قرأت في جريدتكم الغراء ما كتبه أخي الفاضل (ناصر بن عبدالعزيز الرابح) وفقه الله بالعدد (13527) يوم الخميس الموافق 30/5/1426ه مقالاً بعنوان (أزمة القبول قضية اجتماعية باركها التعليم العالي) والذي وضع يده على الجّرح فأصاب وكنت أتمنى منه أن يضع لها العنوان التالي (أزمة القبول قضية اجتماعية باركها التعليم لقتل المواهب والطموحات). نعم يا أخي الكريم لقد كتبت فأجدت وتكلمت وأصبت إنها والله فعلاً كارثة يعاني منها الجميع - فكم أسرة كانت تحلم بتخرج ذلك الابن وتعد العدة له وتبني عليه بعد الله الآمال وتنتظر ذلك اليوم السعيد الذي يقف فيه هذا الابن على قدميه ليشق طريقه إلى المستقبل. ويخدم وطنه ومجتمعه وكم أسرة تنتظر حصاد تلك السنين وكم خريج طال انتظاره لهذا اليوم السعيد ليفرح ويغرد وما علم أنه سوف يصطدم بشبح النسب والقبول في جامعاتنا (الذي جعل منه المشرفون على التعليم الجامعي وذوو الاختصاص شبحاً يلاحق أولئك الخريجين ليجعلهم يتمنون في ذات أنفسهم أنهم لم يتخرجوا ولم يجلسوا على مقاعد التعليم). نعم أخي الكريم إنها كارثة وأي كارثة تضجع المنام وتقتل الطموح والآمال في نفس ذلك الشاب المسكين الذي اصطدم بفلسفة القبول، إنها والله لمأساة أن يكون حصاد تلك السنين الوقوف طوابير أمام مكاتب القبول والتسجيل لينتهي به الأمر إلى عدم قبوله بحجة النسبة والقياس، ففي كل يوم يظهر علينا أحد المشرفين على التعليم الجامعي والكليات والمعاهد من خلف شاشة ذلك التلفاز ليقتل ما تبقى فينا من الأمل والطموح بحجة نسبة القبول والقياس وكأن لسان حاله يقول إنه لم يصل إلى هذه المكانة إلا بنسب القبول والقياس وهل النابغون والعلماء الأفاضل وأصحاب الدرجات العليا من العلم حصلوا على ذلك بنسب القبول والقياس التي جعلنا منها شرطاً في جامعاتنا، وحتى المعاهد والمراكز المتخصصة أصيبت بعدوى النسب والقبول، فأين يذهب أولئك الشباب الذين لم تسعفهم ظروفهم المادية الدراسة في الجامعات والمعاهد الخارجية أين يذهبون، للمقاهي والتسكع في الشوارع وإيذاء الناس وحتى الذين تمكنهم ظروفهم المالية من الدراسة في الخارج ألا يعلم المعنيون بالتعليم بخطورة العقول المهاجرة وعلى يد من يتلقون تعليمهم وأي فكر يحتضنهم وهم في هذا السن المبكر من العمر إنها والله لحرقة للفؤاد وحسرة على العباد أن يترك أولئك الشباب فريسة لذوي العقول المريضة والحاقدة التي تتربص بهذا البلد الطيب وتتحين الفرص للانقضاض على مقدراته وخيراته وما هم بقادرون إن شاء الله ألا يعلم أولئك بأن الفراغ للمرء مفسدة وأي مفسدة. ليتنا يا أخي الكريم سلمنا من فلسفة النسب والقبول واتحنا الفرصة للشباب لإثبات وجودهم ومكانتهم خاصة ونحن في بلد ينعم بالخير الكثير وحباه الله بولاة أمر حريصين كل الحرص على ما فيه خير لأبنائهم ومواطنيهم وعزاؤنا الوحيد فيما يتخذونه من قرارات صائبة وعودونا دائماً على اتخاذها والله يحفظهم ويرعاهم.