أمير القصيم يرفع الشكر للقيادة على إعتماد تنفيذ مشروع خط أنابيب نقل المياه المستقل (الجبيل – بريدة)    وزير الدفاع يلتقي نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع بجمهورية سلوفاكيا    فيصل بن مشعل يوجّه بإطلاق مبادرة الاستزراع المجتمعية في المنتزهات الوطنية    والدة الزميل محمد مانع في ذمة الله    محافظ خميس مشيط يزور غرفة عمليات أجاويد3    جمعية «أدبي الطائف» تعقد أول اجتماع لمجلسها الجديد    أمير الرياض يكرّم الفائزين في مسابقة الملك سلمان لحفظ القرآن الكريم    جود نوعي    نائب وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الوزاري التحضيري لمجلس جامعة الدول العربية    الشلهوب يُرزق بشيخة    عبور 20 شاحنة إغاثية سعودية جديدة لمساعدة الشعب السوري منفذ نصيب الحدودي    ولي العهد والرئيس اللبناني يعقدان جلسة مباحثات رسمية    محمد بن علي زرقان الغامدي.. وجه حي في ذاكرة «عكاظ»    مدرب الأهلي "يايسله": مستعدون ومتفائلون لتحقيق نتيجة رائعة أمام الريان    تعليق الدراسة الحضورية بتعليم مكة والجموم والكامل وبحرة    حرس الحدود ينقذ (12) شخصًا بعد جنوح واسطتهم البحرية على منطقة صخرية    مدرب الهلال "خيسوس" قبل لقاء باختاكور الأوزبكي : هدفنا تحقيق نتيجة إيجابية    رد على «تهنئة رمضانية» يقود رئيس شركة للسجن!    أنباء عن خطة مصر لتشكيل هيئة مؤقتة لإدارة القطاع.. «حماس»: لا تعيينات إدارية في غزة    أكبر عذاب تعيشه الأجيال    توصيل الإنترنت عبر الضوء    الأسهم الأوروبية تغلق على ارتفاع قياسي    فيصل بن خالد يقيم مأدبة إفطار لأهالي المنطقة    «الغذاء والدواء»: 1,450,000 ريال غرامة على مصنع مستحضرات صيدلانية وإحالته للنيابة    تهنئة بلغاريا بذكرى اليوم الوطني    "حديث السّحر" ماشفت ، ماسويت ، ماقلت ، مدري    استخبارات الحوثي قمع وابتزاز وتصفية قيادات    خديجة    الإيمان الرحماني مقابل الفقهي    وزارة الشؤون الإسلامية تنظم مآدب إفطار رمضانية في نيبال ل 12500 صائم    المشي في رمضان حرق للدهون وتصدٍ لأمراض القلب    تأثيرات إيجابية للصيام على الصحة النفسية    أطعمة تكافح الإصابة بمرض السكري    الشهادة التي لا تسقط بالرحيل    6 مجالات للتبرع ضمن المحسن الصغير    تنظيم الشاحنات الأجنبية يدخل حيز التنفيذ    التعليم السعودي يفتح خزائنه في سباق العشرين عالمياً    الدوري أهلاوي    السد يتعادل مع الوصل في دوري أبطال آسيا للنخبة    النصر يتعادل سلبيا مع الاستقلال في غياب رونالدو    عينك على البحر.. عينك على المستقبل !    التسامح...    5 مواقع للتحلل من النسك    ولي العهد والرئيس اللبناني يعقدان جلسة مباحثات رسمية    دبلوماسية الردع عن بُعد    قال «معارض سعودي» قال !    برعاية خادم الحرمين.. الأميرة فهدة بنت فلاح آل حثلين تكرّم الفائزات بجائزة الملك سلمان لحفظ القرآن    إعلامنا ما سنحققه غدًا    آثر من حدائق الإنسانية    فيصل بن مشعل يزور القضاة والمشايخ    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يعيد الأصالة العمرانية لمسجد الرويبة    «صم بصحة».. جهود توعوية لجودة الحياة    لصيام دون مخاطر.. إرشادات لمرضى السكري    السلمي يحتفل بيوم التأسيس مع "التوفيق" لرعاية الأيتام    أمطار رعدية على مناطق المملكة حتى يوم الجمعة المقبل    3500 قطعة أثرية تحت المجهر    جزر فرسان عبادات وعادات    أُسرتا كيال والسليمان تتلقيان التعازي في فقيدهما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصر على النيل
حكاية وأخواتها
نشر في الرياض يوم 28 - 02 - 2013

تاريخ مصر الممتد يحتفظ في ذاكرته بأفضال للقبط على المحروسة لا تحصى، ولا تحد، ويوغل الزمن ويمضي، ويبقى لهذا الجنس من البشر محبة واعتزاز.
وعائلة "توفيق باشا أندراوس" المبجلة علامة، وشاهدة وحقيقة وجود، على ما قدمته من أفضال لوطنها الأم، ولبلدها الأقصر.
"توفيق باشا أندراوس" له الشكر، والسيرة الحسنة، الوفدي العتيد، صاحب الولاءات للحزب الذي يقدسه بعد سيده المسيح، له المجد، وهو الذي أعطى ومضى بوفرة من ماله، ومواقفه الخيرة.
منع الملك "فؤاد" "سعد باشا زغلول" من السفر إلى الأقصر، بسبب خلافات سياسية، وحاصر الكورنيش، فأقام "أندراوس" جسرا علويا من النيل حتى حديقة بيته ليعبر الزعيم في أمان، ويدخل القصر الكبير التي ترفرف على سواريه ثلاثة أعلام لدول عظمي.
بنى المدارس، وأقام المساجد، وأعطى لأهل الأقصر فرص العمل في وسيته، وحين احتاج الوفد الدعم في أزمة مالية باع من أجود أراضية 700 فدانا من أخصب أراضي الصعيد.
ورحل الرجل من زمان، وترك لنا نحن المصريين أمانة.
ثلاث من البنات وولد وحيد
"جميلة" و"صوفي" و"لودي" اخترن العيش في الأقصر بلد الجدود، المنفتحة على التاريخ، ومأوى كنوز مصر، عليها السلام.
رحلت "جميله" بدري، ورحل "جميل بك" الوريث، الذي كان يشاهده أهل الأقصر يقود سيارته على الكورنيش فيضوي شكلها الذهبي!!
تباشر البنتان أملاكهما بما يرضي الله، وسط فلاحين في زمن آمن، ورضي بالقسمة الحلال بين من يملك، ومن يستأجر.
كانتا تشاهدان في زمن الخمسينيات شابتين في بهاء العمر، والقصر الكبير قد ضوي بالكهارب، والزينة عقود من البهجة فيما تصدح بالغناء الست أم كلثوم، ومطرب الأمراء محمد عبدالوهاب، والعائلات الارستقراطية تدرج على عشب حديقة مثمرة بالورد والفاكهة!!
يتغير الزمان، وتختلف الأحوال، وتتواتر الحوادث، ويعم الوطن عبر السنين ذلك العنف الدموي، وتسود الغلظة والخشونة واستخدام القوة غير الشرعية المقرونة بفزع الإنسان وخوفه، والجرائد صباحية ومسائية تزدحم بحوادث القتل والاعتداء وتتابع الحروب بهزائمها والناس فيما يشاهدون حياري!!
أغلقت "صوفي" و"لودي" باب قصرهما، واختفيا عن الدنيا!!
كان العمر قد ولي، لا خلفة، ولا رفيق للروح يرقق وحدة الكائن في مكانه وزمانه.. غزا الشيب الرؤوس، وتهدك البدن، والذاكرة وهنت، ولم يعد باق إلا الصور القديمة مثل أزل، والقصر القديم خزينة من فضه وكريستال.. نجف من عصور سالفة.. ستائر مسدله علي نوافذ وشرفات.. سجاجيد كاشان وأصفهان وتبريز.. وصور أصلية من عصر النهضة معلقة على الجدران بألوانها الزاهية.. تماثيل لفراعنة بائدين.. وركن لتوفيق باشا وأجداده، تسمق طربيشهم حتى السقف، وشواربهم تقف عليها الصقور.
انغلقت الأبواب على الصمت، وغابت الكهلتان!!
ما حدث بعد ذلك، لا يصدقه عقل!!
ما جري يطلب منك شحذ مخيلتك، والتحديق بالقلب والنظر، أنا فعلت ذلك، واقتربت من الحافة المظلمة للمأساة التي قبل حدوثها شاهد أهل الأقصر - بعد انقطاع وغياب طويل - "صوفي" و"لودي" يتمشيان علي ارض الحديقة، بعد أن تناولتا فطورهما في الشرفة مثل زمان، ويوزعان التحايا علي البشر السائرين، ويتفقان مع الحوذي على إخراج الكارته القديمة لتمضية الوقت على الكورنيش.
بدت الكهلتان كأنهما في عرس.. عرس أم وداع؟.. إلا انه بالليل.. آخر الليل.. ومع سبق الإصرار، تسلل البعض من شيوخ المناسر ودخلوا القصر يمتشقون أسياخ الحديد، ويقبضون علي قتلهم، لهم شكل الجزارين عند الذبح، ملثمين بتلافيعهم، يطاردون في إرجاء القصر أمرأتين في عمر الخريف، تجاوزتا الثمانين، تشهقان من الخوف، وتصرخان بلا مغيث، بحثا عن ملاذ، تنطرحان أرضا، وتعمل الأسياخ شغلها، فتكسر الجمجمة، وتفقأ العين، وينتهك الجسدان، ويمعنون في قتل امرأتين قادمتين من زمن جميل، وأنت واقف هناك تحدق في رعب وتتساءل: كيف وصل الوطن الكريم إلى آخر حدود احتماله؟!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.