قبَّل رأس أمه وخرج.. وحال لسانها يلهج له بالدعاء" اللهم افتح على قلبه" خرج "الزعيم" وهو لقبه الذي يتخفى وراءه لكي لايعرف، من البيت بعد أن شدت والدته على يديه طالبة منه بأن يقود بتمهل وأن يعود إلى البيت باكراً، خرج وركب سيارته التي غير معالمها فعلى جنبات الزجاج الخلفي لسيارته تجد الكتابات وكأنها شاشة عرض امتلأت بعبارات مليئة بالغرابة والدهشة ومفعمة بالغرام والعاطفة. وفي إحدى الليالي المأساوية قابله رفاقه الذين يقال لهم "الدرباوية" حيوه فقالوا له "الوعد ساحة الذكريات" فسار متوجهاً إليها ولا أعلم لماذا سميت بهذا الاسم بل المفترض أن تسمى ساحة الموت وهي ساحة واسعة مترامية الأطراف". وضع "الزعيم" شماغه على وجهه ولم تظهر إلا عينيه وكأنه حامل لواء إلى ساحة الوغى وفجأة برزت سيارة من خلفه ثار عجاجها وإذا بها تطلق أصواتاً قوية ومزعجة وكأنها تطلق قذائفها الواحدة تلو الأخرى تميل يميناً وشمالاً عكسية ومن ثم نطلة وشطفة وعقدة وقد تصل سرعتها إلي المئة والثمانين كيلو متراً في الساعة يا الله ما هذا الجنون وإذ بالزعيم يتحمس ويأتيه هاجس التفحيط ويصفق له "الدرباوية" الذين يحملون بأيديهم هواتف وكاميرات التصوير ليلتقطوا فيديوهات لهذا المشهد المثير. وفي لحظة سريعة يمر شريط الذكريات وإذ به يمتطي سيارته ويرفع الصوت على الأغنية الصاخبة والتي تطربه طرباً عارماً ويستعرض بها وكأنها حصان جامح وفجأة تحولت ساحة الذكريات إلي جمرة من اللهب إلي مجزرة تشم بها رائحة الإطارات. يفقد الزعيم سيطرته على سيارته لتتراقص على بكاء الأمهات والأحباب وتدخل في صفوف الجمهور ترفع هذا وتركل ذاك وتسقط الآخر لا تفرق بين أحد يسقط العشرات ملطخين بدمائهم ومنهم من فارق الحياة، وفتح الانتحاري" الزعيم" باب سيارته عازماً على الهرب بمساعدة رفاقه "الدرباوية" مات القلب وأصبح الجماد أكثر رحمة باحتضان دماء الأبناء وكأنها تأبى أن يرحلوا بدون أن تأخذ منهم ذكرى تكون سلواناً لهم. وبعد تلاشي دخان الفاجعة وزوال الصدمة القاتلة انكشفت المأساة شباب في عمر الزهور طعنة وألم في خاصرة الوطن تبكي عليهم الأرض قبل حناجر الأحباب وبعد مرور ساعة من الواقعة يتم القبض عليه من قبل الدوريات والحصيلة النهائية هي سبعة رياحين من شباب الوطن نفقدهم وهم في أوج حاجة الوطن إليهم، مازالت والدة الزعيم تنظر إلى الساعة من فترة لأخرى وهي قلقة من تأخر ابنها الوحيد ويقطع هذا الصمت والترقب اتصال هاتفي من المرور، علت صيحة في البيت كما علت صيحات وبكاء في سبع بيوت أخرى على أبناء لنا رحلوا وسيستمر البكاء والألم في كل بيت إذا لم نقطع دابر هذه الظاهرة من مجتمعنا المسلم. وفي نهاية الحكاية: يا شباب وطني القرار بيدكم إما أن ترسموا سعادتكم في الداريين برضاء والديكم وتكتبوا قصة نجاحكم بمعايير إسلامية، وإما أن تقبلوا بأن ترسموا قصة فشلكم بانتحاركم وزهق أرواحكم وأرواح غيركم وإتلاف ممتلكاتكم وممتلكات غيركم بمعايير الفشل الحقيقية.