عندما كتبت عن (ذروة إنتاج النفط السعودي بعيدة) الرياض 3 سبتمبر 2012، كانت ردود الافعال سلبية إما جهلا بالموضوع او بقصد الاثارة فقط لا غير. ولكن حمدا لله توالت ردود الافعال الايجابية من اصحاب القرار الذين يمتلكون احصائيات النفط في السعودية، فبعد ان طمأننا خادم الحرمين الشريفين، عند اعلان الميزانية عن احتياطياتنا النفطية بقوله "ما لم يكتشف من النفط اكثر بكثير مما تم اكتشافه"، جاء حديث الأمير عبد العزيز بن سلمان مساعد وزير البترول والثروة المعدنية لشؤون البترول حاسما بان تلك الادعاءات والتقارير التي تدعي بقرب تحول السعودية من مصدرة للنفط الى مستوردة له باطلة بل انها غبية وسوف تحافظ السعودية على صادراتها النفطية حتى عام 2035 عند انتاجها وطاقتها الحالية. لقد تم دحض هذه الادعاءات فلن يصل انتاج السعودية الى ذروته في 2016 ولن تكون مستوردة له حتى في عام 2035. وهذا يعني ان لدينا احتيطايات كبيرة لم يتم اكتشافها وتثبيتها ولكن لسنا في حاجتها حتى الآن في ظل الاوضاع العالمية الحالية والنظرة المستقبلية المتوسطة. فلقد خاب ظن المظللين الذين يحاولون ان يوهموا المواطنين بان المصدر الاساسي لدخل الدولة قد ينتهي قريبا وإننا على وشك الافلاس بدون ان يقدموا ارقاما لا محلية ولا عالمية لواجه حقيقة الارقام المنشورة محليا وعالميا من قبل وكالات الطاقة العالمية ولكنهم يقرؤون مثل تقرير سيتي جروب الذي صدر في 4 سبتمبر 2012 يهدد المملكة العربية السعودية بأنه ستصبح مستوردة للنفط في السنوات العشرين القادمة تحت فرضية ان استهلاك المملكة سيواصل ارتفاعه حتى يقضي على صادراتها، متجاهلا طاقتها الانتاجية (12.5 مليون برميل يوميا) وأنها تنتج ما يقارب 10 مليارات قدم مكعبة من الغاز يوميا وسيرتفع ذلك الى 13 مليار قدم مكعبة يوميا بحلول 2015، وهناك مشاريع بدائل الطاقة المتجددة وغير المتجددة التي بدأ تنفيذها. وبنظرة تاريخية الى انتاج السعودية نجده وصل الى أعلى مستوى له وليست ذروته عند متوسط 9.9 ملايين برميل يوميا في 1980 ثم بدأ يتراجع حتى بلغ 3.4 ملايين برميل يوميا في 1985 ولكنه عاد مرة ثانية في التصاعد حتى بلغ 8.33 ملايين برميل يوميا في 1992 واستمر في نطاق ذلك حتى عام 2003، وبعد ذلك اصبح متوسط الانتاج 9 ملايين برميل يوميا حتى ارتفع الى 9.86 ملايين برميل يوميا في 2012. هذه المعلومات تؤكد ان انتاج المملكة لم يصل الى ذروته في عام من الاعوام السابقة وإنما كان يرتفع وينخفض عدة مرات خلال تلك الفترة. لا نلوم التقارير العالمية عندما تدعي ان انتاج السعودية من النفط وصل ذروته وستصبح السعودية مستوردة له ولكن الوم المحللين المحليين الذين يدعون ان انتاج السعودية وصل الى ذروته او قريبا منها. اننا نعرف ان النفط مورد ناضب ولكن متى؟ ونعرف ان احتياطي النفط السعودي بلغ 265 مليار برميل، وعلى مرّ السنوات لم يقل، وهذا يؤكد مدى قدرتنا على تعويض النقص، ونعرف من اخر تصريح لوزير النفط النعيمي من تصريحات المسؤولين بأنه توجد مكامن نفطية وغازية في صحارينا وبحارنا لم تكتشف إلى هذه اللحظة، فهناك مناطق مازال العمل بها قائماً ولم يتم تطوير حقولها. ان تغير انتاج السعودية يعتمد على عوامل السوق فمرة يرتفع ومرة ينخفض ولكنها دائما تسعى الى تحقيق السعر المستهدف ولا يعني انها لا تحتاج الى فوائض مالية. فلو طبقنا عامل الانحدار بين التغير في اسعار النفط والتغير في انتاج المملكة لوجدناه سلبيا ولكن غير معنوي إحصائيا، مما يدل على ان سلوك السعودية الانتاجي يوازن بين الامدادات والطلب في الاسواق العالمية وإلا وجدنا الترابط معنويا إحصائيا، بمعنى ان السعودية تخفض انتاجها من اجل رفع الاسعار وليس لاستقرارها.