قوة المرأة في ذاتها وبامتياز لها، وخضوعها لا يعود إليها بل للآخرين، من أم البشر حواء إلى زمننا الحاضر، والمرأة تعد فكرة نجاح ذاتية تبحث عن فرصة مناسبة.. ولو استعرضنا شخصيات نسائية تاريخية مثل شجرة الدر وبلقيس، وكيلوبترا لوجدنا جميعهن نساء بارزات في القيادة والحكم .. وعندما أخذن الفرصة أصبحن علامات بارزة في التاريخ، لأسباب تحسب لذكائهن وشجاعتهن، وبدون مساندة من الرجل، الذي ظل يتتبع عثراتهن لعله ينتصر على ضعف السقوط بضعف ارادته. وبين ذاتية المرأة الطموحة وإعاقات المجتمع لها، تسجل حكاية نجاح واحدة، ومليون مأساة، في مجتمعنا تمنع المرأة من قيادة السيارة ليس بسبب ضعف في مهارتها لقيادة السيارة، ولكن لأن المجتمع لا يريد لها ذلك، تمنع من أداء بعض الأعمال، ليس بسبب ضعف التأهيل، ولكن لأن الرجل يرى أنها عاجزة وغير قادرة على أداء ما يراه صعبا عليه هو من الأعمال. إن كانت حركة الرجل البدنية جعلت له عضلات في جميع جسده الظاهر وأهلته للقيام ببعض الأعمال التي يدعي أن المرأة تعجز عنها بسبب تكوينها الجسماني، فالمرأة من كثرة جلوسها في البيت ظهر لها عضلات في دماغها، فمع هذه القوة الذهنية والإبداعية لن يعجزها شيء عن أداء أي عمل في الأرض ولا السماء على الإطلاق. لقد وضعنا كما هائلا من العراقيل أمام حقها في الحصول على عمل، إلا أن ألغينا 90% من فرص العمل - في عرض البلاد وطولها - التي تستطيع المرأة مزاولتها، وبعد هذا أصبحنا نتذمر من نسبة البطالة العالية بين النساء.. وزرعنا ثقافة النظر لجسد المرأة قبل عقلها.. لنحكم على صلاحيتها للعمل، فالمطلوب اجتماعيا غيابها الكامل عن الأنظار حتى تعمل، فاجتهدنا في البحث عن جحور تعمل بها لكي لا تشاهد جسديا، فمن محظور الى محظور الى أن اختفت أغلب فرص العمل من أمامها، فالمرأة التي كانت تشاهد في ميادين الحرب في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، تمنع اليوم من بيع لعبة عسكرية في الأسواق، وهي لو أعطيت الفرصة في مجال الدفاع عن الوطن لسوف تسطر بطولات عظيمة لما تتمتع به من قوة في عضلات العقل تتغلب بها على عضلات البدن .. فالقوة الآن للعقل، وكل الشجاعة تكمن بالقدرة على استخدامه.. جميع الأسلحة صنعها العقل وخطط لاستخدامها العقل، فهل نلغي العقل لكي نمنع إغراء الجسد ؟ قضية الفساد المالي والإداري التي فتكت في حاضرنا وأحرقت مقدمات المستقبل، لو تولت المرأة بعض المهام في عملية مكافحة الفساد- وهذا حدس - ربما كان وضعنا أكثر أمانة، فهذه الانسانة التي تستطيع أن تحافظ على ميزانية بيتها، تستطيع أن تحافظ على ميزانية بلدها. عقل المرأة لا نستطيع الغاءه، وليس من الحكمة تجاوزه، وإن لم نحسن توظيفه بطرق امينة وسليمة، فسوف تكثر جرائم الأجساد، وتشويه العقول وإعاقتها..