عزا مثقف سعودي قلة الإقبال على حضور الأنشطة والفعاليات الثقافية التي تتولاها الأندية الأدبية واللجان الثقافية إلى عدد من العوامل والتحديات، حيث بين عبدالله بن مرعي الشهري المشرف التربوي بمكتب التربية والتعليم بمحافظة تنومة، أن الأنشطة الثقافية بالمقارنة بالأنشطة الأخرى التي تقام في المجتمع قليلة الحضور إذا قورنت بغيرها كالأنشطة الدعوية والاجتماعية والتجارية والرياضية والحفلات الشعبية والمهرجانات السياحية والمباريات الرياضية. وأضاف الشهري أن المتتبع للحركة الثقافية التي تتولى شأنها الأندية الأدبية واللجان الثقافية المنبثقة عنها، يجد إحجاماً عن حضور أنشطة هذه المنتديات والمساهمة في إنجاح برامجها، ولا شك أن الثقافة المحلية في المملكة يواجهها مجموعة من التحديات والعقبات متى استطعنا تشخيصها والتعرف إليها وتحديد مسبباتها، استطعنا أن نضع مجموعة من الحلول والأساليب لمعالجتها، أوالتخفيف من حدتها. وعن أبرز العقبات قال الشهري: عدم وجود تعريف إجرائي دقيق للثقافة، إذ تختلف النظرة إلى هذا المفهوم الذي يأتي ضمنه ما يعتقد أن الثقافة تعني ما ينتجه الأدباء والشعراء من كتب ومقالات وقصائد وروايات ومسرحيات، وهذا الفهم الضيق والمتعدد للثقافة من أسباب عزوف الناس عن أنشطتها. وأضاف أنه من بين التحديات ارتباط مفهوم الثقافة في بعض مجالاتها في أذهان شريحة من الناس بمخالفته القيم والمعتقدات الدينية، ويعود السبب في ذلك إلى ما طرأ على الثقافة المحلية من الأفكار والنظريات مرة باسم الحداثة، ومرة باسم الليبرالية، وأخرى باسم العولمة، ومرة باسم حقوق المرأة ما كان سبباً في إيجاد جدل ومناظرات كان لها انعكاساتها على اسم الثقافة في مجتمع يتسم بالمحافظة. وإلى جانب ما يتطلبه حضور الناس أن حضور هذه المجالس واللقاءات الثقافية سيظهر أمام الناس قلة معلوماته، وضعف اطلاعه، وهذا العامل النفسي نابع من المفهوم السابق للثقافة في نظر كثير من الناس وارتباطها بحجم المعلومات والمعارف التي يمتلكها الإنسان، فمن طبيعة الإنسان البشرية أنه لا يريد أن يظهر أمام الناس بصورة تقلل من شأنه، إلى جانب ما يمكن أن يصيب الثقافة المحلية جزاء أزمة الأمة فكريا وحضاريا، التي من أبرز أسبابها عزوف الناس عن القراءة، وضعف الجدية في التحصيل المعرفي، وقلة الاهتمام بالبحث العلمي، وانصراف اهتمام الناس إلى القنوات الفضائية والأجهزة الذكية والإنترنت، بما تقدمه من وسائل تسلية وترفيه وألعاب ورسائل ووسائط فيديو، تفتقر إلى العمق الثقافي، وتركز في القشور. وعن سادس التحديات يقول الشهري: هناك أزمة المحتوى، وذلك حينما يحضر المتلقي إلى بعض ما يقام في هذه الملتقيات الثقافية فيجد نفسه أمام موضوعات مكررة أو مستهلكة، أو موضوعات جديدة ولكنها بعيدة كل البعد عن واقعه، ولا تلامس مشكلاته الحقيقية ما يجعله يندم أحياناً على الوقت الذي قضاه في الاستماع لهذه المحاضرة، ليقرر عدم الحضور مستقبلا، بل ويحرض غيره أحياناً على ذلك، أما سابع التحديات ما يمكن تسميته أزمة النخبة المثقفة، وذلك حين تكون علاقة النخبة بالجمهور علاقة خاملة ساكنة منغلقة فيها نوع من الغرور والاستعلاء، فالمثقف في بعض المنتديات الثقافية لا يسمح لأحد بمشاركته على الأقل في تقديم أو إدارة الحوار، ولا يسمح لأحد بمناقشته أو نقده أو الاعتراض عليه. وأردف عن مظاهر أزمة المثقفين: أن ما يحصل بينهم من التحاسد والتغاير على مواقع الصدارة ومنصات الحديث جعل الجمهور ينظر إليهم نظرة ازدراء، وبالتالي ينسحب من حضور جلساتهم المنغلقة على أنفسهم، أو المفتوحة من أجل الشهرة والتصدر؛ وهذه المشكلة هي السبب الحقيقي وراء تكرار نفس الوجوه في أي محضر، أو حفل، أو مناسبة؛ لأن الوجوه الجديدة أو الخجولة أو التي نأت بنفسها عن حب الأضواء لا تجد فرصة مع مثل هذه القيادات الثقافية المستبدة.