأن المملكة في واقعها الاقتصادي عدّدت مختلف مجالات الانطلاق المتميزة عن أي دولة في العالم الثالث.. الدولة هنا لا تمنح تأشيرة افتتاح جامعة؛ لكنها تصرف الكثير من المال من نفقتها لتعدد الجامعات حالياً أكثر من أي دولة عربية.. إذاً لماذا نفاجأ هنا بلغة عداوات ضد بلادنا؟.. هل لأننا في حالة رفض لما هي عليه بعض الدول العربية من ضعف؟.. هل لأننا أوجدنا عضوية دولية محترمة مع كثير من دول الواجهة المهمة؟.. أستغرب أن تأتي لغة تدّعي النصح وكأن الإسلام لا يعيه ويحترمه إلا من يستغله وسيلة ضد وحدة المجتمع.. إن استغلال الإسلام بدأ في وقت مبكر منذ صدّر من ينشر الآراء المتطرفة الآن الشبابَ إلى أفغانستان حيث تتواجد القاعدة.. ولعل شاهد الإدانة بسيط جداً.. فهل هناك دولة في العالم كله محافظة على احترام قيم الإسلام وتعليماته مثل المملكة؟.. أمر آخر؛ عندما يأتي اعتراض مفتعل على وجود سجناء.. هل هناك دولة في العالم بدون سجناء؟.. ومثلما تم ادعاء الديموقراطية في دول عربية سمحت بتجاوزات الاعتراض حدث أن انهارت وحدة المجتمع، فهل يطلب مفتعل النصيحة أن تسود الفوضى فيأتي ما يحلم به من سيادة؟.. ليست الدولة هي من يعترض، بل نحن المواطنين نعترض لأننا لا نريد إطلاقاً أن تتوقف جزالة تطوير واقع مجتمعنا ونتحول إلى خلافات خاصة.. من يفتعل هذه الأساليب عليه أن يعي أننا لا نزال نذكر ماذا كان يقول عندما أراد صدام حسين احتلال الكويت من لغة قاعدية شرسة.. ولأن الدولة واعية وتعالج بالنصح لا بالتعذيب لم يعتقل ويعذب.. إن خطط التخريب واضحة، لكن أوضح منها جزالة وعي الدولة التي لم تختطف أحداً وإنما حاكمت.. لم تغتال أحداً وإنما حاسبت.. وهذه مسؤولية إصلاح لا تعود نتائجها إلى خصوصية الدولة وإنما في الدرجة الأولى إلى مصلحة الدولة بتعدد انطلاق مجتمعها نحو المستوى الأرقى دولياً.. أسجل التقدير لمقالة الأستاذ سلمان الدوسري في جريدة «الاقتصادية» والأستاذ محمد العصيمي في جريدة «اليوم»، يوم أمس، حيث تحدثا بواقعية وطنية واعية ضد الافتراء ولغة التحريض البائسة.. إن إعلامنا يجب أن يكون له حضور صارم ضد هذه التدخلات الفردية التي يقوم بها إما جاهل لا يعي واقع الحقائق بل وصعوبات مهمات التطوير التي تميزت بها المملكة.. أو مغرض يتصور أنه يمارس وطنية تمجيد لذاته.. ونحن أمام مهمات لا تخدم الذات وإنما تخدم المجتمع، وهذا ما هو مطلوب من صحافتنا..