صدر حديثاً الجزء الأول حافلا بإهداء إلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع - حفظه الله - وذلك ضمن سلسلة أجزاء كتاب"مرويات الأمير محمد الأحمد السديري" من جمع وتعليق سليمان بن محمد الحديثي، متضمنا مجموعة متنوعة من القصص والأخبار التاريخية والأشعار النبطية التي رواها الأمير محمد السديري-رحمه الله- نصفها تقريباً مسجلة من أشرطة بصوته كسالفة ندا بن نهير، وغريب الشلاقي، وعبدالله السديري، وبعضها من أوراق بخط يده أو بخط ابنه مشعل، الذي نقلها عن أشرطة بصوت والده، وقد وضع المؤلف لبعض السوالف والأخبار الواردة في الكتاب مداخل حتى يكون القارئ على دراية بجذور وأصل الحكاية التي كانت سبباً ودافعاً لإنشاء القصيدة ومحركاً لموضوعها،كما جعل المؤلف هذه المداخل على شكل عناوين بارزه وهوامش وتراجم وشروح وتعليقات على بعض الأحداث. وقد جاء الكتاب في 300 صفحة تلاها، أعقب إهداءها قصيدة للأمير محمد الأحمد السديري جواباً على الأمير سلمان بن عبدالعزيز قبل نصف قرن تقريباً،وشعراء السدارى في الدولة السعودية الثانية أمثال:عبدالله بن أحمد السديري،وعبدالله بن تركي السديري، بالإضافة إلى قصص متنوعة وأخبار متعددة كقصة هادي بن شريعة الشمري مع محبوبته،وأخبار ندا بن نهير الذي شارك في معارك كثيرة وقاد بعض المعارك بنفسه محققاً سلسلة من الانتصارات الباهرة، فقد كان قائداً محنكاً موفقاً وكثير الحظ، كما شارك مع جيش الملك عبدالعزيز ولعب دوراً مهماً يعرفه من له دراية واطلاع بتاريخ نجد والجزيرة العربية، وغزواته مع الشلقان المشهورين بالشجاعة والفروسية والحكمة،ورحلة تريحيب بن شري بن بصيص إلى المدينةالمنورة لزيارة المسجد النبوي والصلاة فيه والسلام على النبي –صلى الله عليه وسلم-،وزواجه من فيحاء ابنة الفارس خالد بن تركي بن بصيص وموته قبل أن ينجب منها أي ذرية،والذي ينتمي إلى أسرة البصايصة وهي من الأسر النجدية المعروفة والعريقة والتي لها شهرة كبيرة في نجد والجزيرة العربية،ويرجع نسبهم إلى الصعران من مطير،وقد برزوا في القرن الثالث عشر الهجري، بالإضافة إلى نسب وولادة الشاعر المعروف ناصر الهزاني الذي ولد في عام1230ه وعاش حتى أدرك بدايات القرن الرابع عشر والذي من ذرية رشيد بن مسعود مؤسس مدينة الحرية وله مجموعة من القصائد المنشورة والمشهورة. كما أورد المؤلف الروايات بلهجة راويها الشعبية باستثناء قصتين أعاد صياغتهما كي تصلا للمتلقي المهتم بتاريخ الجزيرة العربية وهي قصة:تريحيب بن شري،وابن شريّعة.. كما نبه المؤلف عن إمكانية وجود تقصير أو خطأ؛لأن أغلب المرويات والروايات لم تكن مدونة في الأساس بقدر ما كانت تعتمد على النقل الشفهي؛ لذا اعتمد المؤلف كُلياً على الذاكرة وخوفاً على التراث وأخبار الشعراء.. حيث جاء الكتاب تدويناً لهم ولحياتهم، وأبرز الأحداث التي جرت في سياق حياتهم؛ من أجل مقاومة النسيان ولامتداد مسيرة ذلك التاريخ المليء بالقيم والأخلاق والمعاني الرجولية. ويشير المؤلف إلى أن فكرة تأليف الكتاب كانت بسب استماعه إلى مجموعة من الأشرطة المسجلة بصوت الأمير المرحوم "محمد الأحمد السديري"حيث وجد فيها كماً هائلاً وكبيراً من المعلومات والأخبار والقصائد التي تستحق أن تُنشر،بعضها في غاية الندرة.. حيث دونت بعد نقاش مع ابنه يزيد السديري، لإصدار هذه المرويات في كتاب، عطفا على ما تحتوي عليه من فوائد وأخبار نادرة تهم القرّاء والمهتمين بالشعر الشعبي وبتاريخه، إذ يشير الحديثي بأنه عندما بدأ في جمع المرويات وجد بعضها مكتوباً على الأوراق بخط الأمير الشاعر، وبعضها بخط أشخاص آخرين،وأشعار نادرة مليئة بالفوائد والنفائس،وقد اختار المؤلف من تلك الروايات جزءاً ليس باليسير من رواة معروفين وآخرين غير معروفين. وقد جاء الكتاب رصدا وتوثيقا لجوانب من مرويات محمد السديري، الذي عنى منذ نعومة أظفاره وبدايات شبابه بالتاريخ والتراث وأخبار القبائل والفرسان،وكانت مجالسه عامرة بهذه الأحاديث،وارتبط بصداقات حميمة مع كثير من الشعراء والرواة من شتى المناطق والقبائل،وعندما قرر تأليف بعض الكتب في هذا المجال كال"حداوي" و "أبطال من الصحراء" حرص على السماع من كل الرواة البارزين في ذلك الوقت،واستضاف عددا منهم لاستقصاء شتى الروايات ومن ثم ترجيح أدقها وأقربها للصواب.. مما يؤكد حرصه ورغبته في تدوين الحقيقة التاريخية دون الإساءة إلى أحد؛لأن دافعه إليها كان حب التاريخ وعشق التراث بما فيه من شيم الرجولة والكرم والفروسية من جانب، ولما حمله لجميع قبائل وأسر هذا الوطن كل الاحترام والتقدير من جانب آخر، حيث يعتبر الكتاب مواصلة لما بدأه الأمير الراحل محمد السديري في نشر التراث وقيمه.