ظني أن مصانع الأثاث المحلية سوف تُلغي خط الإنتاج المُخصص للتزوّد بموائد الأكل، الطويلة العريضة التي تُشغل حيّزا في إحدى غُرف المنزل. وأرى أن نسبة كبيرة من قومنا انصرفوا عن هذا التوجه القديم، واستعملوا الحيّز لنشاط آخر. والسبب في رأيي أن إقامة الولائم في المنازل، لم تنعدم، لكن تضاؤلها مشاهد. والأثاث الطويل/العريض في زمننا يحتاج إلى المرور اليومي لتنظيفه من العوالق الترابية التي عُرفت مدننا الكبيرة بها. وبعض الموائد (طاولات الأكل) يحتاج إلى توفير نوع من الدهان - الورنيش - بين آن وآخر. والحالة تلك إضافة منظورة على الميزانية، أضف إلى هذا وقت العاملة وقدرتها على التعاطي مع كميات وأنواع مواد رش السطوح الخشبية، من رذاذ (بخاخ) وغيره. استنتاجي هذا جاء من الملاحظات الدالة على قلة اجتماع العائلة على مائدة الأكل. ف(سفرة) الأكل الخاصة بالضيوف تبقى دون استعمال لأن الأسر صارت تُفضل الطلبات الخارجية أو إقامة المناسبات في أماكن مُهيأة لتلك. كالاستراحات أو الفنادق. وهيأت مؤسسات طاقم الخدمة مع طلب الوجبات حسب العدد. وأكثرهم يمدونك بما تحتاج من الموائد وأغطيتها والكراسي وسكاكين وملاعق المائدة، إذا اقتضى الأمر أن تُنصب الموائد في فناء خارجي (حديقة أو حوش). غرفة الأكل التي صممتْ كجزء من العمل الإنشائي، وزُوّت بالثريات والكراسي المنتقاة صارت فقط ممراً مظلماً ومهملاً.. وأعتقد أن جيل اليوم بدأ يتخلى تلقائيا عن المائدة، فالمائدة الرسمية وكذا العادية لها نظام. وإلى عهد قريب كانت سفرة الطعام من الأساسيات التي توضح مدى كون ربة البيت ناجحة لذلك فإن اهتمام المنزل بها وبترتيبها وتنسيقها يعكس مدى حرصهم على فتح شهية الأسرة، وأيضا المدعوين كما يعكس الذوق والفن. وزمننا الحالي وهمومنا لن تترك الوقت ولا الاستعداد الذهني لمسايرة متطلبات مائدة المنزل. ولازلنا نُصرّ على إدخال العمل ضمن النشاط المدرسي للطالبات.. قفزاتنا سريعة وغريبة. الأرض - السفرة - السماط - المائدة - الخدمة الخارجية..