لا يزال الجدل حول القانون الانتخابي العتيد هو الطبق اليومي للبنانيين، فبعد أن أقرّت اللجان النيابية المشتركة مشروع اللقاء الأرثوذكسي بأكمله بعد انسحاب نواب "تيار المستقبل" و"الحزب التقدمي الإشتراكي"، عاد السؤال بقوة: هل يتحوّل مشروع اللقاء الأرثوذكسي الى قانون في الهيئة العامة لمجلس النواب فيقرّ نهائيا؟ أم أنه سيمهّد الطريق لقانون انتخابي توافقي؟ بات واضحا أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان هو ضدّ القانون كليا كذلك رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومعهما "تيار المستقبل" و"الإشتراكي"، وبالتالي عادت الحركة السياسية الى الإزدهار في الأيام الماضية مع هامش مناورة ضيق نظرا الى ضيق الوقت. أما الأكثرية المؤيدة لهذا القانون التي جمعت بشكل نادر أضدادا لا يتلاقون عادة أي "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحرّ" و"حزب الكتائب" مع الثنائي الشيعي المتمثل ب "حزب الله" وحركة "أمل"، فإنها متشبثة الى النهاية بهذا المشروع مع لحظ نوع من "الليونة" في موقفي "الكتائب" و"القوات" نظرا الى الشظايا التي ستطاول علاقتهما بحليفهما الرئيسي "تيار المستقبل" جرّاء إقرار هذا المشروع. لغاية اليوم لم يقل "حزب الله" كلمته الفصل باستثناء تأييده المطلق لمشروع اللقاء الأرثوذكسي، وتريثه في انتظار "المناورات" التي يقوم بها رئيس المجلس النيابي نبيه برّي. في هذا الإطار تقول أوساط حزبية في الأكثرية " أن الثنائي الشيعي مستعدّ للذهاب الى النهاية في المشروع الأرثوذكسي، لأنه يهتمّ بأن يكون للمسيحيين قوة تمثيلية حقيقية تتيح لهم لعب دور "منطقة عازلة" في الإشتباك السنّي الشيعي السياسي في البلد". وتضيف هذه الأوساط ل"الرياض" بأن " الثنائي الشيعي لن يقبل بقانون الستين ولا بأي قانون لا يعتمد النظام النسبي وإذا كان الخيار سيرسو على قانون مختلط فإن نسبة النظام النسبي لا ينبغي أن تكون أقل من 60 في المئة". علما بأنّ تأجيلا تقنيّا للإنتخابات بات في حكم الواقع أقله الى ثلاثة أشهر بحسب أوساط معنية بهذا الإستحقاق. وبحسب الخبراء الإنتخابيين فإن الخاسرين الأساسيين من هذا المشروع القائم على انتخاب كل مواطن لنائب من طائفته هم "تيار المستقبل" وكتلة " جبهة النضال الوطني" ويأتي بعدهما بأشواط بعيدة "حزب الله" و"حركة أمل". وفي هذا المشروع يخسر "تيار المستقبل" 11 نائبا مسيحيا، ووليد جنبلاط خمسة نواب مسيحيين، في حين يخسر "حزب الله" وحركة "أمل" نائبين اثنين. وفي هذه الحال، سيستطيع الناخبون المسيحيون التحكم بوصول ثلاثة نواب في عكار (أرثوذكسيان وماروني) حيث الأكثرية هناك للطائفة السنية و"تيار المستقبل" كما سينتخب المسيحيون في طرابلس نائبين (أرثوذكسي وماروني). في بيروت ستتمكن الطوائف المسيحية من أن توصل خمسة نواب مسيحيين كانوا من حصة "تيار المستقبل" في الدائرتين الأولى والثالثة. وفي عاليه سيتاح للأصوات المسيحية أن توصل إلى الندوة البرلمانية نوابها الثلاثة الذين كانوا ينتخبون بأصوات الحزبين "الإشتراكي" و"الديمقراطي اللبناني"، بينما في الشوف، يوجد أربعة نواب مسيحيين يتحكم الصوتان الدرزي والسني في وصولهم.