أجمع عدد من المسؤولين بمؤسسات المجتمع المدني والجمعيات العلمية والخيرية على أهمية هذه المؤسسات في مجالات عمل الدفاع المدني ليس في أوقات الحوادث والكوارث فقط، بل في نشر ثقافة السلامة وتنمية الالتزام باشتراطات وتعليمات الدفاع المدني للوقاية من المخاطر. لكن ما الذي يحول دون قيام هذه المؤسسات بدورها المأمول في دعم جهود الدفاع المدني ؟ وكيف يمكن تفعيل إسهامات مؤسسات المجتمع المدني بالمملكة في مساندة رجال الدفاع المدني لأداء مهامهم في الحفاظ على الأرواح والممتلكات؟ "الرياض" طرحت هذه التساؤلات بمناسبة اليوم العالمي للدفاع المدني على رجال الدفاع المدني وعدد من مسؤولي مؤسسات المجتمع المدني، فماذا قالوا؟ د. آل بشر:من الضروري اشراك مؤسسات العمل التطوعي في التخطيط لمواجهة الكوارث العقيد صالح بن خيار القحطاني مدير شعبة المخاطر الكيميائية بالإدارة العامة للحماية المدنية أجاب عن هذه التساؤلات بالتأكيد على أن منظمات المجتمع المدني معنية بالمشاركة في أعمال الإغاثة وخدمة المجتمع ولاسيما في حالات الطوارئ، بما في ذلك الحوادث التي تدخل في مجال عمل الدفاع المدني. ويمكن لهذه المؤسسات القيام بدور كبير في تقديم الخدمات الطبية والإسعافية وخدمات الإعاشة والأعمال الإغاثية الأخرى، إلا أنه من الملاحظ محدودية إسهامات مؤسسات المجتمع المدني السعودي في هذا الجانب، بالإضافة إلى افتقار هذه الجهود للتنظيم والاستمرارية ربما لحداثة كثير من هذه المؤسسات. وأضاف العقيد القحطاني أن تفعيل جهود منظمات المجتمع في مجالات عمل الدفاع المدني يتطلب مزيداً من التواصل والجهات الحكومية المعنية بأعمال الحماية المدنية، وفي مقدمتها جهاز الدفاع المدني للتعرف على المجالات المتاحة للاستفادة من جهودها سواء في الجانب التوعوي أو في الأعمال الميدانية في أوقات الطوارئ. م. يحيى الزهراني:لا مجال للمقارنة بين إسهامات مؤسسات المجتمع المدني بالمملكة في مجال الدفاع المدني بمثيلاتها في الخارج ومن جانبه أوضح مدير إدارة التخطيط بالدفاع المدني العقيد د. ماضي حمود العتيبي أن إسهامات مؤسسات المجتمع المدني في مجال الحماية المدنية ولدفاع المدني بالمملكة لا ترتقي إلى المستوى المأمول مقارنة بما يملكه مجتمعنا من مقومات وخصائص متميزة تعزز فيه قيم الولاء والانتماء والتضحية والفداء والبذل والعطاء والتعاون على الخير وغيرها من القيم التي يجب أن تكون حافزاً لمشاركة أكبر وأشمل لدعم جهود الدفاع المدني لأداء رسالته في الحفاظ على الأرواح والممتلكات. العقيد صالح القحطاني: جهود مؤسسات المجتمع المدني في مجال الحماية المدنية تفتقر إلىالتنظيم والاستمرارية وحول المجالات التي يمكن لمنظمات المجتمع المدني والعمل التطوعي المشاركة فيها قال العقيد د. العتيبي أن هدف المديرية العامة للدفاع المدني هو المحافظة على الأرواح والممتلكات لذا فأي مجال يحقق هذا الهدف يمكن لمنظمات المجتمع المدني المشاركة فيه ابتداء من بث الوعي للالتزام بالتعليمات والسلامة والصحة العامة ودفع أبناء المجتمع إلى الابتعاد عن مواقع الخطر و التطوع في كافة أعمال الحماية المدنية والتصدي للشائعات المغرضة أثناء الكوارث، داعياً منظمات المجتمع المدني أن يتعدى دورها المشاركة التقليدية في المجالات السابقة إلى رفع مستوى الشراكة مع أجهزة الحماية المدنية لكي يوفر عمق استراتيجي شعبي لكافة مجالات الحماية المدنية تمتد بكل موقع (المناطق السكنية - المنشآت التعليمية – المصانع) للإفادة منها في حالات الطوارئ. العقيد ماضي العتيبي: رفع مستوى شراكة المجتمع المدني يوفر عمقاً إستراتيجياً في حالات الطوارئ وعن الدورالذي يمكن للدفاع المدني القيام به لبناء شراكة فاعلة مع منظمات المجتمع المدني، أشار العقيد د. العتيبي إلى ضرورة إشراك هذه المنظمات في الاستراتيجيات التي تعد من قبل الدفاع المدني وتحديد ادوار هذه المنظمات فيها وتدريب منسوبي المنظمات على الأعمال التي يمكنهم المساهمة فيها بما يتوافق مع قدراتهم ومهاراتهم وحفظ حقوقهم وسن اللوائح والتنظيمات التي تنظم ذلك وتزيد من فعاليته وتشجيع الدراسات والبحوث في مجال التعرف على عوامل تعزيز الشراكة بين الدفاع المدني ومنظمات المجتمع المدني. العقيد صالح القحطاني من جانبه أكد الدكتور عبدالله آل بشر الأمين العام لجمعية البر الخيرية بالرياض أهمية اسهامات مؤسسات المجتمع المدني والمجموعات التطوعية في دعم جهود الجهات الحكومية المعنية في مساعدة المتضررين من الكوارث والحوادث وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه مدللاً على ذلك بمشاركة الجمعيات الخيرية في التخفيف من آثار الأمطار والسيول التي شهدتها بعض مناطق المملكة وكانت محل تقدير ومتابعة ودراسة من قبل الجهات المختصة ببرامج التطوع بالدفاع المدني وعدد من الأجهزة الحكومية الأخرى لتفعيل آليات الإستفادة من هذه الجهود التطوعية على أسس علمية صحيحة تضاعف من ثمارها في خدمة المجتمع. العقيد ماضي العتيبي وأشار د. آل بشر إلى أن مجالات اسهامات مؤسسات العمل التطوعي لدعم جهود الدفاع المدني كثيرة منها في المشاركة في عمليات الإنقاذ والبحث عن المفقودين وتقديم خدمات الإسعافاتالأولية ونقل المصابين لمراكز العلاج والمساعدة في عمليات الإخلاء والإيواء وتقديم الخدمات الاجتماعية والمشاركة في تنفيذ مختلف عمليات الإنقاذ الداخلية والخارجية وكذلك المساهمة في أعمال السلامة والحماية المدنية الأخرى في موسم الحج، كما يمكن أن تساهم بدور فاعل في مكافحة ومحاصرة الأمراض والأوبئة والتوعية عن كيفية تجنب آثار المواد الكيميائية والمشعة، وكذلك توعية السكان بمدلولات صافرات الإنذار والاحتياطات الواجب اتخاذها عند سماعها وتشغيل وصيانة المرافق العامة. وحول وجود معوقات قد تحد من إسهامات مؤسسات العمل التطوعي في مجال الدفاع المدني وسبل تجاوزها، أشار الدكتور عبدالله آل بشر إلى ضرورة تصنيف المخاطر بمختلف أنواعها ووضع الحلول المناسبة لمواجهتها وإشراك مؤسسات العمل التطوعي في التخطيط لمواجهة حالات الطوارئ، وكذلك في وضع الخطط العامة للطوارئ ووضع الأسس التي يتم بها إعداد الخطط التفصيلية ومتابعة اللجان الرئيسية بالمناطق، وتفعيل مشروع النظام الشامل للمتطوعين في المملكة لتستفيد كافة الجهات في الإستعانة بالمتطوعين ضمن اختصاصها ووفق لوائح تعد لهذا الغرض. أما المهندس يحيى سعيد الزهراني عضو الهيئة السعودية للمهندسين فأكد أن اسهامات منظمات المجتمع المدني لدعم جهود الدفاع المدني في المملكة ضعيفة جداً مقارنة بمثيلاتها في الخارج رغم تعدد المجالات التي يمكن من خلالها لمؤسسات المجتمع المدني عامة دعم جهود الحماية المدنية بالمملكة مدللاً على ذلك بدعم الهيئة السعودية للمهندسين ممثلة في بعض الشُعب الهندسة في تطوير مجالات الحماية المدنية مثل " شعبه الحريق والسلامة " وكذلك إقامة مؤتمرات تعنى بالحفاظ على البيئة والوقاية من مخاطر السيول والأخطار الطبيعية. وعن المعوقات التي قد تؤثر سلباً على قدرة مؤسسات المجتمع المدني للقيام بدور فاعل وملموس في مجال الحماية المدنية، أضاف المهندس الزهراني: يأتي في مقدمة هذه المعوقات عدم وجود رؤية واضحة للخدمات الاجتماعية التي تحتاج الدعم..بالإضافة إلى التنظيمات الواضحة في هذا المجال. مشيراً إلى أن تفعيل دور منظمات المجتمع المدني ولاسيما الجمعيات العلمية والخيرية في مجال الحماية المدنية يتطلب المساهمة في دعمها المالي والتنظيمي ودعم كافة الأفكار الجديدة التي تسهم في زيادة الوعي بالحماية المدنية وتشجع على التطوع في مجالات عمل المدني.