مما لا شك فيه أن الأسرة هي قاعدة البناء والركيزة الأساسية في المجتمع، ففي مجتمعنا السعودي المسلم المحافظ.. أرسى القرآن الكريم والتوجيهات النبوية الأسس النفسية والعاطفية والتعامل الإنساني بين أفراد الأسرة الواحدة وثبت الحقوق فيما بينهم.. والفرد المتقاعد هو لبنة من لبنات المجتمع، فالمتقاعد.. كائن حي انتهت حياته العملية من مصارعة في ميادين عديدة منها الدراسة والعمل وغيرها... وواجه ضغوط الحياة بكل أشكالها... ويشكل التقاعد نقطة تحول هامة في حياة الفرد، خصوصا بعد فترة طويلة من ممارسة عمل معين ملأ عليه حياته، وأعطاه دوره ومكانته الاجتماعية، فالعمل ليس مهما من حيث توفير دخل ثابت للفرد وأسرته فقط، وإنما له دوره النفسي الهام، فبعد التقاعد قد يرافق ذلك ازدياد في المشاكل الأسرية داخل الأسرة، وان في التقاعد معنى ضمنيا بان المجتمع بدأ يستغني عن المتقاعد وخدماته، ومن ثم فان وجوده سيكون بعد ذلك عالة على غيره، لذلك فقد أثبتت الدراسات النفسية والطبية أن مستوى الانحدار في الصحة الجسمية والنفسية يكون اشد سرعة في السنوات اللاحقة للتقاعد منها في السنوات التي سبقت التقاعد، فأصبح هذا الفرد بحاجة لأفراد أسرته ومجتمعه ككل من ناحية التكريم والعاطفة بغض النظر عن شرائح المجتمع وأوضاعهم المالية "فالفرد المتقاعد" الذي لم يتبق أمامه قدر ما فاته من سنين، للأسف الشديد يواجه التهميش في مجتمعنا الإسلامي في الأزمنة الأخيرة ومع التقدم التكنولوجي والانفصال العاطفي الحاصل داخل الأسرة الواحدة ومن ثم المجتمع السعودي ككل.. وازدياد الانحرافات بجميع أشكالها أدى إلى عدم الاهتمام بالمتقاعد داخل أسرته أو في المجتمع المحيط به كبيئة تحتوي الكثير من الهموم والمشاكل أدت إلى عدم الشعور بالهدوء والأمن والاستقرار والطمأنينة.. وجعلت المتقاعد يعاني من صدمات نفسية ومن ثم أمراض عضوية نتيجة لهذه التغيرات الحاسمة بالرغم من مناشدة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وأصحاب السمو الملكي الأمراء الأعزة الكرام بالاهتمام بالمواطن وشئونه عموما بغض النظر عن الجنس والعمر. وبالرغم من الجهود التي تبذلها وزارة الشؤون الاجتماعية من خدمات إنسانية وتوجيه للمجتمع ككل من رعاية اجتماعية وغيره.. وتشكر على ذلك وحيث إنني حديث التقاعد فإنني احمل بطاقة شخصية كتب خلفها؟! ولكن للأسف لا أجد أية تسهيلات عند إبرازها... ومن المؤلم أن المتقاعد.. أو المسن في المجتمعات الغربية كالولايات المتحدة حيث عشت هناك أثناء الابتعاث رأيت بأم عيني أماكن مخصصة في المطاعم والمواقف وغيرها من الأماكن العامة والتعامل الإنساني لهذه الفئة من المجتمع بغض النظر عن الدين والعرق..، حيث إن المجتمع الأمريكي متنوع الأديان، أما مجتمعنا السعودي فيحكمه التشريع الإسلامي والتوجيهات النبوية والمتوقع منه إن يكون مجتمع مثالي في الترابط الأسري والكرامة الإنسانية وبالنسبة لي لا اعتبر إنني قد انقطعت وانقطع انتمائي لمجتمع امني وعين ساهرة لحراسة امن واستقرار هذا الوطن الغالي الذي قدمت له زهرة شبابي ومع هذا تقدمت بطلب التماس التعاقد حيث إنه لا يزال لدي عطاء ورغبة استمرار العمل ولكن لم أوفق في ذلك ولكن أرجو أن يوجه صاحب السمو الملكي الأمير والإنسان محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود وزير الداخلية تأكيد الاهتمام بالمتقاعدين من مدنيين وعسكريين عملوا بالدولة أو حتى في القطاعات الخاصة نظرا لما قدموه للوطن من خدمة وتقدم بهم العمر وأصبحوا بحاجة للمساعدة والاهتمام الذي لا يجدوه سوى في المؤسسة العامة للتقاعد؟! ويجب أن نضع حدا لمراجعة المتقاعد لمكاتب الضمان الاجتماعي بعدما أفنوا سنين عمرهم في خدمة دينهم ومليكهم ووطنهم الغالي. هدفنا في المقام الأول خدمة المتقاعدين الذين خدموا في الدولة لسنوات عديدة وبالتالي لا بد وان ترعاهم الدولة رعاية كاملة وان تقدم لهم المكافآت وعدم الاكتفاء بالراتب التقاعدي، فالمتقاعد يحتاج في شيخوخته إلى العديد من المتطلبات ومن هنا نحاول بقدر الإمكان أن نهيئ لهم الجو المناسب بحيث يستفيدون من عدة نواح مختلفة منها التخفيضات في بعض الجهات التجارية مثل الفنادق والمتاجر وشركات الطيران والتأمين الصحي وجهات أخرى تصب في صالح ذلك المتقاعد، ومن أهم أهدافنا أيضا العمل على تعظيم تفاعل المجتمع مع فئة المتقاعدين ليكثروا من الحسنات مثلما يكثروا من السجود في المساجد.. أدام الله علينا نعمة الأمن والأمان. * متقاعد – ديوان وزارة الداخلية