سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الجزائر : هل بدأ السباق على الانتخابات الرئاسية بين أويحيى و بلخادم ؟ بعدما تحررا من قيودهما الحزبية .. وعلى بعد أقل من عام على انتهاء الفترة الثالثة لبوتفليقة
هل بدأ العدّ التنازلي لرئاسيات 2014 في الجزائر، بعدما تحرر أهم رجلين في البلاد، أو هكذا يراد تصويرهما، أحمد أويحيى وعبدالعزيز بلخادم، من على رأس أهم أحزاب السلطة " جبهة التحرير الوطني " و" التجمع الوطني الديمقراطي " المدعّمين للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة منذ مجيئه الحكم العام 1999، هل هي بداية التحضير الفعلي لمرحلة ما بعد بوتفليقة الذي صارت ملامحه في الفترة الأخيرة لا تخفي توعكه الصحي مثلما ظهر لدى استقباله الوزير الأول البريطاني ديفيد كاميرون، و هل يعتقد الرجلان أن مغازلتهما لكرسي قصر المرادية حلم مشروع لهما دون غيرهما لتتويج مسار خدمة في الحكم ليست بالقليلة طبعها التفاني والإخلاص على الأقل بالنسبة لفترة حكم عبدالعزيز بوتفليقة. أحمد أويحيى الوزير الأول الجزائري الأسبق وتلفت الطريقة التي خرج بها عبدالعزيز بلخادم من الحزب العتيد " جبهة التحرير الوطني " وهو الذي تعرض لسحب الثقة والإطاحة به كأمين عام لحزب لم يتزحزح منه منذ العام 2005 ، أن الرجل لم يكترث كثيرا لما حدث له ، بل يخرج ليصرح للصحافة في محاولة لتسويق صورة إيجابية عنه أنه يغادر الحزب و هو " مرفوع الرأس " لأنه " كرّس الديمقراطية " داخل الحزب و" حقق الكثير من الانتصارات " في إشارة إلى النتائج الهامة التي حققتها القوائم التي اختارها بلخادم لخوض غمار تشريعيات 10 مايو 2012 والتي كانت سببا في انقلاب أقرب الرفقاء عليه بدعوى أن بلخادم غلّب " أصحاب الشكارة " أي أصحاب المال على مناضلي الحزب لكن ذلك لم يمنع من بقاء الحزب القوة السياسية الأولى في البرلمان الحالي ما اعتبر انتصارا لبلخادم على المشككين فيه .ويبدو مع تقدم الأحداث أن بلخادم باستعانته ب" أصحاب الشكارة " الذين أدخلهم قصر زيغوت يوسف ( البرلمان ) ليجلسوا على مقاعد طالما حلموا بها لم يكن في الحقيقة يفكّر في حزبه بقدر ما كانت حساباته للموعد السياسي الأهم، رئاسيات 2014 ، التي سيحتاج فيها الرجل إلى الكثير من المال ورجال الأعمال والمقاولين لدعم حملته الانتخابية وكسب وقوف هؤلاء إلى جانبه بدليل أن نفس الأشخاص كانوا وما يزالون في صف المؤيدين له ممن واجهوا خصوم بلخادم من التقويميين و قادوا مع هؤلاء معارك بالنيابة عنه. ولقد أثبتت الرئاسيات السابقة كيف لعب المال دوره المحوري في فارق الدعاية الإعلانية التي ميزّت حملات الرئيس بوتفليقة التي استفاد من دعم كبار رجال المال والأعمال عن منافسيه من المترشحين الآخرين . عبد العزيز بلخادم الامين العام السابق لحزب «جبهة التحرير الوطني» ولعل اللافت أيضا أن بلخادم رغم الإطاحة به كأمين عام للحزب حرص على عدم المغادرة إلى أن يتم انتخاب شخصية أخرى لقيادة الحزب و هو ما لم يهضمه خصومه ولم يقبلوا به، و في سلوك بلخادم محاولة من الرجل وهو الفقيه السياسي في سير الحزب و تنظيمه النأي بجبهة التحرير عن التخبطات الداخلية التي قد تشوّش في حال استمرارها على حسابات بلخادم المستقبلية القريبة ورهانه على جبهة التحرير كقاعدة نضالية وليس كقيادات لدعمه في ترشحه المقبل لرئاسيات 2014 ، فخلافات بلخادم في الأساس مع قيادات اللجنة المركزية التي أطاحت به وليس مع القواعد الشعبية للحزب الواسعة جدا والمتغلغلة في كامل شعاب الوطن . و إن تبدو الصورة التي غادر بها أحمد أويحيى وعبدالعزيز بلخادم حزبيهما مختلفة بين الاثنين على اعتبار أن الأول استقال بمحض إرادته على خلفية حركة تقويمية، رغم إصرار أقرب الرفاق على بقائه بتقديم نفسه أنموذجا للتداول السلمي على السلطة، فيما لم يبتعد الثاني عنها إلا بعد مناوشات وتراشق بالألسنة والأذرع والأحذية وحتى بالأسلحة البيضاء، فإن المغادرة تستجيب في النهاية لضوء أخضر تحرك بموجبه الرجلان باتجاه محطة الرئاسيات المقبلة، وكان الرجلان قبل ذلك قد تم التخلي عن خدماتهما في هرم السلطة، الأول كوزير أول استغنى عنه بوتفليقة في التعديل الحكومي الجزئي الأخير في 3 سبتمبر 2012 و الثاني بإعفائه من التمثيل الشخصي للرئيس الجزائري عندما كان وزير دولة ، رغم أن الرجلين لم يتوقفا يوما عن دعم بوتفليقة بل ورافعا من أجل ترشحه لعهدة رابعة ولم يخجلا من ذلك ، وكانا من أقرب رجالاته ومحط ثقته، ولا غرابة في ذلك عندما نعلم أن الأمر يتعلق ب " تحرير" الرجلين ربما بإيعاز من بوتفليقة نفسه ، من أي التزامات رسمية وحزبية قد تعيقهما عن تحضير نفسيهما لاستحقاقات 2014 الرئاسية و هذا أحسن ردّ جميل يكافئ به بوتفليقة إخلاص أويحيى و وبلخادم . ولعل الاكيد في الأمر أن حظوظ أويحيى وعبد العزيز بلخادم في الجلوس فوق كرسي قصر المرادية ليست نفسها، فبلخادم (68 سنة) الذي ظلت وسائل الإعلام المحلية بالأخص تلك التي تحسب على التيار العلماني الفرنكفوني تصنفه ب "الإسلامي" المتخفي في ثوب " الوطني المحافظ " على خلفية دعمه السابق للحزب الإسلامي المحظور " الجبهة الإسلامية للإنقاذ " عبر تأييده مؤتمر "سانت إيجيديو" بروما الذي نظمته المعارضة الجزائرية العام 1994 للتنديد بوقف المسار الانتخابي، ودفاعه الشرس عندما كان في البرلمان عن قانون الأسرة الذي تمت المصادقة عليه في الثماينيات وتعارضه الجمعيات النسوية باعتباره رجعيا وهو الذي يستند في غالبية نصوصه إلى الشرع الإسلامي، فضلا عما اعتبر علاقات مشبوهة كانت لبلخادم مع النظام الإيراني زمن العشرية السوداء، كل ذلك من شأنه اللعب ضدّ عبدالعزيز بلخادم وتصويره على أنه شخصية غامضة يجب الاحتراز منها بل " بعبع إسلامي" و لِم لا " مرشح التيار الإسلامي " في الجزائر . وعلى النقيض منه، تسوّق وسائل الإعلام المحلية ذاتها لأحمد أويحيى (61 سنة) بشكل مختلف، فهو في نظرها " الابن المدلل للنظام " و " الابن المدلل للعسكر " ما يفسّر قفزاته الفلكية نحو هرم السلطة، بل وترى فيه الخليفة الأصلح للرئيس بوتفليقة، رغم أن الرجل ظل يُنعت منذ تدابيره التقشفية نهاية التسعينيات التي انعكست سلبا على المستوى الشعبي للجزائريين ب " رجل المهمات القذرة " وعادة ما يقرن اسمه بالتزوير على خلفية رئاسته العام 1997 لحزب ظل وما يزال في الذاكرة الجمعية الجزائرية مقرونا بالتزوير والتحايل والانتهازية بالنظر إلى الظروف التي نشأ فيها التجمع الوطني الديمقراطي (الأرندي) وتمكنّه فيما اعتبر "أكبر عملية احتيال على أصوات الناخبين" من افتكاك غالبية مقاعد البرلمان في تشريعيات العام نفسه وهو الحزب الذي ولد من العدم. وتشكك تحاليل العارفين بمعطى التوازنات الجهوية في الجزائر في حظوظ أويحيى في الظفر بكرسي الرئاسة وهو البربري المنحدر من ولاية " تيزي وزو" بمنطقة القبائل ، المنطقة التي تظل بؤرة لا استقرار في البلاد على خلفية مطالب ذات صلة بالهوية العرقية البربرية ، تطفو إلى السطح من حين إلى آخر .