مدخل للشاعر عبدالله بن سبيّل: لك شوفةٍ وحده وللناس شوفات ولا واديٍ سيله يحدّر لوادي في الزمن القديم كان الناس يطلبون من الشاعر أن يسمعوا أشعاره، واليوم أصبح الشاعر هو اللي يطلب من الناس أن تستمع أشعاره!!.. عجبي فقد تغيّرت الأحوال وأصبح حال الشِّعر مزرياً ويمتهن للوصول لغايات غير نبيلة، بعد أن كان ديوان العرب، وسمواً للمعاني، ومن أصعب الأمور الكائدة، ورمزاً للأصالة والكرم، والشموخ والشجاعة والأمجاد، ومعبراً عن ما يجول في الخاطر من مشاعر وأحاسيس كما يقول الشاعر منصور الرويلي: الشِّعر مضمون وتفرّد وتصوير روحه سمو ومفرداته فرايد ما هو حكايات وسوالف وأساطير كايد ويبقي طرق معناه كايد وما دعاني لاختيار كتابة عنوان المقال ما أشاهده من بعض أشباه الشعراء في بعض المحافل، فقد ذُهلت من واقع حال الشِّعر اليوم.. فالبعض منهم يستغل مناسبة صاحب الحفل، والثقة التي منحها لهم، وبدلاً من أن يحيوه، ويحققوا له النجاح، ويسعدوا الزائرين والضيوف والجمهور، يحولوا مساره إلى غير ما يستحسنه الحاضرون ولا يرتقي للذوق. والطامة الكبرى أن البعض منهم يتعمدون تقديم قصائد بعيدة كل البعد عن أجواء المحفل الذي يتواجدون فيه، ونتفاجأ بقصائد طلبات لشخصيات مريضة مصابة بمرض داء العظمة.. خاصة وأن الجمهور متعطش لسماع الشِّعر الجميل، المعبّر الهادف، الحكيم المُفيد، الذي يُطرب الناس، ويُدخل البهجة والسرور عليهم، متمثلاً في القوّة والجزالة، والمعنى الصادق، والصور الرائعة، والسبك والحبك، لكن نجد - مع الأسف الشديد - عديم الضمير والصدق يحول مسار المناسبة إلى تعاسة وضيق واشمئزاز.. ونرى صاحب المناسبة قد أصبح في موقف مُحرج فبعض الناس لا يستطيع ردع هؤلاء المرتزقة حيث تمنعه المجاملة والمروءة في مثل هذه المواقف من إبعاد هؤلاء المتطفلين. لقد أرخص الشَّعر بعض هؤلاء السذّج الذين لا هم لهم غير الارتقاء على حساب محافل الآخرين، والمصيبة عندما تُشاهد انفعالات صاخبة، وتسمع مدح من لا يستحق المدح، وتجاهل من يستحق المدح، ولكن لا أقول غير (وداعاً للشِّعر).