أكد عدد من خبراء مكافحة الغش التجاري أن مواجهة الظاهرة أصبح مطلبا حتميا وضرورة ملحة من خلال الوصول للمصانع المخالفة والعشوائية وتجفيف المنابع الأصلية المنتجة لتلك السلع، مشيرين إلى أن الحملات التفتيشية لوزارة التجارة والصناعة أضحت غير قادرة على تحمل كامل المسؤولية التي تتطلب عددا وافرا من الكوادر والمفتشين القادرين على مفاجأة المصانع المرخصة او غير المرخصة التي تضخ تلك السلع إلى الاسواق وأيدي المستهلكين. وقالوا إن مكافحة الغش التجاري باتت تتطلب مشاركة أكثر فعالية من جانب المستهلك ووعيا منه بخطورة الكثير من تلك المنتجات على صحته ومصالحه وحقه, لان هناك مصانع مرخصة ولها اسمها في السوق ومع ذلك تقوم بإنتاج سلع غير مطابقة للمواصفات. فيما أكد مستوردون أنهم ضحايا لعمليات الغش التجاري التي تتم على سلعهم من قبل مافيات التقليد والغش سواء داخل المملكة أو خارجها. وقال مستورد مضخات شفط الماء والمعدات الزراعية سعود سعد المنجومي: نحن نعاني بشكل كبير جراء تقليد بضائعنا وماركاتنا المعروفة، مشيرا إلى أن الكثير من محلات التجزئة ومواد البناء تبيع بضائع رديئة الأداء ومقلدة في الصين ورغم ذلك يكتب عليها "صناعة إيطالية" وقد رفعنا دعاوى ضد تلك المحلات وطلبنا تطبيق الأنظمة المتبعة في هذا الخصوص من حيث الضبط والحجز والتعويض، لكن فوجئنا أن تطبيق الأنظمة المقررة في شأن العلامة التجارية ما زال تحتاج إلى المزيد من الوقت ليتم تفعيله بشكل يضمن حقوق الجميع وأن المقلدين قادرين على الاستعانة بذوي الخبرة من المحامين والمستشارين القانونيين لإيجاد الثغرات التي تتيح لهم النفاذ والسلامة من تبعات غشهم كما أن قلة الكادر الرقابي القادر على التفتيش والمراقبة وعلى تغطية الأسواق في الجهات التنفيذية حدود وأعداد المفتشين قليلة جدا مما اضطرنا إلى متابعة المحلات والتفتيش في الأسواق عمن يقوم بتقليد سلعنا وتسويقها. حجم الأدوية المغشوشة في السوق المحلية 10% وقال محمد ناصر "بائع في أحد محال الساعات الثمينة": منذ سنوات عديدة وهناك بعض المتخصصين في تسويق نوعيات الساعات الثمينة المقلدة تقليدا متقنا وقد اتخذوا من سوق جملة الساعات خلف المحكمة الكبرى في سوق باب شريف مرتعا خصبا لهم لتسويق تلك الساعات ولم نسمع أنه سبق وأن تم الإمساك بهم أو معاقبتهم وقد أصبح متعارفا عند رواد السوق وزبائنه أنه المكان الذي تستطيع أن تشتري منه التقليد المتقن لأرقى أنواع الساعات العالمية، ويتحدث البعض أن العديد يأتون من مدن وقرى خارج جدة للشراء بالجملة منهم لتسويقها في مدنهم وقراهم. في حين تشير تقديّرات المتخصصين في قطاع الأدوية في المملكة قبل عامين أن نسبة الأدوية المزوّرة في السوق السعودية تتجاوز 10% من مجمل السوق، ويتركز معظمها في الأدوية الجنسية وجزء من الأدوية النفسية. وهناك ويتمركز الكثير من الأفارقة في أماكن معروفة بجدة لتسويق المستحضرات وأدوات التجميل المقلدة على قارعة الطريق وعلى مرأى الجميع كما أن هناك نشاطا كبيرا لتسويق الأدوية على شبكة الانترنت عبر الإعلان عنها في المواقع الاجتماعية وفي بعض الصحف المبوبة. بائعة لمنتجات مقلدة دون مبالاة من جهته، قال نائب رئيس هيئة الغذاء والدواء لشؤون الدواء الدكتور صالح باوزير: تمكنت الهيئة بالتعاون مع الجهات العاملة في المنافذ الحدودية من منع دخول كميات كبيرة من الأدوية والمستحضرات المغشوشة وغير الصالحة أو المطابقة للمواصفات المسموح بها في المملكة، مشيرا إلى أن ما تم دخوله منها خلال الفترة الماضية يعتبر نسبة بسيطة مقارنة مع ما تم التصدي له. واضاف أن تحديد حجم سوق الأدوية والمستحضرات التجميلية المغشوة في المملكة يعتبر أمرا صعبا لتغيير المعايير والاليات المتبعة في الغش، مشيرا إلى أن الهيئة ركزت في الأونة الأخيرة على القطاع من الداخل عبر تكثيف الجولات الرقابية على مختلف الصيدليات والجهات المعنية بالأدوية. ويؤكد الرئيس السابق للجنة الغش التجاري في غرفة جدة حسين فهد العيدي أن سبب حل اللجنة التي كانت موجودة في غرفة جدة يعود الى عدم التعاون مع الجهات ذات العلاقة في حماية المستهلك ما جعله وغيره يفضلون الابتعاد عن نشاط اللجنة بسبب افتقادها للأسلوب العلمي المقنن في مكافحة الغش التجاري. وقال: حتى بالنسبة لجمعية حماية المستهلك التي اشترك في عضويتها بعيدة عن حماية المستهلك وعن تطلعاته، ونشاطها لا يظهر الا من خلال الصحف فقط، مشددا على دور وسائل الإعلام في نقل الإشكالات التي يعانيها المستهلك من خلال فتح المجال للحديث عن معاناته والأضرار التي نتجت له جراء استعمال سلع مقلدة أو مغشوشة.