بدأ المواطن يُغيّر بوصلة الشراء إلى "اللحوم المجمدة"؛ خاصةً بعد أن ارتفعت أسعار المواشي في المملكة، حيث تخطّت حاجز (2000) ريال، إضافةً إلى الارتفاعات التي شهدها قطاع الدواجن والأسماك الطازجة، في الوقت الذي لا يملك أي دراية عن مصدر هذه اللحوم الحقيقي إلاّ من خلال المعلومات المدونة عليها من حيث الدولة المصدرة أو المنتج من داخل المملكة. وأكد مواطنون أن الارتفاعات الماضية في أسعار اللحوم بأنواعها، أجبرت كثير من الأسر إلى التوجه إلى اللحوم المجمدة، خاصةً الأسر ذات الدخل المحدود، موضحين أن هناك كثيراً من التجاوزات من حيث النقل والتخزين في بعض "السوبرماركات" أو البقالات، في ظل غياب الرقابة التامة من بعض الجهات المعنية، مطالبين بإيضاح المعلومات حول تلك اللحوم، خاصةً التي تباع في مطاعم الوجبات السريعة والعادية، مستشهدين بما حدث من خلط بين اللحوم في بعض دول العالم التي تعد من الأكثر صارمة في تطبيق الأنظمة والمعايير. ويسود "الصمت" كثير من الجهات، مع الإكتفاء ببعض االتصريحات، حيث يشتري المواطن ما يجده متاحاً في المطاعم أو المحال التجارية، وهو على يقين أن تلك اللحوم مرّت بسلسلة من الإجراءات الرقابية التي تحافظ على صحة المستهلك!.ويتساءل أكثر من مواطن: أين دور هيئة الدواء والغذاء وحماية المستهلك ووزارة التجارة في "تنوير" المستهلكين الذي اتجهوا إلى اللحوم المجمدة؟، مستشهدين بأخبار شهدها العالم خلال الفترة القصيرة الماضية، منها أن إحدى السلطات الأجنبية فرضت حظراً على استيراد بعض اللحوم المجمدة وفقاً لهيئة الرقابة الزراعية في تلك الدولة. ومهما كانت الدوافع لابد من رفع شعار التوعية لدى المواطن حول "اللحوم المجمدة"، مع الحرص على شرائها من الأماكن المُخصصة، التي توفر الحماية والتخزين المناسبين، كما أنه من المهم وضع علامة على اللحوم المجمدة وأنها مطابقة للمحتويات المكتوب على "العلبة"، وهو ما سيرفع من ثقة المواطن بشرائها، فمن غير المعقول أن يقتني المواطن لحماً وُضع في "كيس" وهو في حالة مجمدة، دون أن يعرف عن مصدره، أو نوعه، أو صلاحيته، أو حتى عن ذبحه أي شيء!. تخزين جيد وقال "د.إبراهيم المهيزع" -نائب الرئيس التنفيذي لهيئة الغذاء والدواء لشؤون الغذاء-: إن ما تتم إشاعته عن اللحوم المجمدة أنها قليلة القيمة الغذائية أو فاسدة غير صحيح، رابطاً أهميتها وقيمتها الغذائية بعملية التجميد والتخزين بالشكل الجيد، مع ضرورة أن يراعى عند إعادة اللحوم لدرجة الحرارة العادية -إذابة أو تسييح اللحم-، أن تتم ببطء شديد، حتى لا يتم فقد السائل الخلوي من الأنسجة، وإعطاء فرصة لألياف اللحم بامتصاصه؛ لأنه يحتوي على نسبة عالية من البروتينات الذائبة والأملاح والمعادن والفيتامينات. وعن دور الهيئة في متابعة الأغذية ومنها اللحوم المجمدة، أوضح أن دورها يأتي كهيئة رقابية مسؤولة عن الأغذية المستوردة، وكونها هي الجهة المسؤولة عن إعطاء الترخيص للمنشأة الأجنبية الراعية في التصدير إلى المملكة، مع التأكد أن لديها كافة الإمكانات المكانية والتجهيزية والبشرية لإنتاج لحوم سليمة خالية من الأمراض ومعدة بطريقة تفي بمتطلبات المواصفات القياسية -اللوائح الفنية- الخاصة باللحوم ومنتجاتها ومنها اللحوم المجمدة. فحص اللحوم وذكر "د.المهيزع" أنه في المنافذ يفحص المفتشون المتواجدون هناك الوثائق المطابقة للشحنة واللحوم، مع أخذ عينات للمختبرات إذا لزم الأمر؛ للتأكد من صلاحيتها للاستهلاك الآدمي، مضيفاً أنه لاحظت الهيئة من واقع ممارساتها للعمل أن هناك عدم التزام بدرجات الحرارة أثناء الشحن، الأمر الذي تسبب في انخفاض حرارة اللحوم المجمدة وفسادها، وهو ما أدى إلى إتلاف الإرسالية، مبيناً أن الهيئة اجتمعت مع الناقلين الجويين الموردين والمخلصين لتصحيح الوضع، مشيراً إلى أنهم بدأوا يرون تصحيحاً لهذه الأخطاء مما سينعكس إيجاباً على اللحوم، وفي ذلك فائدة عامة لكل من أصحاب المنشآت والموردين المواطنين. نحتاج إلى وضع علامة تؤكد أن اللحوم مطابقة للمحتويات المكتوبة على «خارج العلبة» يشار إلى أن هيئة الغذاء والدواء أكدت -في بيان لها سابق- على أنها تتابع باستمرار مشكلة "الغش" في منتجات لحوم الأبقار بلحوم الخيل، منذ أن أعلنت بريطانيا عنها، من خلال مركز الإنذار السريع في قطاع الغذاء بالهيئة، حيث اتضح أن المشكلة تشمل معظم الدول الأوروبية، كما أن عدد الشركات والمنتجات المتأثرة بالمشكلة في تزايد، مؤكدةً على أنه بشكل عام فإن غش منتجات لحوم الأبقار بلحوم الخيل أو غيرها التي يجوز تناولها، يعد من طرق الغش التجاري الذي تمنعه الأنظمة واللوائح في المملكة. غلاء مستمر وأكد مواطنون على أن الرقابة من الجهات المختصة لا تكفي في حالة عدم وجود ثقافة توعوية لدى المواطن نفسه، ليكون الرقيب في الدرجة الأولى على صحة أسرته، موضحين أن هناك كثيراً من يتناول منتجات الوجبات السريعة، التي لا يعلم عن فوائدها ولا أضرارها، خاصةً أن ثقافة المجتمع بصفة كاملة ثقافة استهلاكية، مطالبين بتوعية المواطن وعدم الإكتفاء بالتصريحات الإعلامية. ولا تزال الأسواق تعاني من ارتفاع أسعار المواشي، على الرغم من مرور حوالي أربعة أشهر على عيد الأضحى المبارك، مما جعل اللحوم المثلجة تنشط من قبل كثير من المواطنين من ذوي الدخول المتدنية والمتوسطة، الذين لا يملك البعض منهم الدراية عن هذه اللحوم، مما جعلهم في حيرة من أمرهم، وسط غياب الجهات ذات العلاقة عن أداء دورها المنوط بها، بتثقيف وزيادة الوعي للمواطنين وحمايتهم من الغش. ربع راتبي وقال المواطن "محمد الأصيل": لا أستطيع شراء خروف بلدي بحدود (1500) ريال، حيث يُعادل ذلك ربع راتبي، مما جعلني اتجه إلى شراء اللحم المجمد، على الرغم من عدم إلمامي بنوعيته، ولا بطريقة تخزينه، ولا حتى بكيفية ذبحه، مضيفاً أنه لا يستطيع وأسرته التعايش مع هذا الوضع وبدون لحم، حتى وإن كان مجمداً. وأوضح المواطن "صالح المسحر" أنه من الطبيعي أن يتوجه المواطنون إلى اللحوم البديلة من الحمراء الطازجة إلى البيضاء خاصةً الدجاج والأسماك بأنواعها، وكذلك اللحوم المجمدة، التي ارتفعت أسعارها بنسبة أقل من نسبة ارتفاع أسعار الحمراء الطازجة، دون متابعة من أقسام مراقبة الأسواق في البلديات. لابد من شرائها من «أماكن مُخصصة» تضمن الجودة ثقة مفقودة وطالب "عبدالله الأحيدب" -مشرف تربوي- بوضع علامة على اللحوم المجمدة وأنها مطابقة للمحتويات المكتوب عليها، مضيفاً أن ذلك قد يرفع من ثقة المواطن بشراء تلك اللحوم، مؤكداً على أن "الهوّة" ازدادت بين المواطن وعدد من الجهات، بعد دخول كثير من السلع والأدوات غير المطابقة، مما جعل ثقة المواطن تهتز، مبيناً أن ثقة المواطن مع المطاعم السريعة لن تعود كسابق عهدها في ظل كثير من القضايا على تلك المطاعم. وذكر المواطن "إبراهيم العامر" أنه يشتري اللحوم المجمدة بالبركة، حيث لا يعلم عن طرق التخزين أو النوعية أي شيء، إلاّ أن ثقته في الجهات الحكومية كبيرة بإعطائها الفحص اللازم. وحذّر "د. باسم فوتا" -أخصائي التغذية بالجمعية السعودية للسكر والغدد الصماء بالمنطقة الشرقية- من عدم تجميد اللحوم بشكل جيد، وكذلك إذابتها بشكل خاطئ؛ لأن ذلك قد يتسبب في تلوثها، مشدداً على أهمية رفع درجة الوعي لدى من يعمل على تذويب تلك اللحوم من السيدات، محذراً في الوقت نفسه من اللحوم المجمدة التي قد تستخدمها بعض مطاعم الأكلات السريعة، التي تحتوي على نسبة من الأملاح العالية والدهون، التي لها دور مباشر في أمراض القلب والتسمم الغذائي. مختبر الأمانة وعن الاجراءات المتبعة في التعامل وفحص اللحوم المجمدة ومدى صلاحياتها عند دخولها المملكة، أكد "د. خليفة السعد" -مدير صحة البيئة بأمانة المنطقة الشرقية- على أن اللحوم المجمدة عند دخولها المملكة يتم الكشف عليها من قبل الجمارك ثم تحول إلى منافذ البيع والمستودعات، مضيفاً أنه يأتي بعد ذلك دورنا بالكشف على المستودعات ومنافذ البيع للتأكد من طرق تخزينها وصلاحية نواقل اللحوم مثل ثلاجات التبريد، كاشفاً أن هناك مخالفات في بعض المستودعات لسوء التخزين، مما جعلنا نتلف كميات من اللحوم المجمدة وصفها بالكبيرة. وعن دخول لحوم الخيول الى المملكة ومن الجهة المسؤولة عن متابعة ذلك؟، قال: هيئة الدواء والغذاء هي الجهة التي تملك المختبرات المجهزة، ونحن لا نمانع من المساعدة بعد تجهيز مختبر الأمانة، الذي سيرى النور قريباً، مرجعاً ارتفاع أسعار اللحوم المجمدة والتلاعب في الأسعار إلى المصدر، فهو من جعل أسعارها ترتفع إلى جانب توقف الاستيراد من دول معينة. إبراهيم العامر يختار ما يناسبه من اللحوم د. إبراهيم المهيزع د. خليفة السعد د. باسم فوتا صالح المسحر محمد الأصيل