امتزج قلبي بشعور غريب وأي شعور هل الحزن يجتمع مع السعاده ؟ نعم.. لقد امتزج حزن كبير وجرح في القلب لن يبرأ وحرقة في الصدر على رحيل أبي الغالي قدوتي وتاج راسي، وسعادة بسيرته العطرة وحب الناس له. لقد خرج لجنازته الغني والفقير، الكبير والصغير ومن كل الجنسيات وكأن ذالك اليوم يوم عرسه، زُفت جِنازته إلى مثواها الأخير إلى بارئها اللهم اجعلها أسعد أيامه. توفي أبي مبطونا وقد أخبرنا حبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان المبطون شهيد. اللهم أسكنه الفردوس مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولائك رفيقا. لقد كان (رحمة الله عليه) مدرسة لنا في جميع مراحل حياته، في قوته، ضعفه، احتضاره وحتى بعد مماته.. التحقنا معه أثناء مرضه رحمة الله عليه أكبر دورة تعليمية لاثني عشر يوما فيها من الدروس والمواعظ العظيمة، لقد اصابه مرض عضال في بطنة نادر سريع الانتشار، الآلام شديدة بشهادة الأطباء، فكان عند الألم يذكر الله لا إله إلا الله، الحمدلله، و وعند السؤال يشكر الله، وعند زيارة أحبابه يرحب بهم (هلا هلا) بصوت لا يكاد يُسمع من شدة الألم فكان صابراً حامداً قال تعالى: (وبشر الصابرين) اللهم اجعله ممن بشرته بصلوات منك ورحمة.أيقنت أنا واخوتي أنه الرحيل.. هو الوداع! استودعتك يا الغالي الحبيب الله الرحمن الرحيم، الغفور الودود، اللطيف الخبير استودعتك الله الذي لا تضيع ودائعه. في ضعفه كان قليل الكلام وإذا تكلم كانت الحكم تخرج منه، أكثر ما يردد أنا أحب الناس والمسلمين أخواني.. في قوته جمع خصالا كثيرة قلما تجتمع في شخص واحد هو التوفيق من عند الله، التاجر الصادق، الأمين، فكانت كلمته ميثاق، وفيا لاصحابه ومن أسدى له جميلا دائما يتذكره، نشيط يحب العمل فكان أكثر وقته في عمله.. سمحا ومبدؤه (ربّ ارزقني وارزق مني) كريم في تعاملاته يحب أن ينتفع وينفع الآخرين. مجلسه هو وعمي الغالي حفظه الله مفتوح للقريب والبعيد ويأنسون بمشاركة الجميع في تناول وجباتهم،، وأكثر وجباتهم معا بمشاركة الجميع. في المنزل كان حنوناً سمحاً لم نشهد عليه بخصام وكان إذا لم يعجبه أمر يظهر ذلك على محياه. واصلاً للرحم ودائم السؤال عن أحوالهم، يقوم بتأدية الواجب رغم انشغاله، ويسعى للصلح بين المتخاصمين. عبارات دائما أسمعها من أبي عند الضيق يقول قال الله تعالى (( لقد خلقنا الإنسان في كبد ))، (( بل الإنسان على نفسه بصيرة )) حكمته: خير الأمور أوسطها مطبقا لحكمته في عيشته. في رحيلك يا ابي ذُرفت الدموع وازداد ذكرك.. والناس شهداء الله في ارضه..عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا أحب الله العبد نادى: يا جبرائيل! إني أحب فلاناً فأحبه، فيحبه جبرائيل، ثم ينادي جبرائيل في السماء: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض) أسأل الله أن تكون ممن أحبه الله وفاز برضوانه وأن يجعل قبرك روضة من رياض الجنة ويجمعنا بك ووالديك وذرياتكم وأمهاتنا وأحبابك في الفردوس الأعلى على سرر متقابلين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم. ابنتك: شيخة بنت عبدالعزيز الموسى