مع تزايد حركة المرور في المدن الكبرى تبدو الحاجة ملحة لإيجاد حلول لمواجهة الازدحام والحفاظ على التوازن البيئي، ومن بين تلك الحلول الاستفادة من النفايات، ففي شمال جوهانسبرج بجنوب أفريقيا، يعتبر مكب النفايات القديم Sebenzaفي منطقة Ekurhleni مكاناً فريداً من نوعه يتردد عليه السائقون عدة مرات في الأسبوع من أجل التزود بالوقود لسياراتهم، حيث تم إنشاء محطة للبنزين على مشارف مدينة جوهانسبرج، التي يتعدى عدد سكانها 10 ملايين نسمة، هذه المحطة تدخل ضمن مشروع للبحث العلمي يهتم بالطاقات البديلة. ويهدف هذا المشروع الذي يحمل اسم "Ener Key" وتشترك فيه ألمانيا، إلى إعادة تدوير النفايات من بغرض الحصول على الوقود بأسعار مناسبة وبما يراعي الحفاظ على البيئة، فعلى خلفية عدم اهتمام جنوب أفريقيا كغيرها من الدول النامية بموضوع فصل المخلفات وهو ما يعتبره الكثيرون أمراً سلبياً، فإن هذا الموضوع يشكل الآن انطلاقة لمشروع تحويل النفايات إلى وقود، خاصةً وأن مقالب النفايات متوفرة في جميع أنحاء البلاد مما يجعلها مورداً للمستثمرين، الذين يستفيدون من النفايات العضوية والبلاستيك والمعادن المتوفرة في هذه المخلفات. وفي غضون بضع سنوات، قد يصبح غاز الميثان الحيوي قادراً على تزويد السيارات في جنوب أفريقيا بالوقود بمستوى 5 إلى 10%، وهو ما يجعله مشروعاً طموحاً يتطلب مضاعفة مرافق الإنتاج وإنشاء شبكة واسعة من محطات تعبئة الغاز الطبيعي، وربما يصبح الوقود المصنّع من النفايات لبنة أساسية لمستقبل حركة النقل في جوهانسبرج وضواحيها، حيث أنه من المقدر أن يصل عدد سكانها في عام 2050 إلى 20 مليون شخص، وفي هذه الحالة ستكون هناك حاجة وسائل النقل العام ماسة لتلبية احتياجات السكان المتزايدة. وفي هذه المحطة المنتظرة لن تُعبأ السيارات بالبنزين العادي، وإنما بغاز الميثان الحيوي ، حيث تتم عملية تحويل المخلفات إلى غاز الميثان العالي الجودة مباشرةً في مكب النفايات، وتمر بعدة مراحل يتم فيها تنظيفها وتصفيتها لتصبح صالحة للاستخدام، وذلك في نفس المكان والمباني المجاورة لمحطة الوقود، حيث تتم عملية التنظيف والتشطيب الأولي للغاز، ليبقى في الأخير عبارة عن غاز خام خالي من المياه ومن ثاني أكسيد الكربون وكبريتيد الهيدروجين، ويصبح الغاز الخام صالحاً للاستخدام كوقود يجب أن تكون نسبة الميثان أو القيمة الحرارية للغاز 87 في المائة على الأقل. وعلى الرغم من التكلفة الإضافية الأولى لإعادة هيكلة محرك السيارة وتحويله من نظام البنزين إلى الغاز، فإنه يعد استثماراً مربحاً يوفر حوالي 80 يورو أسبوعياً، وهو ما يعني حوالي ثلث التكاليف المعتادة، بعد ارتفاع سعر البنزين العادي بشكل كبير في السنوات الأخيرة ليصل ثمن اللتر في جنوب أفريقيا في الوقت الراهن إلى أكثر من يورو، وعبر الميثان الحيوي المستخرج من النفايات، يمكننا تزويد وسائل النقل العام كالحافلات وسيارات الأجرة لسد حاجياتها من الطاقة. vوفيما يتعلق بالحفاظ على البيئة، فإن غاز الميثان الحيوي مناسب جداً، لأن احتراق الميثان يخلّف انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون بشكل أقل مقارنةً مع البنزين العادي، وبالإضافة إلى ذلك، فإن الميثان يضر الغلاف الجوي في طبيعته الأولية لهذا ينصح باستخدامه كوقود قبل اختلاطه بهذه الطبقة المحيطة بكوكب الأرض لبعض الأسباب، أهمها أننا نستخدم غاز الميثان لكي يحترق داخل محرك السيارة، وبهذا يتم الاستفادة من محتوى الطاقة فيه، بعدها يتبقى غاز ثاني أكسيد الكربون والماء فقط، وهو ما يجعل غاز الميثان أكثر ملائمة من الناحية البيئية.